ارتحل إلى الرفيق الأعلى أمس المغفور له باذن الله نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم. والشيخ مكتوم كان حاكم إمارة دبي منذ العام ،1990 وهو الأخ الأكبر للشيخ محمد بن راشد، الذي عين ولياً للعهد في العام ،1995 وأصبح حاكم دبي منذ الأمس ارتحل الشيخ مكتوم عن الدنيا بعد أن شاهد التطور السريع لإمارة دبي، التي كانت وحتى منتصف الثمانينات لا تذكر كثيراً، ولكنها أصبحت الآن أشهر من نار على علم. والشيخ مكتوم كان له دوره في صون دولة الإمارات العربية المتحدة التي انطلقت منذ مطلع السبعينات بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأصبحت الإمارات ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية. إمارة دبي شهدت حركة متسارعة من النمو خلال السنوات الماضية بمعدل يتراوح ما بين 7 و 10 في المئة، واستطاعت الإمارة أن تفصل السياسة عن التجارة، بحيث أن ميناء «جبل علي» أصبح من أهم الموانئ للاستيراد وإعادة التصدير إلى إيران وإلى إفريقيا وإلى باقي الدول المحيطة. وأصبحت دبي الآن من أهم الموانئ العالمية، واستطاعت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي شراء واحدة من أكبر شركات النقل البحري في العالم، وهي شركة «بي أند أو» البريطانية بقيمة 5 مليارات دولار. وهذه الشركة تعتبر من أكبر الشركات التي اعتمدت عليها حركة النقل البحري البريطانية، وتاريخها يمتد إلى الفترة التي كانت فيها بريطانيا تتسنم موقع القوة العالمية المسيطرة على البحار وما وراء البحار في أرجاء المعمورة قبل أكثر من قرن. على أن نجاحات دبي أصبحت مادة للدراسة، لأن الإمارة تحدت قوانين الاقتصاد، واستطاعت أن تنجز الكثير خلال فترة وجيزة، والأمل في أن يستمر هذا النجاح، وان تستفيد دول الخليج من تجربة دبي، وان تحذر من بعض المؤشرات التي قد تتحول إلى السلبية إذا لم يتم الالتفات إليها حالياً. فعدد السكان في دبي يزداد سنوياً بمعدل 6 في المئة، وحالياً يسكنها نحو مليون ومئتي ألف نسمة، وعدد الأجانب أكثر من 80 في المئة. ومع الأيام سيقل عدد المواطنين وربما تصل النسبة في العام 2020 إلى نحو 5 في المئة من مجموع السكان المتوقع وصوله إلى 5 ملايين نسمة. ولاشك في أن مشكلة العمال الوافدين ستكون مطروحة في الخليج بشكل أكبر مما هي عليه الآن لأن هناك اتفاقات دولية تدعو إلى منحهم الحقوق المدنية، وربما السياسية. وحاول مجلس التعاون معالجة الأمر خلال الأشهر الماضية واقترح تحديد مدة إقامة العامل الأجنبي بـ 6 سنوات، ثم سرعان ما تراجع عن ذلك بعد أن واجه صعوبات جمة. على أن دبي واعية لهذه التحديات، وهي بدأت تتوسع إلى الخارج من أجل تنويع الاقتصاد، وأحد المشروعات العقارية الضخمة في البحرين انطلق من دبي، كما أن الاستثمارات ذاتها بدأت تنتشر في بلدان أخرى، ما يؤكد حرص حكومة دبي على توسيع مجالات عملها بما يخدم المنطقة ويعود بالنفع عليها أيضاً. رحل المغفور له الشيخ مكتوم عن الدنيا بينما يتردد بين أصحاب الأعمال بأن ما بين ربع إلى نصف الرافعات في العالم توجد حالياً في دبي في خدمة المشروعات العقارية التي تبلغ قيمتها الاجمالية نحو 200 مليار دولار، بما في ذلك مشروع «دبي لاند» الذي أعلن عنه في 2003 بقيمة 5 مليارات دولار ويتوقع أن يبدأ العمل فيه هذا العام والمتوقع أن يحتوي على أكبر مجمع للتسوق في العالم. يرحل الناس وتبقى أعمالهم، والبحرين تشارك دبي في عزائها لرحيل المغفور له باذن الله الشيخ مكتوم، فهو رحل مخلفا ما يذكره الناس بخير ويلتحق بالرفيق الأعلى، بينما تستمر رحلة التنمية والبناء.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1217 - الأربعاء 04 يناير 2006م الموافق 04 ذي الحجة 1426هـ