العدد 3142 - الخميس 14 أبريل 2011م الموافق 11 جمادى الأولى 1432هـ

أهمية حضور الجمعيات السياسية في المجتمعات المتطورة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يمكن النظر لنشأة الأحزاب أو الجمعيات السياسية المعارضة على أنها بمثابة الاستجابة الطبيعية لحاجة الدولة إلى تنظيم العلاقة بشكل منطقي راقٍ بينها وبين المجتمع الذي تحكمه، ومن ثم يعكس بروز تلك القوى رغبة ذلك المجتمع في تأطير أنشطته، إلى جانب كونه أحد المعايير الرئيسة الملموسة التي يمكن من خلالها قياس حالة التطور التي حققها ذلك المجتمع على المستويين السياسي والاجتماعي. وفي البحرين فتح مشروع الإصلاح السياسي الأبواب على مصراعيها من أجل تأسيس جمعيات سياسية تقع على عاتقها مهمة بناء تلك العلاقة السليمة، التي نتحدث عنها من جهة، والحفاظ عليها وتعزيزها لضمان استمرارها من جهة ثانية. ومن الطبيعي انعكاس الأوضاع السياسية على مستوى وأداء تلك العلاقة. يكفي أن نتفق على حقيقة واحدة هي أنه كلما تأزمت تلك الأوضاع، كلما توترت أيضاً تلك العلاقة، والعكس صحيح أيضاً، فمتى ما سادت عوامل الهدوء والثقة أجواء المجتمع، كلما كانت تلك العلاقة أشد رسوخاً، وأكثر قدرة على تحقيق التفاعل الإيجابي المطلوب بين الطرفين. من هنا تبرز مصلحة الطرفين المشتركة في الدفاع عن حق كل منهما في العيش، والتعبير عن أفكاره، وأيضاً في ممارسة الصلاحيات التي يوفرها له الدستور والأنظمة والقوانين المنبثقة عنه، سوية مع حرصهما أيضاً على عدم نفي أحد منهما للآخر. تجدر الإشارة هنا إلى الاختلاف الجوهري في تلك العلاقة بين المجتمعات التي يتم فيها تبادل السلطة، عن تلك التي تحتفظ فيها قوة معينة بـ «بيت الحكم». وفي المجتمعات التي يتعذر فيها تداول السلطة، تتزايد أهمية وجود، واستمرار جمعيات سياسية، لكونها الجهة الأكثر تنظيماً القادرة على ضبط إيقاع الشارع السياسي، ومن ثم يقع على عاتقها، ضمان عدم انفلات ذلك الشارع، وعدم تطور حركته إلى ما يمكن أن يقود إلى صدامات عنيفة بينه وبين السلطة التنفيذية. لاشك أن تحقيق ذلك مهمة صعبة ومعقدة في آن، وخاصة بالنسبة إلى البحرين، التي تفرض الظروف الإقليمية نفسها بقوة على مسارات تلك العلاقات، نظراً إلى تعقد آليات صنع القرار السياسي في البحرين، ناهيك عن تلك العلاقة الوثيقة بين ما هو محلي وما هو إقليمي.

أخطر ما في الأمر عندما تسيطر حركة الشارع العفوية على صنع قرار تلك الجمعيات، وحينها تفشل تلك الجمعيات السياسية في اتخاذ قراراتها بعيداً عن تلك العفوية غير المحسوبة العواقب، الأمر الذي يفقد تلك الجمعيات، أحد أهم عناصر قوتها، والكامن في قدرتها على اتخاذ قرارات قيادية جريئة. لكن، بالمقابل، يرتفع مستوى تلك الخطورة، عندما تتوهم السلطة التنفيذية، أن في وسعها بناء مجتمع ديمقراطي، دونما أية حاجة إلى حضور تلك الجمعيات السياسي. على هذا الأساس، فإن كانت الأولى مضطرة، تحت ضغط الشارع، إلى اللجوء إلى القرارات الأكثر راديكالية كي لا تفقد حصتها التنظيمية، وربما السياسية أيضاً، في ذلك الشارع، فليس هناك ما يبرر للثانية محاولاتها نفي الأولى تحت تصورات أن خلو الساحة من قوى معارضة يطلق يدها قي تنفيذ مشروعاتها، بعيداً عن أي «مناكف»، الأمر الذي يمكنها من تنفيذ برامجها، «بكفاءة أعلى».

تأسيساً على ذلك، نرى أن هناك حاجة إلى التمسك بحضور الجمعيات في الشارع السياسي من أجل تكامل العملية السياسية النموذجية بين معارضة مسئولة، وسلطة تنفيذية رحبة الصدر واثقة من قراراتها ومن ثم عدم اضطرارها إلى نفي الآخر

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3142 - الخميس 14 أبريل 2011م الموافق 11 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً