العدد 1221 - الأحد 08 يناير 2006م الموافق 08 ذي الحجة 1426هـ

دولة الرفاهية والحماية الاجتماعية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

إحدى التسميات التي كانت تطلق على الدول المتقدمة اقتصادياً هي «دولة الرفاهية»، بمعنى أن كل فرد يعيش ضمن حدود تلك الدولة يستطيع ان يحصل على مستوى معيشة (عمل، سكن... إلخ) لائق، وان الدولة لا تسمح بهبوط ذلك المستوى عن الحد الأدنى، وتتدخل لمساندة العاطلين والمحتاجين عبر علاوات (معاشات) شهرية مستمرة. دولة الرفاهية هي تلك الدولة التي تمتلك «شبكة ذهبية» لحماية الفقير والمحتاج، وهذه الشبكة تمنع سقوط هذا الفرد أو ذاك دون المستوى الأدنى للمعيشة.

في مقابل «دولة الرفاهية» هناك مفهوم «الحماية الاجتماعية»، وهو مفهوم يتحدث عن ان حماية الفئات الضعيفة في المجتمع ليست فقط مسئولية الدولة (كما هو حال دولة الرفاهية) وانما هي مسئولية مشتركة بين الدولة والجمعيات الأهلية والمؤسسات المتخصصة.

مهما يكن مصدر الدعم، فإن المبادئ الأساسية لدولة الرفاهية والحماية الاجتماعية هو ضمان مستوى الحد الأدنى للمعيشة وعدم السماح بالهبوط تحت خط ذلك المستوى، والتدخل بشكل أوسع في حال تعرض أمن المواطن المعيشي لهزة مفاجئة، وضمان تقديم خدمات أساسية لجميع المواطنين.

في البحرين (والخليج عموماً) يتكرر الحديث عن عدم حاجتنا لدولة رفاهية أو حماية اجتماعية لأن التعليم مجاني والصحة مجانية، وعدد من السلع الغذائية الضرورية تحصل على الدعم الحكومي. ولكن هذا الانموذج غير صحيح لأنه توزيع غير عادل للرعاية، والفقير والغني يتساويان في الحصول على خبز بسعر واحد، ولحوم بسعر واحد، ووقود بسعر واحد... إلخ. وهذا يعني أن المال الذي تدفعه الدولة يمكن أن يعاد ضخه ولكن بشكل مختلف بحيث يصل الدعم إلى الفئات الضعيفة فقط.

المشكلة أنه اذا لم يكن هناك نظام للحماية الاجتماعية نصل إلى النتيجة التي وصلنا إليها من وجود بطالة مقنعة (موظفون من دون عمل في الوزارات والإدارات الرسمية وبعض الشركات الحكومية المتضخمة) وانتشار لبطالة حقيقية (عشرون ألف مواطن) من دون أي معاش شهري يحميهم من الضياع (ونأمل ان يساهم المشروع الوطني للتوظيف في حل هذه المشكلة)، وضياع المال العام في مرافق ومصروفات لا تحتاجها.

لقد فشلت الحكومة (بشكل عام) في حماية الفئات الضعيفة في المجتمع لأنها وزعت ما لديها من مال بشكل غير عادل، وحالياً فإن وزارة التنمية الاجتماعية مثلاً تصرف لبعض الفئات (الشيخوخة، الارامل، المطلقات، العاجزون عن العمل... إلخ) مبلغ خمسين ديناراً شهرياً، وتدفع إلى عائلة محتاجة تتكون من ستة أفراد وأكثر مبلغ مئة دينار شهرياً. وجميعنا يعلم ان هذه المبالغ لا تسمن ولا تغني من جوع في وقتنا الحاضر.

لقد بادر أفراد المجتمع، ومنذ نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي، إلى تأسيس صناديق خيرية لدعم الفقراء، وهذا شكل من أشكال التضامن الاجتماعي، ولكن الصناديق لا تستطيع ان توفر «الشبكة الذهبية» التي تتطلبها أنظمة «الحماية الاجتماعية». اننا بحاجة إلى إعادة النظر في كيفية تعاطي الدولة مع موضوع الحماية الاجتماعية، ونحتاج إلى مساندة مشروعات الإصلاح الحالية التي تحاول حل جوانب من المشكلة، ونحتاج كذلك إلى تغيير الثقافة السائدة التي تتهرب من خلال الحديث عن خدمات تعليمية وصحية مجانية. فنحن دول نفطية، وبإمكاننا أن نستخدم الأموال بشكل أفضل، كما هو الحال مع دولة نفطية متقدمة مثل النرويج، ونستطيع أن نرفع مستوى المعيشة ونحفظ شيئاً مما هو متوافر حالياً للاجيال المقبلة، من خلال «الحماية الاجتماعية» المتطورة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1221 - الأحد 08 يناير 2006م الموافق 08 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً