العدد 1217 - الأربعاء 04 يناير 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1426هـ

خطوط متوازية

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

التحركات المتوازية التي تشهدها الساحات اللبنانية والعربية والإقليمية والدولية هل ستبقى مستمرة من دون نتيجة أم ستسفر عن إنتاج تسوية معقولة ترضي مختلف الأطراف؟ التحركات والاتصالات واللقاءات والزيارات المتبادلة تبدو حتى الآن أقرب إلى خطوط متوازية ما تكاد تلتقي على نقاط حتى تختلف على نقاط أخرى. في الجانب اللبناني مثلاً لاتزال الحكومة معطلة بانتظار ما ستسفر عنه الاتصالات التي يجريها الرئيس فؤاد السنيورة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة حزب الله. وفي الوقت الذي لايزال لبنان يعاني من أزمة تعطيل وزارته بعد اغتيال جبران تويني واستعجال الحكومة بتقديم طلب إلى مجلس الأمن بشأن إنشاء محكمة ذات طابع دولي ظهر توتر آخر أثاره كلام نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام إلى محطة «العربية». فكلام خدام فتح مشكلة جديدة موازية لتلك المتصلة بعدم التوافق الوزاري على جدول أعمال وطني وموحد. كلام خدام أطلق بدوره سلسلة تحركات موازية. فمن الجانب العربي تحركت مصر وقام الرئيس حسني مبارك بزيارة سريعة إلى جدة التقى خلالها العاهل السعودي لبحث التداعيات والاتفاق على مخارج تحتوي تدهور العلاقات اللبنانية ­ السورية وتمنع تحرك القوى الكبرى لاستغلال الكلام باتجاه المزيد من التشدد أو فرض عقوبات تؤدي إلى الفوضى وزعزعة الاستقرار. هذا التوافق المصري ­ السعودي حمله الرئيس مبارك إلى باريس وطرحه كصيغة مشروع يمكن التفاهم على أساسه مع فرنسا ومن خلالها مع دول مجلس الأمن للعمل على ضبط الانفعالات ومنعها من تسخين نقاط توتر ستعرض المنطقة إلى مشكلات في حال لم تبادر الأطراف المعنية إلى تبريدها. وعلى خط مواز أيضاً يقوم وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بزيارة تستمر ثلاثة أيام إلى لبنان يلتقي خلالها بعض الأطراف الرسمية وغير الرسمية ولا تعرف حتى الآن الأفكار التي نقلها معه وهل تهدف إلى تسوية الأمور أم الدفع باتجاه المزيد من التوتير الداخلي؟ هذه التحركات المتوازية في لبنان وخارجه تبدو حتى الآن تسير على خطوط متقابلة نظراً إلى وجود تعقيدات تعترض كل فريق... وبسبب امتناع كل طرف عن التنازل لتذليل العقبات وتسهيل الفرص لإعادة نسج تسوية داخلية تقوم على معادلة بسيطة هي: احترام الأطراف لخصوصيات وظروف بعضها بعضاً. فلبنان لا يحتمل التشدد ولا يمكن أن تتوازن قواه بتغليب فريق وجهة نظره كاملة على الفريق الآخر. فالتوازن اللبناني يقوم أصلاً على التوافق على الحد الأدنى وليس على غلبة الحد الأقصى. وهذا الأمر تدركه مختلف الجهات، لكنها أحياناً لا تعمل به لحسابات تتعلق بخصوصيات ضيقة أو لتدخلات خارجية تستخدم الضغط لمنع الفرقاء من التواصل والحوار انطلاقاً من قاعدة احترام الاختلاف. من يراقب المشهد اللبناني في أبعاده الإقليمية والعربية والدولية يلاحظ تلك الخيوط المتوازية التي تتحرك على الخطين الساخن والبارد. فهناك خطوط دولية تدفع باتجاه التصعيد مستفيدة من كلام خدام وهذا ما ظهر من خلال طلب لجنة التحقيق الدولية استدعاء أعلى مسئول في الدولة السورية أو من خلال تصريحات السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون التي اتسمت بالتشدد في التعامل مع تطبيق بعض فقرات القرار .1644 وهناك خطوط إقليمية وعربية موازية تتجه نحو سلوك يتسم بالموضوعية بهدف تبريد التوتر واحتواء القلق حتى لا تنزلق المنطقة نحو نقطة التصادم. هذه الخطوط المتوازية بين تحركات تدفع نحو التسخين وتحركات تميل نحو التبريد تلقي بظلالها على الساحة اللبنانية، ومنها يمكن رصد الاتجاه الذي ستلتقي في نهايته مختلف الاتصالات واللقاءات والزيارات المتبادلة التي امتدت رقعتها من بيروت إلى الرياض وجدة ودمشق والقاهرة وباريس ولندن وصولاً إلى الأمم المتحدة في نيويورك. هل تنجح تحركات الخطوط المتوازية في نسج تسوية، ولو مؤقتة، تبدأ بإعادة الروح إلى الحكومة اللبنانية ومنها تنتشر إلى مختلف الأطراف المعنية بالتحقيق أم تستمر التحركات على خطين متوازيين أحدهما ساخن والآخر بارد؟ الجواب يحتمل الانتظار إلى ما بعد يوم العيد.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1217 - الأربعاء 04 يناير 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً