العدد 1218 - الخميس 05 يناير 2006م الموافق 05 ذي الحجة 1426هـ

الروح الرياضية والاستطلاعات!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان الرئيس المصري السابق أنور السادات، يتفاءل «ويهشّ ويبشّ» كثيراً بالرقم , في المئة! ففي كل انتخابٍ يجريه كان يحصل على هذه النسبة، (طبعاً لم يكن معه من ينافسه حينذاك، ولا ندري لمن كانت تصوّت تلك الفئة الضالة البالغ حجمها , في المئة من كتلة الناخبين)! وفي كل انتخابٍ برلماني كان يحصل حزبه على النسبة ذاتها، وكان يصدّق نفسه انه باقٍ في منصبه استجابةً لرغبة الشعب المصري وانصياعاً لأوامره... ليس إلاّ!

طبعاً كان للسادات حزبٌ عتيقٌ من «إعلام وصحافة الموالاة»، أدخلت في روعه انه أعظم رئيسٍ مرّ في تاريخ مصر، حتى انه كاد يطير فرحاً حين وصفه أحدهم بأنه «آخر الفراعنة»!

على ان الاستطلاعات ولعبة الأرقام، سلاح ذو حدين، إذا «فلتت» جرحت! من ذلك ما نقلته إحدى وكالات الأنباء مطلع هذا الاسبوع، عن استطلاع للرأي أجرته مجلة «الجريدة الأخرى» في المغرب الشقيق، عن شخصية العام ، وتصدّر الاستطلاع رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة إدريس بن زكري، متقدماً على العاهل المغربي محمد السادس.

حصول العاهل المغربي على المرتبة الثانية، أثار موجةً من الانتقادات من قبل شخصيات مقرّبة من الحكم شاركت بنفسها في الاستطلاع، وصدرت ردود فعل حانقة لدى حزب «الموالاة»، فبدأت حملة تحريضٍ مبطنة ضد المجلة، على طريقة الفريق الرياضي الذين يرفض نتيجة المباراة إذا كانت في غير صالحه، فيقوم بتكسير المدرجات أو يشتم حكم المباراة، لأنه السبب في كل مآسي العالم!

أحد المستشارين قال في تصريحاتٍ صحافية إن «الملك المغربي هو ضامن المؤسسات والحريات في البلاد، ولا يمكن أن يدخل في منافسةٍ مع أحد»!

المتحدث باسم الحكومة ووزير الاتصالات اعتبر الاستطلاع يشكّل «احتقاراً حقيقياً وينطوي بوضوح على الإيمان السيء وإرادة الضرر»، وهو ما يوقع القاريء الخليجي على الأقل في ورطة، لصعوبة إيجاد رابطٍ بين استطلاعٍ للرأي، وبين «الإيمان السئ» وإرادة الضرر!

أما «وزير العلاقات مع البرلمان» فقد ذهب إلى نقطةٍ أبعد، احتياطاً للمستقبل، وتحصيناً للبلد من نفثات الشياطين وألاعيب الصحافيين الملاعين، بقوله إن «هناك حاجةً ملحةً في المغرب لقانونٍ ينظّم استطلاعات الرأي»، رافضاً فكرة أن يخوض ملك المغرب منافسةً على لقب رجل العام!

رئيس تحرير المجلة توفيق بوعشرين ردّ على تلك الانتقادات التي تفتقر إلى الروح الرياضية بقوله ان مجلته وجّهت سؤالاً محدّداً بشأن الشخصية التي طبع تأثيرها العام ، لنحو شخصية، نافياً وجود أي تدخل أو تعليق من جانب مجلته.

وفي ردّه على استنفار حزب «الموالاة»، رفض بوعشرين بشدة أن يكون الاستطلاع «يشكّل تعرّضاً لشخص الملك محمد السادس في أي حال من الأحوال»، واعتبر ان الحملة الإعلامية تظهر «المدى الذي بلغه الطابع المحافظ والمنغلق لدى النخبة السياسية، غير المعتادة على استطلاعات الرأي».

العالم «الناضج»، تجري فيه الاستطلاعات المنتظمة، ويحرص الرؤساء والزعماء ورؤساء الحكومات وقيادات الأحزاب على معرفة نتائجها أولاً بأول، لأنها تشكّل مؤشراً على مدى شعبية كل طرف، فتفيدهم في تصحيح مساراتهم، وتدارك أخطائهم، والاستزادة من إيجابياتهم، أما في عالمنا الثالث المنغلق التعيس، فتقطع «الحاشية» الطريق على أصحاب الشأن لئلا يعرفوا الحقائق، وليبقوا غارقين في جنة الـسادات... ألم يكن في جيبه دائماً . بالمئة من الأصوات؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1218 - الخميس 05 يناير 2006م الموافق 05 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً