يحتفل الشعب الفلسطيني اليوم (الثلاثين من مارس/ آذار) بإحياء «يوم الأرض الفلسطيني»، الذي يعبّر عن التمسك بالهوية والأرض في مواجهة سياسة التهويد.
مهما كانت الآلام والمآسي التي تمرّ بها الشعوب العربية في هذه الفترة المضطربة، ستظلّ القضية الفلسطينية في قلب الحدث والوجدان العربي، وستظل قضية القضايا والأمثولة الكبرى.
فلسطين قضية عادلة حازت تعاطف الشعوب والأقوام في أغلب القارات، وإن لم يحسن أصحابها الدفاع عنها. وفي الوقت الذي تخلّينا عنها وشاركنا في حصارها، استبدل الله بنا أقواماً أخرى لنصرها، حتى شاهدنا قوافل الإغاثة تأتي من أبعد نقاط آسيا، ومن شمال أوروبا، تحمل المؤن والغذاء والدواء للمحاصرين في غزة. وظلّت هذه القضية تسير من منحدرٍ إلى منحدر، منذ ستين عاماً، دون أن يلوح في الأفق حل.
الفلسطينيون تجرّعوا طعم الهزائم والنكبات، ورأوا أرضهم تُسلب منهم قطعة قطعة، على فترات، حتى الماء أصبح سلاحاً يستخدم ضدهم. وهكذا مورست ضدهم عمليات الاقتلاع الممنهجة والمصادرة والتهجير من الأرض. ومن شأن الشعب المحاصر أن يصنع أيقوناته المقدّسة في عملية دفاعٍ غريزي عن الذات، لتعينه على البقاء، وهكذا أصبحت شجرة الزيتون رمزاً، والكوفية الفلسطينية، والاحتفال بيوم الأرض.
في مثل هذا اليوم، من العام 1976، وبعد استكمال سياسات القمع الصهيوني، والإفقار وهدم القرى واغتصاب الأراضي، انتفض الفلسطينيون ضد الاحتلال الصهيوني، حيث نظموا إضراباً شاملاً ونزلوا في مظاهرات شعبية، واجهتها «إسرائيل» بالنار، فاستشهد ستة مازال الفلسطينيون يذكرونهم بأسمائهم وأسماء قراهم، بالإضافة إلى اعتقال ثلاثمئة آخرين، وتفاصيل ما جرى في تلك الأيام، من ضرب بالهراوات ومسيل الدموع، واستباحة للبيوت.
كان سبب هبّة يوم الأرض مصادرة أراضٍ من بعض القرى الفلسطينية لتخصيصها للمستوطنات ضمن مخطط تهويد الجليل، سبقتها مخططاتٌ أخرى أعقبت عمليات تهجير وقتل وارتكاب مجازر في عدد من القرى. وهكذا أصبح هذا اليوم مناسبةً وطنيةً يتوحّد حولها الشعب الفلسطيني في داخل الأراضي المحتلة وفي الشتات، كنوعٍ من المقاومة والصمود بوجه عوامل القهر والتمزق، وتكالب القوى العالمية الكبرى ضده، وتخلّي الأقرباء وأبناء العمومة عنه، وتركه يواجه مصيره وظهره للجدار.
الفلسطيني الذي ظل يدفع فاتورة السياسة الإقليمية والدولية، المتسلح بالتراث المقاوم، ظل يلوح للعالم بقضيته العادلة، وبغصن الزيتون، مؤمناً بأن التاريخ معه، والشرائع السماوية، والقوانين الأرضية كلها معه. إنه يراهن على المستقبل، فالباطل لا يصبح حقاً أبداً بفعل التقادم، فهو مسلّحٌ بقوة الحق، فيما يتسلّح الاسرائيلي بحق القوة والجبروت. وفي صراع الإرادات، تكون الغلبة لمن يصمد ويتحمل الآلام للأخير.
من كفر قاسم ودير ياسين، إلى معركة الكرامة وأيلول الأسود وتل الزعتر، إلى اجتياح لبنان والجلاء الأخير إلى تونس، لم تتغلب القوة على إرادة الصمود الفلسطيني. قوةٌ لم تتمكن من كسر إرادة شيخٍ عجوزٍ مشلول في السجن، فتستهدفه طائرةٌ بصاروخٍ بعد إطلاق سراحه أثناء توجّهه للصلاة فجراً، على كرسي متحرك. لم يكن يتحرّك في ذلك الجسم الضئيل غير لسانه الذي أتعب الاحتلال.
شعبٌ عريقٌ لا يموت، أعطى بسخاءٍ أرضه دماءً وشهداء. شعب القسام والشيخ أحمد ياسين، نساؤه تسلّي أطفالهن عند النوم بقصة حصار روما وأشعار درويش: «ان الليل زائل. لا غرفة التعذيب باقية ولا زرد السلاسل». وتناغيهم بترانيم من أشعار سميح القاسم عن المعارك التي لا تنتهي: «أسمع وقع خطى الفجر، رغم الشك ورغم الأحزان، لن أعدم إيماني، في أن الشمس ستشرق، شمس الإنسان»
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3127 - الثلثاء 29 مارس 2011م الموافق 24 ربيع الثاني 1432هـ
شكرا سيد
من عمق الأزمة نرى حزمة تفاؤل ايمانية
في الصميم
اني اسمع وقع خطى الفجر، رغم الشك ورغم الأحزان، لن أعدم إيماني، في أن الشمس ستشرق، شمس الإنسان...
حتما ستشرق شمس الانسان.
ان شاء الله سيكون
شمس الانسان ستشرق انشاء الله على كل الشعوب المقهوره وخصوصا الشعب العراقي والشعب الايراني
قصيدة جميلة جدا
انا احب هذه القصيدة كثيراً: نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل
لا غرفة التعذيب باقية ولا زرد السلاسل.
واحبوب سنبلة تموت ستملأ الدنيا سنابل.
الله ينصر الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب.
صبراً صبراً
صبرا شعب فلسطين.... فإن الاحتلال الى زوال. لا غرفة التعذيب باقية ولا زرد السلاسل.
الاسباب واضحة
باتت الاسباب واضحة لدينا ولدى كل طفل من أطفالنا وذلك عندما عوملنا مثل الفلسطينيين ويشرفنا ذلك. اللعبة الدولية صارت مكشوفة والنصر قريب والأرض تبقى والكل الى زوال والدوام لله عز وجل