الإيمان بالسّوق. كان هذا عنواناً لبحثٍ كتبَتهُ كارلا باور في مجلة Foreign Policy الأميركية في عدد يناير/ فبراير من العام 2009. في السطر السادس عشر من البحث وبعد الدِّيباجة وجدتُ اسم شخص عُرِّف على أنه أحد أعضاء مجموعة نخبويّة لمفكرين اقتصاديين يقل أفرادها عن 20 شخصاً يُعتبرون من أبرع خبراء المال والاقتصاد الإسلامي في العالَم وبلا منازع. الشخص الذي كانت تشير إليه كارلا باور في البحث هو الشيخ نظام يعقوبي أحد علماء البحرين الأفاضل.
أصابني الذهول لأنني تعرّفت على وزن الشيخ يعقوبي من الصحافة الغربية في الوقت الذي لم أتعرّف على مكانته الحقيقية وهو بيننا. رجلٌ يُحتَفَى به في مؤسسات مالية عالمية ضخمة كـ داو جونز وإتش أس بي سي (وهو بالمناسبة عضو في ستين مؤسسة مالية عالمية وإقليمية مرموقة حسب إفادة المجلة) باعتباره الأقدر على مواءمة نصوص دينية من مصادر التشريع مع مشتقات القرن الحادي والعشرين المالية.
أرجع إلى أصل الموضوع وهو الشيخ نظام يعقوبي. الرجل الذي قدَّم أفضل الحُلُول المالية العالمية حتى استطاع أن يجعل واحداً من كلّ خمسة زبائن للبنوك أن يختار منتوجات إسلامية وفقاً لإفادة صحيفة «ميدل إيست إيكونوميك دايغست». ومادام هذا العالِم الجليل قد استطاع أن يخترق جدار النظام المالي العالمي التقليدي فهذا يعني أنه طاقة لا تقدَّر بثمن، والأكثر أنه صاحب ذهنية نقيَّة وثاقبة كانت قادرة على خلق الاستجابة المطلوبة لتساؤلات مُلِحَّة وحسَّاسة فيها من التديُّن والتخريجات والمواءمات ما يجعلها صيغة عصرية بديلة.
هنا فكرة أساسية لها صِلة بواقعنا البحريني اليوم. فالأزمة السياسية/ الاجتماعية التي تعصِف بالبلد ولَّدت خطاباً دينياً واجتماعياً راديكالياً عند البعض إلى حَدِّ الانفجار. خطاب إقصائي طائفي يرمي بكلّ شيء على كل شيء. لا يُراعي حساسية اللحظة ولا حُرمات الناس، ولا جيرتهم مع بعضهم ولا علاقاتهم التاريخية ولا التشابك في المصالح التجارية، ولا النظر إلى كيفية حماية السِّلم الأهلي وتسييجه أمام دعوات التحريض، فضلاً عن الجهل بتكوينات المجتمع وصِلَة أفراده ببعضهم سواء على المستوى الديني أو السياسي.
لذا فإنه وأمام كلّ ذلك المشهد الموبوء، أصبحت الحاجة إلى أشخاص أجلاّء من وزن الشيخ يعقوبي (دون أن ننكر وجود آخرين محترمين أيضاً) الذي أوجد البدائل للنظام المالي العالمي لكي يُؤسسوا ويُديروا خطاباً دينياً واجتماعياً وسياسياً غير انفعالي، خطاباً متعقلاً لا يتعاطى مع اللحظة المأزومة بأخرى مماثلة، وإنما يستنزف جنونها بحضور الحكمة وجعل تلك اللحظة مقطعاً زمنياً خواء، لا يتفاعل معها لا محيط سياسي ولا أهلي، خطاباً يقضي على أي مسعى نحو دعوات التخوين وصبّ الزيت على النار ودفع الناس لمحاربة الناس وفرزهم وتعييشهم في كانتونات مغلقة طائفياً وكأننا نعيد صورة الأحياء القديمة في زيوريخ وبال وزوغ بسويسرا إبان الحروب الدينية الأوربية.
بالتأكيد ليس غريباً أن يكون الشيخ يعقوبي رائداً في مكافحة تلك الآفات بالإضافة إلى جدارته واهتمامه في مجال التخريجات المالية والاقتصاد. فكثيرون هُم الذين عمِلوا بشكل مُزدوج وأبدعوا في عِدَّة مجالات علمية وسياسية وثقافية في آن واحد. فرانسوا أراغو كان عالماً في الفيزياء، ورجل سياسة وصاحب خطاب وبيان أيضاً. خوسيه إيشغاري كان مهندساً وعالِم رياضيات وسياسياً لكنه أيضاً كان عرَّاب الكتابة المسرحية. جيوزيه كاردوتشي كان عضواً بمجلس الشيوخ الإيطالي لكنه أيضاً كان ناقداً أدبياً، وكذلك الحال بالنسبة لـ فتلي سفتسكي وكارل سميث ومايكل ساندل وغيرهم كُثر.
والشيخ نظام يعقوبي هو عالِم دين وخبير اقتصاد وسياسي أيضاً، وباعتقادي أن دوره في إعادة اللحمة بين الناس لا يقلّ عن إبداعاته الأخرى. يستطيع أن يَجبرَ كَسْراً قد حصل، وأن يرتق فتقاً في اجتماع الناس ووحدتهم يُرادُ له أن يتِّسع دون حِكمة من قِبَل المغرضين على البحرين. هذا البلد اليوم بحاجة إلى رجال من أوزان كبيرة كالشيخ يعقوبي، وإلى صيغة خطاب توفيقي هادئ وعلاجي يكون همّ أصحابه هو عنايتهم بمصير الناس والوطن الذي كان على مرّ التاريخ موئلاً للتعايش وليس للصراعات الاجتماعية والدينية
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3141 - الأربعاء 13 أبريل 2011م الموافق 10 جمادى الأولى 1432هـ
نظام غŒعقوبغŒ
جزاه الله الف خغŒر فانه شغŒخ مبارک عند ما نراه علغŒ شاشة الرائغŒ نفرح لراغŒته لکن فغŒ السنوات الاخغŒره قل ظهوره وما ندرغŒ السبب عسغŒ المانع غŒکون خغŒر ان شاء الله.
/ عمر فرحان - من اهل السنة فغŒ اغŒران