العدد 3143 - الجمعة 15 أبريل 2011م الموافق 12 جمادى الأولى 1432هـ

مقارنة بين شيرنوبل وفوكوشيما

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

في تاريخ 26 أبريل/ نيسان الجاري سيحتفل العالم بالذكرى الـ 25 لكارثة مفاعل شيرنوبل الأوكرانية والتي امتدت آثارها البيئية والإشعاعية والصحية إلى العديد من دول العالم. بعد ربع قرن من أسوأ حادثة نووية في التاريخ، شهد العالم فصول حادثة جديدة في مفاعل فوكوشيما الياباني مما أدى الى تخوف الرأي العام من تكرار الآثار السابقة بعد رفع الحكومة اليابانية مستوى الخطر الى المستوى 7 وهذا يماثل أقصى حد للخطر وصل اليه مفاعل شيرنوبيل. سيحاول هذا المقال مناقشة أوجه الشبه والاختلاف بين الحادثتين ومن ثم التعليق على مستقبل الطاقة النووية كإحدى الطاقات البديلة للوقود الاحفوري.

سبب الانفجار في حادثة شيرنوبل هو إنساني بالدرجة الأولى فالمفاعل الذري انفجر خلال تجربة لاختبار المفاعل في حال فقد الطاقة الكهربية لكن تسلسل الأحداث أدى الى انفجار إحدى المفاعلات واشتعال النيران في الوقود النووي في قلب المفاعل مما أدى الى انتشاره في الهواء الجوي. المجتمعات البشرية في المناطق المحيطة بالمفاعل لم يكن لها القدرة على الهروب لأن الانفجار حدث فجأة مما عرضهم للإشعاع النووي بدون الحصول على أقراص اليود للوقاية من الإشعاع وبسبب هذا التأخير أصاب العديد من الأطفال سرطان الغدة الدرقية. بالنسبة لهجرة السكان فقد ذهبوا الى مناطق بعيدة لكنهم عادوا بعدة فترة بسبب فقرهم وأيضا تعرضت البلدان المحيطة للإشعاع مما أدى الى مراقبة نسبتها في المواد الغذائية والأراضي الزراعية.

بالنسبة لمفاعل فوكوشيما الياباني فالعنصر البشري لم يخطئ خلال عمل المحطة بل اللائمة تقع على فريق تخطيط المفاعل الذي لم يتوقع قوة أمواج التسونامي وتأثيره على أنظمة الأمان لتشغيل المياه لتبريد المفاعلات. القارئ يستطيع تخيل الصعوبات في حال عرف تأثير حجم صغير من الماء فالمتر المكعب الواحد يزن الف كيلوغرام (طن) وبالتالي وكما شاهدنا في التلفاز ضخامة أمواج التسونامي فالمفاعلات في فوكوشيما تعرضت حتما لأضرار جسيمة من هذه المياه المدمرة.

بالنسبة للتحديات البيئية فقد أدت الانفجارات في المفاعل الذري الى انبعاث غازي السيزيوم واليود في الهواء الجوي وحسب النماذج الرياضية للهواء الجوي فقد اتجهت معظم هذه الغازات الى البحر أما بالنسبة للوقود النووي فلم يتسرب كمفاعل تشيرنوبيل بل ان معظمه لايزال قابعا في المفاعل. بالنسبة لمياه التبريد فقد تسربت المياه الملوثة بالإشعاع الى البحر وهناك تخوف من الرأي العام أدى الى اختفاء قناني المياه من الرفوف في الأسواق.

بالنسبة للصحة العامة فقد استخدم اليابانيون عقولهم التنظيمية للوقاية من الآثار فقاموا بتوزيع أقراص اليود على أفراد المجتمع وإخلاء المناطق القابلة للتعرض للإشعاعات بأقصى سرعة ومن ثم التخطيط لتطهير المناطق قبل السماح بعودة السكان. الأجهزة الصحية في اليابان قامت وبصورة سريعة بالتحاليل لمعرفة درجات التلوث والإشعاع.

المعروف في الأوساط العلمية ان اللوائح والمؤشرات البيئية في اليابان صارمة وهذا الحادث سيكون سببا لزيادة أنظمة الأمان في مجال الطاقة النووية فالعقل الياباني معروف بالخروج من مآسيه بدروس وعبر وبالتالي من غير المتوقع ان يقوم اليابانيون بوقف محطاتهم أو الاستثمار في بناء محطات جديدة

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 3143 - الجمعة 15 أبريل 2011م الموافق 12 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً