العدد 3128 - الأربعاء 30 مارس 2011م الموافق 25 ربيع الثاني 1432هـ

البحرين قبل 90 عاماً

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل اثنين وتسعين عاماً من الآن احتجّ البحرينيون على وباء الطائفية فكيف لا يحتجُّون عليها اليوم وهُم في مدارك أعمق وأفكار أرشق ووسائل اتصال أكثر اتساعاً ونشاطاً وحيوية. ففي العام 1919 أسِّسَت مدرسة الهداية الخليفية في المُحرّق. وفي العام 1929 أسِّسَت المدرسة الجعفرية في المنامة. الحكومة آنذاك دَعَمَت المدرَسَتيْن بالمال العام، وتشكَّلت لجنتان لإدارة المدرَسَتيْن تطوّعاً. اللجنتان المذكورتان تكوَّنتا من التجار وأبناء الذوات لما لهم من بسط ونفوذ.

وجه الاعتراض جاء من البحرينيين أنفسهم على ذلك التقسيم في التعليم والذي اعتبروه طائفياً لا يليق بهم. ثنائية الهداية/ الجعفرية وثنائيّة الأكثريَّتَيْن فيهما، سُنِّيَّة في الأولى وشِيْعِيَّة في الثانية كان هو الإشكال ومطلب التغيير. في العام 1932- 1933 قرَّرت الحكومة فتح المدرَسَتيْن أمام الجميع بِغضّ النظر عن انتماءاتهم الطائفية. تبدّل – حينذاك - اسم المدرسة الأولى من الهداية إلى «المحرق الابتدائية» وتبدّل اسم الثانية من الجعفرية إلى «المنامة الابتدائية».

تطوّر الاندماج الاجتماعي بين البحرينيين عندما بدأوا ومع مطلع الأربعينيات إلى ابتعاث أبنائهم إلى مدرسة الإرسالية الأميركية والتي كانت تنحصر آنذاك في تعليم في أبناء الديانتين المسيحية واليهودية. كان ذلك التحوّل مُنسجماً إلى حدّ بعيد مع التنوّع البنيوي في الوظائف والمهن والتي أدّت بالبحرينيين إلى مزيد من الاحتكاك اليومي وهو بدوره أدى إلى إبعاد الحساسيات الطائفية والإثنية فيما بينهم. بل إن هذا الأمر هو ما أفضى إلى مزيد من اللحمة في الحِراك السياسي والاجتماعي الذي اجتاح المجتمع البحريني منذ ما قبل منتصف القرن.

هذه اللمحة من التاريخ الاجتماعي للبحرين وللبحرينيين يُؤسّس إلى واقع صلب من التماسك العضوي لم تشهده الكثير من المجتمعات العربية والمختلطة. نحن اليوم لدينا إرث اجتماعي تاريخي يُساعدنا على إدراك بعضنا البعض دون واسطة ودون دليل ومُساعِد من أحد. بل إن ذلك الواقع قد تخالَطَ فيه النَّسَب والدَّم، وحاكته المصالح والعلاقات الشخصية التي يمتدّ بعضها من ذلك الأوان وإلى الآن حين توارثها الأبناء عن الآباء، وهؤلاء عن أجدادهم.

اليوم أمام البحرينيين من المُعلّمين والمُعلّمات أولاً والتلاميذ ثانياً (مع افتتاح المدارس أبوابها) اختبار حقيقي في أن يُعيدوا ذلك الواقع السابق إلى علاقاتهم الشخصية. ولأن التعليم هو أوّل مِرفق أصابته رضوض الأزمة الحالية (وبشكل خاطئ مع الأسف)، فإن مسئولية منتسبيه أن يُداووا ذلك الفتق برتق لا تنفك أواصره. على الجميع أن يترفّع عن إقامة علاقات باهتة ومتأثرة بجو الأحداث في الخارج، فذلك مما لا يليق بهم أبداً وهم يُمسكون (أو يُمارسون) أكثر أنواع البناء الشخصي أهمية وخطورة.

على جميع الكادر التعليمي أن يفهم حقيقة واحدة. وهي أن علاقات متوتِّرة بين صفوفه ستنعكس مباشرة على التحصيل العلمي للطلاب. بل الأكثر، فإن تلك الخلافات المتوترة إن حصلت لا سمح الله أو أظهر المعلّمون/ المعلمات سلوكاً بينياً غير متَّزن بين بعضهم البعض، فإن أطرافاً كثيرة قد تلعب على ذلك الوتر وتغذيه وتستثمره حتى من الطلاب أنفسهم (وخصوصاً في المدارس الثانوية) الذين يُدركون ذلك جيداً ويلاحظوه في الإعلام ويستشعرونه ضمن جو البلد العام، وهو ما يعني إصابة مرفق التعليم بمشاكل مُركّبة لاحقاً تصيب بنيته وقوامه الذي يُفترَض أن يبقى متماسكاً قوياً.

على البحريني أن يدفع بزوجته المُعلِّمة، وعلى البحرينية أن تدفع بزوجها المُعلِّم لتصحيح ذلك المسار. وعلى الجميع في هذا المجتمع الرشيد أن يُساعدهم في ذلك بالتشجيع والإرشاد. وعلى وزارة التربية والتعليم أن تقيم لوائح انضباط سلوكي لمتابعة ذلك جيداً. بل الجميع مسئول في هذه المعركة الاجتماعية التي سينتصر فيها التعليم (بالتأكيد) على التسييس والشخصنة

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3128 - الأربعاء 30 مارس 2011م الموافق 25 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 7:24 ص

      شكر الله سعيك

      أخي محمد،
      بارك الله فيك وكثر الله من أمثالك

    • زائر 10 | 6:23 ص

      المتطرفين

      القضية الاساسية الآن هي تجميد كل ما هو سياسي والتركيز على المشتركات وتعزيز أواصر المجتمع وقطع الطريق على متطرفي الفريقين من السنة والشيعة من أن يعيثوا الفساد في هذا المجتمع

    • زائر 7 | 3:35 ص

      من

      رجاء ذكر من ادخل السياسة في التعليم

    • زائر 6 | 3:34 ص

      انصاف

      ياريتك استاذ تذكر من المتسبب فيما حصل في التعليم ومن سياسة ولك الشكر

    • زائر 5 | 2:26 ص

      1922

      مهم جدا ان نقرأ أحداث البحرين قبل 90 عام وما حدث من انتفاضة شعبية في ذلك الوقت وكان لجزيرة سترة النصيب الأعلى في سقوط الشهداء والجرحى

    • زائر 2 | 12:53 ص

      قبل 90 عام

      لم يكن هناك مسجات ولا بلاك بييري.

    • زائر 1 | 12:50 ص

      yes

      علاقات متوتِّرة بين صفوفه ستنعكس مباشرة على التحصيل العلمي للطلاب

اقرأ ايضاً