شهدت أجواء مملكة البحرين خلال الأسابيع القليلة الماضية تغيرات جوية مختلفة منها أمطار متفرقة، رياح شديدة محملة بالغبار فضلا عن طقس بين معتدل وحار، ومن وجهة نظر «فلكية» أرجع الفلكي علي الحجري ذلك خلال حديثه إلى «الوسط» يوم أمس الأحد (10 أبريل/ نيسان 2011) إلى دخول فصل الربيع أو ما يسمى بالاعتدال الربيعي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية قبل موعده، وذلك قبل 21 يوما من الآن أي في (يوم الاثنين الموافق 21 مارس/ آذار 2011) وذلك بعد أن استمر فصل الشتاء في مملكة البحرين لمدة 88 يوماً و17 ساعة و53 دقيقة شهدت خلاله سماء البحرين أمطارا بين خفيفة ومتفرقة وزادت خلال يومين فقط منه وتقلبات جوية مع بداية الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي حتى قرابة منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي واللذين شهدا درجة حرارة حارة نسبيا نهاراً ودافئة إلى باردة ليلاً.
وقال الحجري إن فصل الربيع حل ضيفاً كثاني أطول فصل في السنة على مملكة البحرين والذي من المتوقع فلكياً أن يمتد لمدة 91 يوماً و17 ساعة و 55 دقيقة، لافتاً إلى أن الشمس بدأت بعد أن تجاوزت الانقلاب الشتوي في حركتها الظاهرية في الاتجاه الشمال تدريجياً بحيث تتناقص ميل أشعتها حتى يبلغ الصفر بعد أن تعامد الشمس على خط الاستواء ليؤدي بذلك إلى تساوي طول فترتي الليل والنهار تقريباً.
وأشار الحجري إلى سببين رئيسيين يتحكمان في طول فترة النهار والليل، وهما ميل الشمس عن خط الاستواء والموقع الجغرافي، موضحاً أنه إذا كانت الشمس عمودية على خط الاستواء، فيتساوى طول فترتي الليل والنهار، بينما كلما ابتعدت الشمس عن خط الاستواء شمالا أو جنوبا زاد الفرق في طول فترة النهار أو الليل وقصرهما، لهذا السبب يفسر طول فترتي الليل والنهار في منطقة القطبين الشمال والجنوبي اللتين تستمران 6 شهور والتغيرات المناخية المصاحبة في منطقة القطبين والتي تبدأ متزامنة مع حدوث الاعتدال الربيعي وهي شروق الشمس عند القطب المتجمد الشمالي لمدة 6 أشهر متواصلة ولتغرب الشمس في القطب المتجمد الجنوبي ولمدة 6 أشهر متواصلة ليكون النظام الليل والنهار معكوسا عند الأقطاب في هذه الفترة.
وبيَّن أنه خلال ظاهرة الاعتدال الربيعي، فإن شروق الشمس وغروبها يتساوى تقريبا من أقصى شمال الكرة الأرضية إلى أقصى جنوبها ويشمل جميع دول العالم المشتركة بخطوط الطول نفسها فقط والموازية لخط غرينتش الوهمي للكرة الأرضية، موضحاً أن طول فترة النهار في مملكة البحرين في يوم الاعتدال الربيعي (21 مارس/ آذار) يساوي 12 ساعة و8 دقائق بينما طول فترة الليل تصل إلى 11 ساعة و52 دقيقة، وذلك بعد ظهور الشمس من الاتجاهات الحقيقية وإشراقها في تمام الساعة (05:41) صباحا وببعد زاوي على يمين جهة الشمال وتساوي 89 درجة و39 دقيقة وغروبها في تمام الساعة (05:49) مساء وببعد زاوي على يسار جهة الشمال وتساوي 270 درجة و41 دقيقة وهو ما يعد من التجارب العملية الفلكية المهمة بالنسبة إلى من يرغبون في التعرف على نقطة الشرق والغرب بدقة في مملكة البحرين، على حد قوله.
وتطرق إلى التراث الفلكي، إذ ذكر أن فصل الربيع في التراث الفلكي يتكون من 7 منازل أولها يسمى سعد السعود يبدأ من 8 حتى 20 مارس ويتميز باعتدال الجو وبداية هبوب الرياح والعواصف، ثانياً سعد الأخبية ويبدأ من 21 مارس/ آذار حتى 2 أبريل/ نيسان ويحدث الاعتدال الربيعي فيه وتتعامد الشمس على خط الاستواء مع ظهور التقلبات الجوية، ثالثاً منزلة المقدم من 3 حتى 15 أبريل ويتميز بوصول درجة الحرارة قرابة 30° درجة نهارا ورياح شديدة ومثيرة للغبار، رابعاً منزلة المؤخر من 16 حتى 28 أبريل والذي يتميز بدخول موسم البوارح وحبوب رياح شمالية غربية محملة بالأتربة والغبار، خامساً منزلة الرشاء من 29 أبريل/ نيسان حتى 11 مايو/ أيار ليكون فصل الربيع في ذروته مع زيادة 5 درجات مئوية لتصل 35° درجة نهارا، سادساً منزلة الشريطين من 12 حتى 24 مايو وتتميز بسطوع أشعة الشمس عند الزوال، سابعا وأخيرا منزلة البطين من 25 مايو/ أيار حتى 6 يونيو/ حزيران وفيه يشتد الحر لتلامس 40° درجة مئوية والسموم في المناطق المفتوحة ويصل الظل الشاخص إلى عصا بطول متر واحد عمودية على سطح الأرض عن زوال الشمس إلى 7.2 سنتيمترات.
وقال: «هناك طقوس مختلفة تقام قبل عدت أيام من يوم الاعتدال الربيعي وتستمر إلى قرابة أسبوعين في بعض دول القارة الآسيوية كعيد «النيروز أو النوروز» أي اليوم الجديد أو الصباح الجديد ومنهم شعب الأكراد والمتواجدون في دول عديدة، والفرس في إيران، والأذريين في أذربيجان، بينما تحتفل مصر بمفردها بقارة إفريقيا بعيد يسمى «بشم النسيم» والتي تتشابه عاداتهم واحتفالاتهم بإقامة مؤدبات ليلة الواحد والعشرين من شهر مارس وتحتوي على سبعة أصناف مختلفة من المأكولات والتي تبتدئ أسماؤها بحرف السين مثل سبزي نوع من الخضار، سفرجل من الفواكه، وسمك، وسماق، وساهون من حلويات بالإضافة إلى وجود السكة وسبيكة من الذهب على هذه المائدة، بينما يبدأون يومهم بالانتشار في السهول والحدائق والبساتين الخضراء محملين معهم مختلف أنواع الأطعمة للاستمتاع بهذا العيد من جهة، ولاعتقادهم بأن الخير والبركة يدخل بيتهم حين خروجهم منها في ذلك اليوم من جهة أخرى».
وختم الحجري بالرجوع إلى تاريخ الاكتشافات الفلكية والمتزامنة مع تاريخ الاعتدال الربيعي، مشيراً إلى أنه تم في مثل تاريخ الاعتدال الربيعي في 21 من شهر مارس من العام 1965 إطلاق المجس الفضائي «رينجر 9» والمكلف بإرسال آلاف الصور الواضحة لسطح القمر وعددها 5814 صورة، بينما توفي قبل يوم من هذا التاريخ في العام 1727 ميلادي عالم الفلك والرياضيات والفيزياء الإنجليزي إسحاق نيوتن عن عمر ناهزه 84 عاماً
العدد 3143 - الجمعة 15 أبريل 2011م الموافق 12 جمادى الأولى 1432هـ