يتأمل مقال اليوم في مسألة التجاوزات المسجلة في تقرير ديوان الرقابة المالية للعام 2004 ضد شئون السياحة. المعروف أن شئون السياحة تتبع وزارة الإعلام، وعليه فإن الوزارة مسئولة عن تصرفات الشئون. وتضمن التقرير انتقادات لاذعة لشئون السياحة على خلفية عمل غالبية المنشآت السياحية من دون تراخيص صالحة، إضافة إلى ارتكاب الكثير من المرافق السياحية لتجاوزات متنوعة مثل تأجير جزء من المطعم من الباطن. بداية لاحظ التقرير عدم وجود رسالة واضحة فضلا عن أهداف محددة ومعتمدة ترغب شئون السياحة في تحقيقها، انما كانت هناك أهداف عامة مثل تطوير المواقع الأثرية واستغلال المقومات السياحية في البلاد... لكن لا توجد إجابات لأسئلة مثل: متى وكيف؟
نبه تقرير ديوان الرقابة إلى وجود أخطاء في أعمال مختلف الأقسام، وخصوصاً قسم التراخيص السياحية. فقد تبين أن 75 في المئة من المنشآت السياحية في البلاد (327 من أصل 434 منشأة) تعمل من دون تراخيص صالحة، وهذه الحقيقة تعود إلى تاريخ أبريل/ نيسان .2005 كما لاحظ التقرير فشل قسم التراخيص باتخاذ إجراءات محددة على رغم اكتشافه لوجود مبان للشقق المفروشة غير المرخصة. إضافة إلى ذلك لوحظ أن القسم منح ترخيصاً لفتح مكتب لجلب الفرق الفنية على رغم أن المكتب يقع في مبنى سكني. أيضاً منح قسم التراخيص السياحية موافقة مبدئية لمواقع بعض المنشآت من دون معاينتها من قبل قسم الرقابة السياحية.
وطالما انتقلنا بالحديث عن قسم الرقابة السياحية فقد أشار التقرير إلى عدم قيامه بتقييم صحيح للمنشآت السياحية العاملة في البلاد للتأكد من استمرار عملها بالشكل المناسب. فمثلاً، لا يقوم القسم بالتقييم السنوي للفنادق للتأكد من التزامها بالشروط اللازم توفّرها. كما أن القسم يقوم بتقييم محدود في أحسن الأحوال وذلك عند حلول موعد تجديد التراخيص. كما نبه التقرير إلى حدوث مخالفات صريحة مثل تحويل بعض المطاعم إلى مراقص، فضلاً عن تجاوزات أخرى مثل قيام بعض المطاعم السياحية بتأجير جزء من المطعم من الباطن وتحويل الطابق العلوي إلى غرف نوم، فضلاً عن إضافة نشاط مقهى من دون الحصول على ترخيص،
أشار التقرير إلى عدم توافر سجل متكامل وموحد للمرافق السياحية المرخصة في المملكة. بل إن هناك قوائم غير محدثة للمرافق المنتشرة في أطراف البلاد. أيضاً نبّه التقرير إلى عدم مطابقة سجل المنشآت السياحية في وزارة الصناعة والتجارة مع سجل شئون السياحة. وأكثر ما يخشى في هذا الأمر هو وجود منشآت تقدم الخدمات السياحية من دون ترخيص من شئون السياحة بوزارة الإعلام. يبدو جلياً أن قسم التراخيص غير مهتم ببعض الأمور الاعتيادية مثل الصحة والسلامة والذوق العام بدليل عمل عشرات المنشآت السياحية من دون تراخيص محدثة، فضلاً عن منحه ترخيصاً لمكاتب فنية في بناية سكنية. إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى عدم وجود أنظمة ولوائح واضحة ومعتمدة بخصوص الأنشطة المسوح بها لكل فئة من الفنادق (غالبية الفنادق في البحرين من فئة نجمتين). وقد سجّل التقرير ضعفاً في تجاوب شئون السياحة مع بلاغات وزارة الداخلية بخصوص المخالفات المرتكبة في بعض المرافق السياحية. أيضاً، نبّه التقرير إلى صدور قرارات بخصوص غلق بعض المرافق السياحية لكن من دون دعمها بإنذارات كتابية. وقد تركّزت هذه المخالفات المزعومة بخصوص أمور مثل اختلاط الفنانات بالزبائن والتنقيط بالورد والقلائد.
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى عدم وجود متابعة كافية من الشئون فيما يخص تحصيل الرسوم على الخدمات الفندقية. ويتطلب الأمر تقديم الفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات السياحية لبياناتها المالية حتى يتسنى إلزامها بدفع الرسوم الفندقية والتي بدورها تفرض على الزبائن. بيد انه لوحظ أن جميع فنادق الخمس نجوم و91 في المئة من الشقق المفروشة لم تقم بتقديم البيانات.
أما بخصوص الترويج السياحي فقد لاحظ التقرير ان إدارة الترويج والتسويق السياحي تصرف سنوياً 400 ألف دينار على المشاركات في المعارض الدولية. في المقابل لم تقم الإدارة بتوظيف الأساليب العلمية للوقوف على مدى فعالية وجدوى مشاركاتها. كما تم الكشف عن حدوث تجاوزات أخرى مثل تكليف أفراد غير مرتبطين بإدارة الترويج والتسويق لكنهم من موظفي وزارة الإعلام لتمثيل البحرين في بعض المناسبات الدولية على رغم أهمية عامل الاختصاص في مثل هذه الأمور. ختاماً، يكشف الجزء اليسير ممّا أشرنا إليه عن وجود الحاجة الماسة لإجراء عملية قيصرية لإنقاذ وزارة الإعلام، وخصوصاً أن هذه الوزارة مسئولة عن سمعة المملكة. وقد يكون أفضل حل هو حل الوزارة وتقسيمها إلى هيئات مستقلة. مقال يوم الاثنين يتأمل في تجاوزات المؤسسة العامة للشباب والرياضة، كما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1217 - الأربعاء 04 يناير 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1426هـ