انتقد التكتل البيئي البحريني موقف لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس الشورى المتردد تجاه إقرار مشروع قانون باعتبار منطقتي فشت العظم والجارم محميتين طبيعيتين.
وذكر أن هناك تلكؤاً واضحاً وجلياً إزاء الإطالة في بحث القانون الذي رفعه مجلس النواب منذ فترة طويلة لمجلس الشورى، وهو ما قد يشير إلى وجود نوايا للتعدي على الفشتين بنية التطوير أو التنمية في ظل عدم إقرار القانون من قبل الحكومة حتى الآن.
جاء ذلك على خلفية بحث اجتماع لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس الشورى يوم الخميس الماضي (7 أبريل/ نيسان 2011) مشروع القانون برئاسة فؤاد الحاجي، والذي أكدت خلاله «أهمية مراعاة المصلحة الوطنية العليا في تبني القرار النهائي لشأن مشروع القانون»، مؤكدةً حرصها على «حفظ التوازن بين متطلبات التنمية والتطوير وحماية الحياة الفطرية والبيئة الطبيعية في البحرين».
وقال عضو التكتل والعضو البلدي بمجلس بلدي المحرق غازي المرباطي: «إن المهتمين بالشأن البيئي تابعوا باهتمام بالغ اجتماع الأعضاء الشوريين مع ممثلي الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية في لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس الشورى، الذي ناقش اقتراحاً بقانون يعتبر فشتي العظم والجارم محمية طبيعية، بيد أنه ومن خلال تصريح الأعضاء في اللجنة لاحظنا وجود نوع من التردد في حسم هذا الموضوع، وخصوصاً أن المجلس النيابي حسم موقفه تجاه تحويل هذه الموائل الطبيعية بالموافقة إلى محميات تحمى بحكم القانون منذ فترة، نظراً إلى أهمية الفشتين لدعم المخزون السمكي».
وأضاف المرباطي: «فشت الجارم يعتبر أكبر فشت موجود اليوم في البحرين بواقع 260 كيلومترا مربعا، بينما يعتبر فشت العظم العمود الفقري المكمل لدور فشت الجارم في احتواء الموارد البحرية الطبيعية في محيط المياه الإقليمية، علماً بأن ذلك كما ورد ضمن تصريحات عدة مسئولين في الهيئة العامة لحماية البيئة، وخصوصاً أن إدارة الثروة السمكية أكدت مراراً... أن هاتين المنطقتين يجب الحفاظ عليهما وعدم تعريضهما لأي عملية ردم أو الإخلال بالتوازن البيئي حتى بالمناطق المحيطة بها».
وتابع: «نحن كنشطاء وتكتل بيئي، فضلاً عن كوننا بلديين، فإن هذه الأمور تدخل في نطاق اختصاصاتنا، ونود أن ننبه الأعضاء في لجنة المرافق العامة والبيئية بمجلس الشورى إلى أن تراعي تلك التوازنات البيئية الحساسة والدقيقة حتى ولو افترضنا أن التوازن الذي نوقش في اللجنة فيما يتعلق بالتنمية والتطوير بنظرة بسيطة في محيط جزيرة البحرين، نلاحظ أن السياسات العامة التنموية قد أخذت حيزاً كبيراً على حساب التوازنات البيئية، فلدينا الكثير من السواحل قد اختفت وتم القضاء عليها بيئياً، وكذلك الكثير من الموائل مما تعرض للتلوث بسبب الردم والحفر الذي لم يراع أي معايير أو اشتراطات بيئية».
وأبدى المرباطي أمل التكتل البيئي في أن «يقوم الأعضاء في اللجنة بمراعاة الأمن الغذائي، إذ إن الدولة ومن خلال متابعة هذا الملف، لوحظ أنها ستقوم بصرف عشرات الملايين من الدنانير لتهيئة الأرضية لهذا المشروع، سواء كان على المستوى الزراعي أو مشروع الاستزراع السمكي المزمع إنشاؤه في البحرين، وهو ما يحتم على اللجنة أن تقف ملياً وتناقش هذا الموضوع بدقة، لأن البحرين باتت بلا أمن غذائي وخصوصاً على صعيد الثروة السمكية».
وأشار عضو التكتل إلى أن «المتابع يجد أن الحفارات وناقلات الرمل اقتربت مؤخراً كثيراً من فشت الجارم لردم مشروع نورانا الاستثماري الإسكاني وغيره من المشروعات، بل تعدت لما بعد هذه الفشوت، فبمعادلة بسيطة، فإن السحب البيضاء التي تنتشر في المياه بعد عملية الحفر (الغبار البحري)، هي بالتأكيد غطت مساحات كبيرة من هذه الفشوت، ولذلك نأمل من هذه اللجنة من باب مراعاة هذه الفشوت أن تقترح تنظيف ومعالجة هذه الفشوت والحفاظ عليها».
وعن وضعية الفشتين حالياً، قال المرباطي: «إن الفشوت تعرضت لتلوث كبير بسبب الغبار المتطاير من الحفر، وهو ما تسبب في سد مسام الشعاب المرجانية وحجبت ضوء أشعة الشمس التي تتغذى عليها، وكونت عازلاً بين الشعاب والضوء وبالتالي دمار أجزاء واسعة منها»، متساءلاً عن تبعية الفشتين لأي من محافظات البلاد، «حيث لا تصنف أي منهما لأي محافظة حالياً، وبالتالي يمكن أن تتعرض لعمليات حفر وردم من دون تراخيص».
يشار إلى أن الإدارة العامة لحماية الثروة البحرية بدأت مؤخراً تنفيذ عمليات شفط الرمال المتراكمة تلقائياً على الفشوت الطبيعية ببعض المناطق بفعل عوامل مختلفة.
وقال مدير عام الإدارة جاسم القصير في تصريح سابق لـ «الوسط»، إن «نتائج العملية ستكون إيجابية بناءً على دراسة أعدت سلفاً لهذا الشأن»، مشيراً إلى «وجود معارضة من قبل بعض الصيادين تجاه شفط الرمال خوفاً منهم على الفشوت الطبيعية ومباحر الأسماك، غير أن عمليات الشفط ستكون دقيقة وبطريقة علمية لن تلحق أضراراً بالثروة البحرية، وخصوصاً أن المشروع بأكمله جاء من أجل إعادة إحياء المناطق الغنية بالأسماك والتنوع البيولوجي والفطري».
وبيَّن القصير ضمن تسمية بعض المناطق التي تضررت بفعل تراكمات الرمال، أن «فشت العظم يُعد إحدى المناطق الشاسعة التي تعرضت للدفان بشكل تلقائي بفعل عمليات التيارات المائية الطبيعية وحركة السفن. وبما أنه من أكثر الفشوت البحرينية ارتفاعاً عن سطح قاع البحر، فإن وضعه يسمح بتجمع كميات كبيرة من الرمال طوال الأعوام الطويلة الماضية، علماً بأن من يقوم بعملية الإبحار في هذه المنطقة بإمكانه رصد أن الفشت بدأ يتصحر وتتكون فيه جزر رملية متفرقة»
العدد 3137 - السبت 09 أبريل 2011م الموافق 06 جمادى الأولى 1432هـ