شدد إمام وخطيب جامع قلالي الشيخ صلاح الجودر على ضرورة أن «تبتعد دور العبادة عن القيام بدور (محاكم التفتيش)، فلا تستغل للتصفيات السياسية، أو التطاول على الآخرين، أو نشر سموم الفرقة والخلاف، فدور العبادة لم تُنشأ لذلك، والقلوب لا تهدأ بمثل هذا التعاطي، فمن أراد أن يربي نفسه فيلزم المساجد التي تدعو الله وحده لا شريك له».
وأوضح «ليس لأحد أن يسيء الأدب في دور العبادة، فهي بيوت الله، ينبغي أن تكون لها المكانة العالية، والمنزلة الرفيعة، فلا تتعرض للتشويه أو الإساءة من أطراف تحاول العبث فيها وفي مكانتها ومنزلتها، فإذا كان الدِّين الحنيف ينهى عن البزق (البصق) أو رمي الأذى فيها، فهي كذلك ليست مكاناً للمكبات السياسية القذرة، ولا مكاناً للصراعات الحزبية والطائفية والمذهبية الموتورة، بل هي أماكن للعبادة».
وأشار الجودر في خطبته أيضاً إلى اللقاء الذي جمع وزير الداخلية مع رؤساء المآتم والحسينيات يوم الثلثاء الماضي، مؤكداً ن «علاج المشاكل المجتمعية تبدأ بنشر الوعي المجتمعي، وتأكيد الشراكة المجتمعية في معالجة القضايا والإشكاليات، ولذلك لابد من تعزيز الوحدة الوطنية، تحت قيادة جلالة الملك المفدى».
وتحدث الجودر عن المساجد ودورها بالقول: إن «المساجد في الإسلام لها تاريخها ومكانتها وقدسيتها ودورها في الإسلام، ولها تأثيرها في حياة المسلم، ومع الأسف الشديد يجهل كثير من المسلمين الواجب عليهم تجاه مساجدهم ودور عباداتهم».
وأضاف «المتأمل في تاريخ المساجد ودور العبادة في الإسلام يجد قوة تأثيرها منذ الأيام الأولى لها، فالنبي محمد (ص) بدأ ببناء المسجد كأول مشروع حضاري حال وصوله إلى المدينة المنورة مهاجراً من مكة المكرمة».
وتابع «أقامه (المسجد) من أجل تربية النفوس على الإيمان، وتهيئة القلوب على تحمل الرسالة المحمدية، فكان المسجد منارة علم وتعليم، وتربية وتزكية، هكذا كان المسجد في صدر الإسلام».
وذكر أن «عمارة المساجد لا تكون إلا بهذه الإيمانيات، الإيمان بالله واليوم الآخر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والخشية من الله، لذلك فإن أعداء الأمة اليوم يسعون إلى إبعاد المساجد عن القيام بدورها المجتمعي الذي يعزز الأمن والاستقرار في الفرد والمجتمع، فهم لا يريدون عمارتها، ويسعون إلى إشغالها عن التوحيد والعبادة وذكر الله».
وأكد «حق على المسلم الاعتناء بمسجده الذي يرتاده، فالمسجد هو المكان الجامع للمسلمين، وهو الملجأ لهم وقت الشدائد، وهو منارة العلم والدِّين، والمكان الذي ترتاح فيه النفوس، فالمسجد هو الذي آخى بين القلوب، وجمع الكلمة الحق والدين، ووحد شمل المسلمين، هو المكان الذي تهبط فيه الملائكة، وتنزل فيه الرحمات، وتحل فيه السكينة والخشوع، لذلك حق علينا جميعاً أن تظهر مساجدنا بالمظهر اللائق بها، فنعتني بها».
وأشار إلى الهدف من وجود المساجد، مبيناً أن وجود هذه المساجد «الهدف منه هو تعزيز الأمن والاستقرار المجتمعي، فإذا كنا أمة أمن ونظام، وتسامح وتعايش، فلا بد أن ينعكس ذلك على مساجدنا ودور العبادة، وهذه هي الصورة الحضارية، من هنا فإن للمسجد حقوقاً على مرتاديه، وآداباً على من فيه، فلا يجوز رفع الأصوات فيه، أو استغلاله لغير ما أنشئ له».
وختم الجودر «لقد نهى الإسلام عن أن تتحول مساجدنا إلى ساحات دنيوية، تتصارع فيها الأهواء والمصالح الذاتية، فهي ليست لتجارة الدنيا، بل هي سوق الآخرة والجنة، هي لأرواح المؤمنين»
العدد 3143 - الجمعة 15 أبريل 2011م الموافق 12 جمادى الأولى 1432هـ