العدد 3140 - الثلثاء 12 أبريل 2011م الموافق 09 جمادى الأولى 1432هـ

ممارسات حقوق الإنسان في مختلف دول العالم

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

إنني هنا اليوم لأقدم إلى الكونغرس التقرير السنوي الخامس والثلاثين عن أوضاع حقوق الإنسان في مختلف دول العالم. إن النضال في سبيل حقوق الإنسان يبدأ من خلال قول الحقيقة مرة تلو الأخرى. وهذا التقرير يمثل سنة أخرى من قول الحقيقة باستمرار من جانب إحدى أكبر المنظمات التي توثّق أوضاع حقوق الإنسان في العالم، وهي وزارة خارجية الولايات المتحدة الأميركية.

أود أن أشكر مساعد وزيرة الخارجية مايك بوزنر ومكتب شئون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، ومئات الزملاء وسفاراتنا الموجودة في أرجاء العالم على عملهم الجادّ من أجل جعل هذا التقرير خلاصة صادقة لقضايا حقوق الإنسان العالمية. كما أود أيضاً أن أشكر العديد من الناس حول العالم الذين يرصدون ويكافحون من أجل حقوق الإنسان في مجتمعاتهم، والذين نستفيد كثيراً من المعلومات والتوصيات التي يقدمونها.

خلال الأشهر الأخيرة، ألهمتنا بصورة خاصة شجاعة وقوة عزيمة الناشطين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي مجتمعات قمعية أخرى الذين ظلوا يطالبون بصورة سلمية بالتغيير الديمقراطي واحترام حقوقهم الإنسانية العالمية. وسوف تقف الولايات المتحدة إلى جانب أولئك الذين يسعون من أجل الرقي بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان أينما كانوا، وسوف نقف إلى جانب الذين يمارسون حرياتهم الأساسية في التعبير والتجمع بالطرق السلمية، سواء شخصياً، أو في الصحف والمطبوعات، أو إلكترونياً على الإنترنت. إن هذا التقرير يثير عادة قدراً كبيراً من الاهتمام في أوساط الصحافيين والمشرّعين والمنظمات غير الحكومية، وبالطبع، الحكومات الأخرى، وأتمنى أن يحدث ذلك مرة أخرى في هذه السنة.

وكجزء من مهمتنا بتحديث فن إدارة شئون الحكم في القرن الحادي والعشرين، يسرني اليوم أيضاً أن أعلن عن إطلاق موقعنا الجديد على شبكة الإنترنت برابط بعنوان، humanrights.gov. وسوف يوفر هذا الموقع محطة واحدة للبحث عن المعلومات حول حقوق الإنسان العالمية من مختلف فروع الحكومة الأميركية. وسيجمع الموقع التقارير، والبيانات، وأحدث المعلومات من مختلف أنحاء العالم. وسوف يكون البحث في الموقع سهلاً وآمناً. وسيكون بالإمكان مطالعته دون الحاجة إلى التسجيل لاستخدامه. ونأمل أن يسهّل ذلك على المواطنين، والباحثين، والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية العثور على المعلومات التي يحتاجون إليها لمحاسبة ومساءلة الحكومات.

هنا، في وزارة الخارجية، تشكل قضية حقوق الإنسان أولوية على مدار 365 يوماً في السنة. إنها جزء من مهمة كل واحد من سفرائنا. وهي موجودة على أجندتي، أو على أجندة نائبة الوزيرة أوتيرو، أو أي شخص آخر يجتمع بالقادة الأجانب. وهي أيضاً عنصر جوهري في السياسة الخارجية لحكومة الرئيس أوباما، لأنها تتماشى فعلاً مع قِيمنا، ومصالحنا، وأمننا. لقد أظهر التاريخ أن الحكومات التي تحترم حقوق شعوبها تميل، مع مرور الزمن، لأن تكون أكثر استقراراً، وأكثر سلماً، وفي نهاية المطاف أكثر ازدهاراً ورخاء.

لقد أزعجتنا بصورة خاصة ثلاثة اتجاهات متنامية ظهرت في العام 2010. الاتجاه الأول هو القمع الواسع النطاق ضد المجتمع المدني. فالبلدان التي تريد التقدم باتجاه التحول إلى حكم ديمقراطي حقيقي تحتاج إلى مجتمعات حرة نابضة بالحياة وقادرة على مساعدة الحكومات في فهم وتلبية حاجات شعوبها. لكننا رأينا في فنزويلا، على سبيل المثال، الحكومة تستخدم المحاكم لتخويف واضطهاد نشطاء المجتمع المدني. فقد فرضت حكومة فنزويلا قيوداً جديدة على وسائل الإعلام المستقلة، وعلى الإنترنت والأحزاب السياسية، والمنظمات غير الحكومية. وقد رأينا في روسيا القمع الذي تعرضت له منظمات المجتمع المدني يتحول إلى عنف مع العديد من الاعتداءات والاغتيالات ضد الصحافيين والناشطين. ورأينا في الصين اتجاهات سلبية يبدو أنها بدأت تتجه إلى الأسوأ في الجزء الأول من العام 2011.

وكما قلنا مراراً وتكراراً، ترحب الولايات المتحدة بقيام الصين كدولة قوية ومزدهرة، ونتطلع بأمل إلى حوارنا الاستراتيجي والاقتصادي القادم مع بكين، وإلى تعاوننا المتواصل لمعالجة التحديات العالمية المشتركة. غير أنه لا تزال لدينا دواعي قلق عميقة حول التقارير التي تقول إنه، منذ فبراير/ شباط، تمّ توقيف واعتقال عشرات الناس، بمن في ذلك محامون يعملون للصالح العام، وكُتّاب، وفنانين، ومفكرين، ونشطاء بصورة اعتباطية. كان بين هؤلاء مؤخراً الفنان الشهير، آي ويوي، الذي أودع السجن الأحد الماضي. إن مثل هذه الاعتقالات تتنافى وحكم القانون، ونحن نحثّ الصين على إطلاق سراح جميع الذين تم اعتقالهم بسبب ممارستهم لحقوقهم المعترف بها دولياً بالنسبة لحرية التعبير، واحترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان لجميع المواطنين في الصين.

