العدد 3144 - السبت 16 أبريل 2011م الموافق 13 جمادى الأولى 1432هـ

السيد علوي الغريفي... رحيل صاحب الحوزة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ودّعت البحرين بعد ظهر الجمعة الماضي العلامة السيد علوي الغريفي إلى مثواه الأخير، في موكبٍ جماهيري انطلق من مأتم السادة، مروراً بالجامع الكبير انتهاءً بمقبرة عالي. وتقدّم الموكب كبار العلماء، السيدجواد الوداعي، الشيخ عيسى قاسم، السيدعبدالله الغريفي، الشيخ أحمد العصفور، الشيخ محمد صالح الربيعي والشيخ عبدالحسين الستري.

مراسم التشييع بدأت صباحاً بمنطقة النعيم غرب العاصمة المنامة، حيث طافت بـ «حوزة الغريفي للعلوم الدينية» التي أسسها السيّد قبل نصف قرن، وتخرّج تحت ظلالها الكثير من العلماء والخطباء والمبلّغين.

وُلد السيد الغريفي مع نهاية الحرب العالمية الأولى (1919)، لأبوين ينتميان لهذه الأسرة العريقة، التي أنجبت الكثير من علماء الدين المعروفين على مستوى البحرين والعراق ودول الخليج. تُوفّي والده وهو في الثانية عشرة، فتكفّلته والدته بالرعاية والاهتمام، حيث لعبت دوراً كبيراً في حثّه على الدراسة وطلب العلم، وكانت تصحبه إلى معلّم القرآن (الكتّاب) ليتلقى مبادئ الكتابة والقراءة. وقبل أن يبلغ الخامسة عشرة، بدأ بدراسة مقدمات الدراسة الدينية من اللغة العربية والبلاغة والمنطق، فالفقه والأصول. وكان من أساتذته الشيخ عبدالله المصلي، والشيخ محمدعلي حميدان، والشيخ باقر العصفور، والشيخ عبد الله آل طعان، والقاضي الشيخ عبد الحسين الحلي.

في الثامنة عشرة، وقبل عامين من نشوب الحرب العالمية الثانية، فقد بصره بسبب إصابته بالجدري. هذه الإعاقة رغم صعوبتها لم تمنعه من مواصلة مشواره العلمي، فـ «ما عجز بدنٌ عمّا قويت عليه الهمّة» كما قال الإمام الصادق (ع). فاستمر حتى أنهى دروس المقدمات في البحرين، وكان يراوده حلم مواصلة الدراسة العليا، وهو ما حقّقه بعد أن بلغ الثلاثين.

في بداية الخمسينيات، ركب مهاجراً إلى النجف الأشرف لمواصلة دراسته، وهناك تتلمذ على أيدي علماء الحوزة الدينية الكبرى، ومن بينهم السيد محسن الحكيم والسيد أبوالقاسم الخوئي. وهناك أيضاً توفيت والدته ودفنت في مقبرة الغري.

بعد رجوعه إلى البحرين العام 1962، باشر تدريس العلوم الدينية في مجلسه الصغير بمنطقة النعيم، حيث تحوّل مع الأيام إلى حوزةٍ دينيةٍ مهمة، استقطبت الكثير من طلاب العلم، الذين أصبح بعضهم من كبار العلماء، مثل الشيخ عباس الريس، الراحل الشيخ عبدالأمير الجمري، الشيخ عيسى قاسم، السيد عبدالله الغريفي.

لم تنشأ حوزة الغريفي من فراغ، وإنّما كانت امتداداً للحوزة التقليدية التي اشتهرت بها البحرين في قرون سابقة، لتصبح مدرسته من أوائل الحوزات. واستمرت في أداء رسالتها لأربعة عقود، حتى نشأت حوزاتٌ أخرى في السبعينيات والثمانينيات فتوزّع عليها طلاب العلوم الدينية. وفي العام 1990، افتتح أول حوزة دينية نسائية، ضمت أكثر من 400 طالبة.

الحوزة عندما تزورها تجد مكتبةً كبيرةً عامرةً، بمختلف الكتب والمراجع والمخطوطات، التي حرص السيد على اقتنائها منذ سنوات شبابه، حيث يرتادها الطلبة والزوّار. كما تجد مجلسه مفتوحاً لاستقبال الناس، يجيب على الاستفتاءات ويقضي حوائج ذوي الحاجات، ويتولّى قضايا الزواج والطلاق وإصلاح ذات البين والتوفيق بين المتخاصمين.

هذه المنزلة الدينية والاجتماعية جعلته موضع ثقة الكثير من المراجع، وأولاه عددٌ منهم الوكالات الشرعية، من أبرزهم الشيخ محمد أمين زين الدين والسيد محمد باقر الصدر، والسيد الكلبايكاني، والسيد محمد حسين فضل الله، والسيد السيستاني، والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ إسحاق الفياض.

في الأعوام الأخيرة وهن العظم وضعف البدن، وفي الأسابيع الأخيرة أدخله المرض المستشفى، ليسلم الروح عند السادسة وأربعين دقيقة من مساء الخميس (14 أبريل/ نيسان 2011)، بعد ثمانين عاماً قضاها في خدمة العلم والدين الحنيف

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3144 - السبت 16 أبريل 2011م الموافق 13 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً