صور وإعلانات في كل مكان، ملونة، مضاءة، مبهرجة. .. يكاد حجمها يزغلل العيون لضخامته... لقد باتت شوارعنا مسرحاً ومرتعاً للدعاية... لكل شيء وعلى حساب كل شيء وضاعت أناقة وجمال هذه المدينة الصغيرة التي باتت منتفخة من كثرة ما نفخ فيها واستغلال كل زاوية وتشعويهها باختلاف الألوان والأشكال وتتكرر هذه الإعلانات في كل مناسبة، وحتى دينيا الحنيف، لم يسلم من ذلك فالكل يريد أن يكسب... ولزيادة تحفيز الناس على التبرعات، ولزيادة المكاسب عند بعض رجال الدين؟ ومن دون مساءلة من أين لك هذا؟، ويبدو أن البلدية والوزارات والمحافظات كلها مشتركة في اللعبة، والكل يزايد على الكل وكالمثل القائل (يا أرض اتهدي ما عليك قدي) أليس هو عصر الانفتاح المادي؟ وإذ إنه من المفترض أن تكون البلدية والمحافظات رموز المحافظة على جمال المدينة، كانوا من أشد المنافسين في العرض... وفي الضخامة... فهل هذه الأموال التي تصرف هي من الفائض؟ أم هي من قسم الدعاية والعلاقات العامة؟ في الوقت الذي تعاني فيه القرية البحرينية من أبسط المقومات للشوارع والكهرباء... تهدر الأموال العامة في أماكن للعلاقات العامة مثل هذه، لقد باتت شوارعنا عرضة لمن يدفع أكثر وضاع الذوق العام... وأما زوار البلاد من الأجانب والجاليات فهم مدهشون لضخامة الصور الإعلانية... والتنافس والقدرة الفائقة لهذه الفئات المتسلقة من رجال الأعمال والمسئولين... في استغلال الشخصيات المهمة والزعماء للتشهير ولوضع أسمائهم ونشاطاتهم عليها. ان في ذلك استفزازاً للمواطنين والزوار... وهم يحاولون «ضرب عصفورين بحجر واحد»، فبالإضافة إلى الفائدة الإعلانية المربحة تستتغل أيضاً للتقرب إلى السلطة وهو استغلال واضح وصريح للموقف. فبغض النظر عن أن هذه الصور تحجب جماليات المدنية من تغطية للأشجار والورود أو بعض المباني والتماثيل الانيقة فهي مصدر هدر مادي ومضيعة للثروات التي بالامكان استغللاها بطريقة أفضل لتحسين الوضع في الشوارع والقرى البائسة، (إذا ما كان لدينا فائض)... إن مثل هذه الأمور لا تحدث في الدول المتقدمة... وصور الزعماء ليست للدعاية والإعلان، وكمية الجهل والاستغلال المادي وتضيع ثروات البلاد في هذه المنطقة المتواضعة مادياً يحدو بنا إلى التفكير: هل من يترأسون الأجهزة الأساسية في الدولة يعون ما يدور حولهم حقاً من إهدار للمال العام؟، أم انهم لم ينتبهوا لهذه النقطة الحساسة؟ إنني أرى انه لا بدأن تكون لدنيا الشجاعة الأدبية الكافية لمحاربة مثل هذه التصرفات الرجعية، إن احترامنا لرموز السلطة وقادة هذه البلاد أرقى من أن تستغل بهذه الطريقة الدعائية وعرضها في الشوارع لأغراض خاصة، فهم أكبر وأعظم شأناً من ذلك. إنما الصورة هي رمز وضرورة وضحها في الأماكن اللائقة بها والذي يضفي عليها كل الاحترام والخصوصية اللازمين... وهناك المكاتب والوزارات والبيوت... هي الأماكن المناسبة لوضعها فيها وبشرط ألا يغالى في أحجامها، وأن تكون متناسبة مع حجم المكان المعلقة عليه أيضاً. فهذا يزيد من هيبتها وقوتها... إن ضخامة الصورة لن يزيد من الهيبة والقوة أو المكانة الخاصة في قلوب الناس، فهم في قلوب شعوبهم دائماً، وان المحبة لا تشترى وإنما تكتسب على ما يقدمه الزعماء من تضحيات ومحبة وعطاء لشعوبهم... ومع الحب والتواضع والتواصل الإنساني. فيما بينهم. إنني في النهاية أزداد فخراً بحرية الكلمة التي ساعدتني على التعبير عما نراه وإبراز الهفوات التي قد ترد أحياناً ومن دون انتباه. ورجائي من المسئولين النظر أولاً وأخيراً إلى حماية رموز السلطة الأعزاء والمحافظة على الورود والأشجار
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1217 - الأربعاء 04 يناير 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1426هـ