علاوة على القمع الواسع الانتشار الذي تعرض له نشطاء المجتمع المدني، شاهدنا اتجاهاً ثانياً سنة 2010، إذ إن بلداناً تنتهك الحريات الأساسية في التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات عن طريق تقليص حرية الإنترنت. وهناك الآن أكثر من 40 حكومة تضع قيوداً على الإنترنت عبر وسائل مختلفة. بعض هذه الحكومات تُراقب المواقع على شبكة الإنترنت لأسباب سياسية. وفي عدد من البلدان، يجد الناشطون في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والمدونون المستقلون رسائلهم الإلكترونية مقتحمة أو أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم مخترقة بفيروسات تجسس تنقل كل كلمة يطبعونها. لقد تعرض النشطاء العاملون في مجال الصحافة الرقمية للتعذيب لكي يكشفوا عن كلمات السر وليورطوا زملاءهم. في بورما وكوبا، تحسّبت السياسات الحكومية مسبقاً للمعارضين على الإنترنت من خلال حرمان معظم الناس العاديين من الوصول إلى الإنترنت.

الاتجاه المزعج الثالث لسنة 2010 كان قمع الأقليات المهمشة، بما في ذلك الأقليات العرقية والقومية والدينية علاوة على السحاقيات والمثليين والثنائيي الجنس والمتحولين جنسياً. في باكستان، مثلاً، لا يزال التجديف جريمة يعاقب عليها القانون بالإعدام. لقد طُبّق قانون التجديف على المسلمين الذين لا يؤمنون بمعتقدات مذاهب المسلمين الآخرين، وأيضاً على غير المسلمين الذين يمارسون عبادتهم بصورة مختلفة.

وخلال أول شهرين من العام 2011، تم استهداف مسئولين حكوميين في باكستان كانا يسعيان إلى إصلاح القانون، هما الحاكم تيسير والوزير بهاتي، على أساس فتوى دينية وتم اغتيالهما. وفي العراق، ومصر، ونيجيريا أيضاً، أدت هجمات عنيفة شنها متطرفون إلى مقتل عشرات الناس الذين كانوا يمارسون دياناتهم بصورة سلمية، من مسيحيين ومسلمين على حد سواء. وفي إيران، لدينا العديد من التقارير التي تقول إن الحكومة أعدمت بشكل صوري أكثر من 300 شخص سنة 2010. والعديد من هؤلاء ينتمون إلى أقليات قومية. فعلى سبيل المثال، في أيار/ مايو، تمّ شنق أربعة رجال أكراد في سجن إفين. اعتُقل هؤلاء سنة 2006 لأنهم دعوا إيران إلى احترام حقوق الإنسان. وذكرت التقارير أنهم اعترفوا بأنهم مارسوا الإرهاب تحت التعذيب.

لكن الأخبار، بالطبع، ليست كلها سيئة. لقد شاهدنا تحسّناً في أوضاع حقوق الإنسان في عدد من البلدان، ورأينا أيضاً الانتفاضات خلال الأشهر الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث يطالب الناس بحقوقهم الإنسانية الأساسية. وفي كولومبيا، بدأت الحكومة التشاور مع المدافعين عن حقوق الإنسان، وهي تدعم الجهود الرامية إلى وقف العنف. وأقرّت الحكومة قانوناً لإعادة الأراضي، ودفع التعويضات لضحايا النزاع الأهلي الطويل جداً الذي حصل في كولومبيا. وأجرت غينيا انتخابات حرة ونزيهة، وسلمت مقاليد السلطة إلى أول رئيس منتخب ديمقراطيا. كما تشجع إندونيسيا وسائل الإعلام الحرة النابضة بالحياة، والمجتمع المدني المزدهر في نفس الوقت الذي تواجه فيه التحديات المتعلقة بالحيلولة دون قيام قوات الأمن بإساءة استخدام صلاحياتها لمكافحة التعصب الديني.

تزدهر المجتمعات عندما تعالج مشاكل حقوق الإنسان بدلاً من قمعها. التحرر من الخوف يجعل الاقتصادات تنمو عندما يستثمر المواطنون، ويبتكرون، ويتشاركون. فحيث تستحوذ حقوق الإنسان على الاهتمام، يترعرع الأطفال وينشأ معهم إيمان له قيمة عظيمة بأنهم مهمون، أيضاً، وأنهم يجب أن يتمكنوا من العيش بكرامة وتقرير مصيرهم بأنفسهم. فالناس في كل مكان لا يستحقون أقل من ذلك. إننا نأمل في أن يقدم هذا التقرير بعض الارتياح إلى النشطاء، وأن يسلط الضوء على الإساءات، وأن يقتنع المسئولون في الحكومات أن هناك طرقاً أخرى وأفضل.

وإننا نريد رؤية التقدم. لقد بدأنا إعداد هذا التقرير قبل 35 سنة لأننا كنا نؤمن بأن التقدم ممكن. وبكل تأكيد، إذا قمتم برسم صورة عن الفترة الزمنية الممتدة من 35 سنة مضت حتى اليوم، لشاهدتم التقدم في العديد من الأماكن. ولكن، في الوقت نفسه، علينا أن نبقى يقظين، وهذا التقرير هو إحدى الأدوات التي نستخدمها لهذه الغاية

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 3140 - الثلثاء 12 أبريل 2011م الموافق 09 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً