العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ

البَيضةُ والجَمل!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

مثيرة إلى حد النشوة فضيحة نواب مجلس العموم البريطاني، فقد فتحت هذه الفضيحة شهية الصحافة العالمية كلها، وأسالت لعابها لتتلذذ كل أقلامها وعلى مدار الساعة بسرد قصص الفساد التي تورط فيها نواب أعرق ديمقراطية على وجه الأرض، وصار الحديث عن فضيحة نفقات النواب البريطانيين حديثا يملأ الخافقين من أول الدنيا إلى آخرها.

هبَّطت هذه الفضيحة رؤوسا كبيرة كانت مرفوعة شامخة تناطح السحاب، وكسَّرت أرجلا كانت تخرق الأرض هيبة! وأحنت قامات كانت تبلغ الجبال طولا، فهل يعلم مستضعفو العالم الثالث ما هي هذه الفضيحة؟، وماذا كسبت يمين هؤلاء النواب؟، وما هو الجرم المشهود الذي جعلهم مسخرة للعالم كله بعد أن كانوا مفخرة على أعلى خشبة للديمقراطية؟

شيء من مخالفات نواب مجلس العموم البريطاني هو أن أحدهم طلب نفقات لإصلاح حوض سباحة في منزله، ونائب آخر طلب نفقات لإصلاح مجرى مائي في أحد عقاراته، ونائب ثالث طلب نفقات لتسوية أحد حقوله الخاصة بترويض الخيول، ورابع طلب ما يعادل 228 دينارا بحرينيا للحصول على سماد لمزرعته، وآخر طلب نفقات كانت لشراء شيء من الكعك اللذيذ أيضا، ونفقات أخرى وأخرى وكلها تدور في هذا الفلك: سماد، وكعك، ومجار، فقامت الدنيا ولم تقعد بعدُ، وآخر ضحايا هذه الفضيحة هو رئيس المجلس الذي أعلن استقالته (أمس الأول) وكان مجبرا عليها لمجرد أنه منع المعلومات عن الجهات الإعلامية.

أثناء متابعتي لهذه الفضيحة التي لا تصلح أن تكون فضيحة إلا هناك، تمنيت لو يرزقنا الله شيئا من هذه الفضائح، فليتنا نحظى بمختلس لا تمتد يده إلى أبعد من «السماد»، وليت الله يُنعم علينا من فضله بمسئول لا يضع عينه على أكبر من الكعك، وليتنا نحظى بمتنفذين لا يفكرون إلا في إصلاح أحواض السباحة وتسوية حقول الخيول على حساب المال العام، فلن نسألهم فضلا من أن نسائلهم، بل سنستر عليهم ونكافئهم لأنهم لم يسرقوا إلا سمادا وكعكا.

ولكن المؤسف؛ ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فالفاسدون والمفسدون لدينا لا يعرفون كيف يسرقون الـ 228 دينارا، إلا إذا كانت 228 مليونا فحينها ربما تسيل قطرات لعابهم عليها، الفاسدون لدينا لا تغريهم نفقات أحواض السباحة، وإنما نفقات أحواض البحر، المفسدون لدينا لا تحرك مشاعرهم نفقات تسوية حقول الخيول وإنما تأخذ عقولهم نفقات الاستيلاء على الأرض التي لا تعرف أولها من آخرها، ومع قناعتي من أن سرقة البيضة تساوي سرقة الجمل إلا أن المؤسف هو أن قدرنا أن الفاسدين لدينا لا يجيدون إلا سرقة الجمل بما حمل!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً