العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ

في جامعة البحرين

الناقد معجب الزهراني

يستعرض قضايا موسوعة الأدب السعودي 

20 مايو 2009

الصخير - حبيب حيدر

حلّ الناقد السعودي معجب الزهراني ضيفا على المشهد الثقافي الأدبي في البحرين في الأسبوع الماضي، في أصبوحة ثقافية متميزة بجامعة البحرين بحضور من أساتذة الجامعة والطلبة، ودار الحديث فيه حول «موسوعة الأدب السعودي» وذلك ضمن البرنامج الثقافي لقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بمنتدى كلية الآداب، وكعادته أطلق الزهراني مجموعة من المقولات الفكرية والثقافية مثيرا وراءه الكثير من الأسئلة المفتوحة.

خصص الزهراني حديثه في تلك الأصبوحة للكلام عن «موسوعة الأدب السعودي الحديث» والتي صدرت عن دار المفردات للنشر والتوزيع، في عشرة مجلدات، متناولة الأجناس الأدبية المختلفة من رواية، وسيرة ذاتية، وقصة قصيرة، وشعر، ومقالة، ودراسات نقدية، ومسرح، من حيث «البدايات، التأسيس، التجديد، والتحديث» وأنجزها سبعة من الأكاديميين والباحثين، السعوديين، منهم منصور الحازمي، معجب الزهراني، وعبدالله المعيقل وغيرهم.

وخلال اللقاء تعرّض الزهراني إلى خصوصيات المكان والموقع الجغرافي «الجزيرة العربية» وما يراد له من صناعة صورة ذهنية محافظة دائما، في مقابل ما هو موجود فعلا من أدب حديث على صعيد الواقع مؤكدا على أهمية البحث عن الأدب الحديث على أرض الواقع، وليس البحث عنه في الكتب، مستشهدا بحكايته مع الناقد ميجان الرويلي الذي عاد بعد فترة من البحث عن الأدب فلم يجد شيئا فقلت له حينا «أنت تبحث عن كتب ولا تبحث عن الثقافة وإذا أردت أن تخرج بشيء عن الأدب الحديث فهو موجود ابحث عنه ستجده في الواقع وليس في الكتب».

وتحدّث الزهراني عن أهم التحولات التي ساهمت في بروز أدب حديث في المنطقة من ضمنها البعثات من الأساتذة الشاميين وغيرهم ودورهم في رفد الثقافة والأدب، بالإضافة إلى دور شركة أرامكوا وبرامجها الثقافية ونشراتها ومؤسساتها المختلفة وأنشطتها في إبراز أدب حديث في السعودية إذ أشار إلى أنه «حيث ما كانت هناك سكة لأرامكو فهناك نشرات ومجلات وسينما وأفلام، وإن تأثير أرامكو واضح ونتمنى أن (تتأرمك) السعودية ولا تتأمرك».

وكانت هناك مجموعة من المداخلات إذ تحدثت أستاذة الإعلام بجامعة البحرين هدى المطاوعة عن الأدب كمرآة للمجتمع ودور الإعلام في توصيل الفكر والأدب للإنسان البسيط في مقابل الإعلام الحديث ودوره في تسطيح المجتمع وتقديم صورة سلبية عنه، أما مداخلة الأكاديمي أحمد العطاوي فذهبت إلى دور البيئة في رصد الأدب، والاستفهام عن تجاوز الموسوعة الأثر الناتج عن وجود اتجاهين محافظ وليبرالي، فيما تحدثت الأكاديمية رفيقة حمود عن دور الزهراني في استشراف الأدب السعودي عبر الموسوعة مستنكرة «إذن لماذا إذن الهجوم على الموسوعة، هل لوجود انحياز وعدم شمولية الموسوعة في اختياراتها من النصوص لمختلف المبدعين. أما أستاذ التاريخ الأكاديمي فتحي أبو العنين فقد تساءل عن الأساس الذي اعتمدته الموسوعة في التصيف وعن مدى مناسبة فكرة التحقيب للمجال الأدبي في الموسوعة. وشاركته الناقدة الثقافية والأكاديمية ضياء الكعبي في مداخلتها إذ أشارت إلى إشكالية التصنيف والتحقيب التاريخي وهل أخذ هذا التصنيف طابع التنوع الثقافي والقروي فبحسب مضاوي الرشيد هناك ذاكرة الدولة في مقابل مرويات الشعب أم أخذ في الاعتبار أن الجميع لديه ذاكرة واحدة، فيما كان خاتمة المداخلات لأستاذ النقد الحديث عبد القادر فيدوح حيث تساءل ألا تعتقدون أن المؤسسة الأدبية التي تتحدثون عنها تتعارض مع المؤسسات التي تمثل سلطة في قبالها، وكيف السبيل للتخطي وهل فعلا تحول النتاج الأدبي والثقافي والفكري من الكم إلى النوع؟.

وفي ختام محاضرته حرص الزهراني على أن يجيب على المداخلات كاملة بإشارات مبرقة سريعة فأشار إلى اهتمامه بالشكل القصصي في رصده بقوله «تنوعت النصوص ليس على مستوى الموضوعات بل على مستوى الشكل» وأضاف بالنسبة إلى قضية التصنيف كان التحقيب مجرد معيار معين لتوحيد المحك والأدب الآن ليس معنيا بالتحقيب فهي قضية تبحث في علم الاجتماع والسسيولوجيا، والإجيال كلها موجودة مع بعضها البعض في الموسوعة بما يعكس السمات والخصوصية لكل جيل، وتم عرض المراحل التي كانت زوايا للنظر«البدايات، التأسيس، التجديد، والتحديث» بما يوافق مصطلح الأجيال كمحك موحد للانتقال من جيل لآخر، وإن كل باحث اختار مادته وفق المعايير المحددة وأنها منضبطة في داخلها، والإبداع هو الإبداع فهناك من كسروا الجرة الزمنية وكانت له خصوصية شعرية متجاوزة ومتواجدة في كل مرحلة، وحكاية الجيل بالمعنى الأدبي ليست مطروحة عندنا كما هي بالمعنى الاجتماعي.

وعن ما لا قته الموسوعة من إشكالات قال توارد إليّ أنه هناك لجنة تكونت للرد على الموسوعة، وهناك الكثير من الآراء والنقد بعضها مفيد وبعضها عبثي وبعضها يأتي من منظور احتفالي بما يبين أن الوعي السائد المحلي لم يثمن بعد حكاية موسوعة، في مقابل فرح كبير في الجامعات، ناعيا على الوضع العام «بأننا لا نقرأ كثيرا ولا نعي أهمية الإشارة إلى ما يعنيه صدور موسوعة» مضيفا أنه يشتغل على موسوعة الرواية النسائية متمنيا أن ينال هذا المشروع موقعه في المجال الثقافي وأن يخترق الحدود.

وعن إشكالية الثقافة والسلطة أشار الزهراني إلى أنه عادة يكون هناك شكل من أشكال التعارض بين الإبداع والسلطات وهذه واحدة من المعطيات، ومفهوم المعارضة يختلف فهناك سلطة القبيلة وسلطة الجماعة، في مقابل الفردانية وإبداع الذات ودائما تكون هناك مناورات ومداولات فكرية لكن تأتي السلطة لتحسم وتعطل المشروع الثقافي عن أن يأخذ طريقه للحسم ولذلك عادة ما تكون هناك معارك غير محسومة، بما يزيد ويفاقم أزمة الهويات الضائعة أو «الهويات القاتلة» بينما تنوع الهوية إغناء للهوية العامة حتى على المستوى الذاتي التنوع إغناء للشخصية بينما تسير الهويات لدينا للتفتيت والتشتيت، وهذا النوع من العزلة الحاد ليس من الثقافة العربية والإسلامية في شيء، ومن طبيعة الصراع الاحتفال بالذاكرة ومقابلها هو الذي يولد الأزمات، وعقدة الصراعات في أنها لدينا لا تجد مسارات مفتوحة فالتاريخ يحسمها، ولكن حين تتدخل السلطة تصبح المجتمعات خلطة يغني فيها كل طرف على ليلاه وهذه دعوة لأن لا تتدخل السلطات في الحوار الثقافي نعم تفتحه وتؤازره فالمجتمع المدني لا ينمو إلا حين نتجاوز الانتماءات.

العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً