أهم الأخبار تأتي هذه الأيام من مصر الجديدة، فتتلقفها بقية الأقطار العربية.
آخر الأخبار عن تجديد المجلس العسكري التزامه بمطالب «ثورة الشباب»، بعد المظاهرة التي شهدها ميدان التحرير الجمعة الماضية تحت شعار «إنقاذ الثورة».
المجلس دعا الحكومة والجهات القضائية المختصة، لسرعة الانتهاء من تطبيق إجراءات العدالة ومحاكمة من أسماهم بـ «الفاسدين من النظام السابق، والمتورطين بقتل الشهداء وإطلاق النار على المتظاهرين واستعادة أموال الشعب المنهوبة».
المتظاهرون الذين تقلقهم محاولات «سرقة الثورة»، طالبوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بجمهورية برلمانية مع الحد من صلاحيات الرئيس. وفيما تم تقديم وزير الداخلية السابق للمحاكمة بتهمة التربح وتبييض أموال الأسبوع الماضي، أعلن هذا الأسبوع أن التحقيق مع الرئيس السابق وأفراد أسرته حول ما نسب إليهم من اتهامات بالكسب غير المشروع وتضخم ثرواتهم، سيتم في مقر رسمي بشرم الشيخ لأسباب أمنية.
التطور المهم الآخر ما يجري من مراجعة لدور الإعلام المصري خلال تغطية أحداث «الثورة»، حيث لعب دوراً تحريضياً ضد الحركة الإصلاحية، والعمل على تشويه صورة شباب مصر. وقد شهد هذا الميدان صراعاً عنيفاً بين المطالبين والمعادين للتغيير.
الآن ومع انقلاب المعادلة، تشهد الساحة المصرية مطالبات حثيثة بسرعة إقالة القيادات الإعلامية السابقة، سواءً في الصحافة أو الإذاعة والتلفزيون. هذه القيادات غيّرت فجأةً خطابها، مجاراةً للوضع الجديد ورغبةً في البقاء، وهو ما اعتبره الجمهور مناورةً وضيعةًً وضرباً من النفاق.
الرأي العام أخذ يطالب بإرساء قواعد الحرية والشفافية والصدق والعدالة الاجتماعية. وفي أول استجابة للحكومة المصرية، صدر قرار بتعيين بدلاء لرؤساء إدارات الصحف القومية (وهو المصطلح المستخدم للصحف التابعة للحكومة). وهي صحفٌ اصطفت بقوة ضد مطالب التغيير، وتولّت الدفاع لسنوات طويلة عن مشروع التوريث، وتشويه ثورة الشباب المصري.
الطبقة التي تتم إزاحتها الآن واستبدالها في سياق استحقاقات المرحلة الجديدة، حاولت تغيير مواقفها وتبديل جلودها في الوقت الضائع كما تفعل الحيّات. ولكن لم يكن من السهل إقناع الجمهور بأن من كان يتهمه بتلقي الرشاوى ونشر الفوضى وتعاطي المخدرات، تحوّل بين ليلة وضحاها إلى منظّر للثورة وداعية للتغيير.
بعد التغير الكبير، أصبح المصريون ينظرون إلى هؤلاء كطبقة انتهازية، عاشت كالعَلَق على جراح المصريين وآلامهم ومعاناتهم طوال ثلاثة عقود، ومازالت تطمح بالاستمرار في ممارسة دورها الانتهازي ثلاثة عقود أخرى، وكأن شيئاً لم يحدث!
العاملون في الأجهزة الإعلامية والصحافية المصرية قاموا بعدة اعتصامات من أجل تغيير هذه الطبقة الانتهازية التي أثْرت على حساب الشعب، والمطالبة بكتابة اعتذار للرأي العام على ما قاموا به طوال الفترة السابقة. ومع مساء أمس، أذاعت الفضائيات خبراً عن التحفظ على أموال ثلاثة من كبار مساعدي الرئيس السابق.
عندما أكتب عن مصر الحبيبة، أتعمد سماع بعض قصائد فؤاد نجم التي أداها الشيخ إمام، مثل «أنا الشعب»، و «احنه مين وهما مين»، و «البحر بيضحك ليه؟ فأصل الحكاية متضحّكشي»... فأتمنى لو يحيا ساعةً واحدةً ليسمع مثل هذه الأخبار
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3132 - الإثنين 04 أبريل 2011م الموافق 01 جمادى الأولى 1432هـ
نافذة امل
انك تحاول ان تفتح كوة من الأمل حتى لو كانت اخبار من دول اخرى. الله يعينكم في الوسط ويساعدكم على اداء رسالتكم في هذا الجو الخانق.