العدد 3143 - الجمعة 15 أبريل 2011م الموافق 12 جمادى الأولى 1432هـ

كسر الحواجز في تلال الخليل الجنوبية

مايكل أومير مان comments [at] alwasatnews.com

.

في صباح يوم سبت كان يمكن أن يكون هادئاً في أواخر شهر آذار/ مارس في جبال الخليل الجنوبية، واجه ما يزيد على 30 ناشطاً معظمهم من اليهود بأسلوب لا عنفي مفرزة من الجنود الإسرائيليين تحرس مستوطنة على رأس تلة اسمها «ماعون». ضمن عملية تضامن وعصيان مدني احتجاجاً على السياسات التي تستخدم أحياناً لحرمان الفسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، تم اعتقال 16 عضواً من المجموعة من قبل الجيش.

تحدّت عضوة في المجموعة، وهي شابة خدمت في الجيش الإسرائيلي، متحدثة بهدوء من خلال مكبّر للصوت بينما كان يجري اقتياد الناشطين بعيداً، تحدّت الجنود «أن يفكروا بمجموعات القوانين المختلفة التي يعيش تحتها المستوطنون والفلسطينيون، في المرة القادمة التي يؤدّون بها قسم الولاء لحماية ديمقراطية إسرائيل».

يعتقد الكثير من الإسرائيليين (62 في المئة)، أنه يتوجب على إسرائيل أن تفعل المزيد لتحقيق السلام، حسب استطلاع أجراه معهد بروكنجز السنة الماضية، وأن تساند الغالبية حل الدولتين. إلا أن عدداً قليلاً جداً من اليهود الإسرائيليين شهدوا بشكل مباشر الواقع اليومي للحياة الفلسطينية في الضفة الغربية. وفي الوقت الذي يتضايق فيه الغالبية من مناظر على أجهزة التلفزيون وتقارير الصحف عن معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال العسكري، إلا أن عدداً قليلاً منهم فقط يتفاعل ويشكّل علاقات مع الفلسطينيين، وهو عنصر ضروري لتحقيق تعايش سلمي دائم.

تأخذ مجموعات صغيرة عديدة من اليهود الإسرائيليين بعض الوقت من حياتهم اليومية لتشكيل علاقات مع فلسطينيين والانضمام إليهم في الكفاح لإنهاء النواحي الملموسة لمصاعبهم اليومية. لا تسعى هذه الجماعات لدفع عجلة حل سلمي وإنما ببساطة للعمل على تحسين الحياة الفردية والاحتجاج ضد الظلم. وهم من خلال ذلك يدمرون في الوقت نفسه الحواجز الوطنية والعرقية المصطنعة.

ومن هذه الجماعات التي تقوم بأعمال على مستوى الجذور في الضفة الغربية «تعايش»، التي عمل أعضاؤها اليهود الإسرائيليون والعرب في الحقول وساعدوا على حفر الآبار وإصلاح الضرر الذي يتسبب به الجيش والمستوطنون المتطرفون، وعرّضوا أنفسهم للعنف والاعتقال إلى جانب السكان الفلسطينيين في تلال الخليل الجنوبية عبر عقد من الزمان.

يحاول الأعضاء اليهود في الجماعة، مستخدمين أيديهم إضافة إلى وضعهم المفضّل الذي يسمح لهم ضمن أمور أخرى بحرية الحركة في الضفة الغربية، يحاولون وبإصرار منع وتخفيف وعكس الأذى الناتج عن سرقة الأراضي والعنف والوجود العسكري الذي يمكنّه.

من خلال تبنّي مثل المساواة والمشاركة المعمّقة والصداقة والتعاون والتعايش، تكسر هذه الأعداد الصغيرة من الناشطين الإسرائيليين ومعهم الفلسطينيين الذين يعملون عن كثب معهم ويشكلون علاقات معهم، الحواجز التي لا تمنع المجموعتين من الوصول إلى السلام فحسب وإنما تمنع الأفراد الأعضاء في مجتمعاتهم من عيش حياتهم اليومية بسلام.

لا تشكل النشاطات التي يقوم بها أتباع «تعايش» والمجموعات المماثلة في مجال العمل المباشر التي تستند على التعاون، مثل «الحاخامات من أجل حقوق الإنسان»، بديلاً عن عملية السلام أو عن حل سياسي للنزاع الذي تسبب ولعقود عديدة بمعاناة هائلة للفلسطينيين والإسرائيليين. ولكنها تشكّل أساساً مهماً لبناء التعايش وروح التعاون في مجتمعين، ترى في العديد من الأحيان مصيرها عبر عدسة رابح وخاسر.

يذهب ناشطو «تعايش» عبر تنسيق وثيق مع الفلسطينيين الذين تم تشكيل علاقات ذات معنى معهم عبر السنوات، إلى أي مكان هناك حاجة فيه لمعونتهم في أجزاء مختلفة من الضفة الغربية، عدة مرات في الأسبوع.

وفي يوم سبت منذ فترة وجيزة، سارت مجموعة من أتباع «تعايش» عبر التلال الصخرية القاحلة في جنوب الضفة الغربية لتجنب حواجز الجيش ونقاط تفتيشه. كانت مهمة اليوم الجلوس تضامناً مع أسرة فلسطينية لتقدم لها أية حماية ممكنة يمكن لوجودهم توفيرها. وقبل ذلك بأسبوعين، كان أحد أفراد الأسرة قد تعرّض للطعن. وفي مناسبة أخرى وعندما رافق كاتب هذا المقال «تعايش»، سار أفراد المجموعة مع رعاة فلسطينيين لحمايتهم من هجمات عنفية تعرضوا لها بشكل متواصل. وتنضم المجموعة في مرات أخرى إلى مزارعين فلسطينيين أثناء إعداد حقولهم للزراعة والمساعدة على إعادة تأهيل خزانات المياه التي قام المتطرفون المستوطنون بتدميرها.

توفّر مجموعات مثل «تعايش» وأعضاؤها بصيص أمل من التعايش في مكان حيث رغبة الغالبية بالعيش بسلام مع جيرانها نادراً ما تظهر نفسها إلى ما وراء النقاشات السياسية في المقاهي أو المهرجان السياسي بين الفينة والأخرى. وهي كذلك تعرض الحاجة للتعايش والعمل معاً للصالح العام بغض النظر عن الحاجة لتحقيق السلام السياسي

العدد 3143 - الجمعة 15 أبريل 2011م الموافق 12 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً