العدد 3126 - الإثنين 28 مارس 2011م الموافق 23 ربيع الثاني 1432هـ

الشرق الأوسط... كعصفٍ مأكول

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سيطر الخبر الليبي أمس على نشرات الأخبار منذ الصباح، مع استعادة المعارضة السيطرة من قوات القذافي في الشرق، وتوجهها للسيطرة على مسقط رأسه (سرت) ومن ثم التقدّم نحو العاصمة (طرابلس).

قطر، وفي خطوة جريئة، أعلنت الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي كـ «ممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي»، بما يكشف عن رغبتها الشديدة وريادتها الكبيرة في نشر الثورات والاحتجاجات في مختلف بقاع العالم العربي، ودعم التغيير الثوري في ليبيا. وبرامج «الجزيرة» تتحدّث اليوم عن انهيار النظام، بينما تتكلم الإدارة الأميركية عن إخراج القذافي من المشهد السياسي الليبي.

في اليمن، قُتل 110 أشخاص في انفجار مستودع ذخيرة كان ملغّماً أثناء دخول المواطنين له، في حادث مريب جداً. فالنظام قبل يوم واحد، اتهم مجموعةً من تنظيم «القاعدة» بالسيطرة على محافظة أبين، ولا يُعلم من الذي قام بتلغيمه، ولا كيف أصبح بين الضحايا أطفالٌ ونساء.

الإرباك والغموض هو سيد الموقف في اليمن، رئيساً ونظاماً، فهناك مبادرات تطرح وتسحب في اليوم نفسه، والمعارضة مصرّةٌ على كلمة واحدة: الرحيل. الرئيس وبعد أن وزع التهم على أحزاب اللقاء المشترك والحوثيين والقاعدة والحراك الجنوبي، وجّه مكتبه السياسي أمس التهمة إلى التجمع الوطني للإصلاح (إخوان اليمن) بالوقوف وراء الاحتجاجات!

في سورية أعلن عن رفع قانون الطوارئ، ونائب الرئيس فاروق الشرع الذي أشيع خبر مقتله، خرج ليعلن عن خطوات «مطمئنة» سيعلنها الرئيس قريباً، وخرج عمال سوريون في لبنان في مظاهرة مؤيدة له، تعرّض بعضهم لاعتداءات. وفي درعا، حيث انطلقت الاحتجاجات الأولى، تجدّدت المظاهرات وعادت مظاهر الانتشار الأمني.

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أعلن أنه اتصل مرتين خلال ثلاثة أيام، بالرئيس بشار الأسد ونصحه بالاستجابة لمطالب شعبه التي قدّمها منذ سنوات، كي تجري عملية إحلال الديمقراطية سلمياً في سورية. فتركيا لها حساباتها ومراهنتها على استقرار جارتها الجنوبية، التي تربطها بها حدود طويلة، فضلاً عن دورها في توازن القوى الإقليمية بالمنطقة تجاه «إسرائيل». السياسة التركية المتوازنة، والتي تستند إلى رؤية عقلانية، من الصعب أن يزايد عليها الطائفيون والمراهنون على تفتيت المنطقة إلى قطع صغيرة متناثرة.

في الأردن، شُيّع أول ضحايا حركة 24 آذار الشبابية المطالبة بإجراء إصلاحات دستورية واسعة، سقط أثناء مواجهة الأجهزة الأمنية اعتصاماً سلمياً. وفي خطوة لافتة، اختارت «الجزيرة» أثناء بث الخبر خلفيةً، لبعض المشاهد الساخنة بين الشرطة والمتظاهرين تخللها عنف شديد.

رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات دافع عن مطالب الشباب بقوله «إن المطالبة بالملكية الدستورية ليست بدعة، بل هي الأصل». وأدان تصرفات الأجهزة الأمنية لنشرها العصبيات الضيقة وتفتيت الشعب الواحد إلى أردني وفلسطيني، متسائلاً: «لا أدري ما هي الوصفة التي اختارها هؤلاء لضرب الوحدة الوطنية». كان مجلس النواب المفرغ تماماً من المعارضة، قد رفض أية إصلاحات دستورية أو ملكية دستورية، وغيرها من «بدع» ما أنزل الله بها من سلطان.

اتحاد المثقفين العرب أصدر بياناً عبّر فيه عن صدمته للهجوم على أعضاء حركة 24 آذار، وحذّر من «اللعب بالنار». وطالب بتشكيل لجنة محايدة لمعرفة حقيقة ما جرى، ومعاقبة المسئولين عن الانتهاكات ووقف التمييز والعبث بمستقبل ووحدة الشعب الأردني.

البيان ساخنٌ وساخرٌ وله مسحةٌ أدبيةٌ، وذيّله كاتبوه بالعبارة الغريبة التالية: «حُرّر في الوطن العربي هذا اليوم 27 مارس 2011 في زمن القضاء على التنابل»! والإمضاء: «المثقفون العرب»!

أما أخبار وزارة التربية والتعليم لدينا فاشتملت على إيقاف رواتب معلمين وحراس مدارس؛ واستمرار مخاوف أولياء الأمور من إرسال أبنائهم للمدارس بعد عودة المدارس الإعدادية. أما أغرب الأخبار فنصب خيمة في البسيتين لتقديم طلبات التوظيف بالوزارة، في إجراء هو الأول من نوعه في تاريخ البحرين منذ الاستقلال، بينما ظلّ الخريجون الجامعيون والخريجات يعتصمون لخمسين أسبوعاً العام الماضي من أجل فتح باب التوظيف الموصد أمامهم.

في الرابعة والنصف عصراً، اختتم مجلس فاتحة الفقيد هاني عبدالعزيز، وبدأ جمهور المعزين التوجّه إلى المقبرة المجاورة (تبعد مئتي متر فقط) في مسيرة سلمية هادئة، تتقدّمها عائلة وأقارب الفقيد. وبعد مئة متر، عند مدخل الخميس، استقبلتها سيارة أمن برشقات من مسيلات الدموع، فانكفأ الناس إلى الوراء على إثر المفاجأة غير المتوقعة. بعد قليل انصرفت السيارة فتوجّهوا مرةً أخرى إلى المقبرة لإكمال المراسم الأخيرة

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3126 - الإثنين 28 مارس 2011م الموافق 23 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:01 م

      شكراااا

      شكرا على هذا المقال الراقي

    • زائر 27 | 5:00 م

      اردوغان بطل

      صدقت يا 13 شوف ويش يسوي اردوغان وويش يسوي غيره من وزراء خارجية وداخلية في البلدان الاخرى. الله يستر.

    • زائر 25 | 2:15 م

      قليل من الحق والموضوعية؟

      عند مدخل الخميس، استقبلتها سيارة أمن برشقات من مسيلات الدموع، فانكفأ الناس إلى الوراء على إثر المفاجأة غير المتوقعة.
      لماذا لا تكون حقاني؟ الكل يعلم ان البلاد تعيش في حالة السلامة الوطنية التي تمنع مثل هذه التجمعات فلم تقول أنها مفاجئة غير متوقعة.
      بالنسبة للمعلمين والحراس الذين تركوا وظائفهم و داوموا في الدوار هل تريد من الدولة أن تصرف رواتبهم لتكافئهم على هذه التجاوزات عجبي!!

    • زائر 23 | 9:18 ص

      بين أردوغان و باقي العرب..

      وينك ووين!

    • زائر 22 | 7:30 ص

      أيمان

      يجب نحترام الراى والراى الاخر, بغضد ألنظر عن ألمستوى الثقافى للقراء, من حق الكاتب بسرد و طرح ما هو مناسب, وألاشخاص الذين لا يعجبهم مقال الكتاب فهذا شىء شخص, قاسم من أفضل الكتاب على الساحة فهو يتعامل مع الوضع ألموجود وليس مع تهريج التلفزيون, ألاعتقالات المتواصلة و أستقبال ألمسيرات ألسلمية بالعنف المفرط, سبحان أللة نزلت ألاعمال فجأة والشباب عاطل عن ألعمل لمدة سنوات.... ما هو ألمخطط ألقادم بعد ألتخبطات القادمة... أين حنكة الحكومة ؟

    • زائر 21 | 6:56 ص

      عبارة تساوي مقال

      اعجبني الفقرة التالية: البيان ساخنٌ وساخرٌ وله مسحةٌ أدبيةٌ، وذيّله كاتبوه بالعبارة الغريبة التالية: «حُرّر في الوطن العربي هذا اليوم 27 مارس 2011 في زمن القضاء على التنابل»! والإمضاء: «المثقفون العرب»! هذه عبارة لوحدها مقال، ووزائر 9 يحتج بأنه لازم يكون مقال سياسي، وهل السياسة الا ما يكتبه قاسم حسين؟

    • زائر 18 | 5:53 ص

      الله يعين الشرفاء

      الله يساعدك يا سيد، كما قال الشاعر في فمي ماء وكيف ينطق من في فيه ماء. بس وين اللي يفهمون!!! الله يكون في عونك وفي عون الوسط.

    • زائر 17 | 5:11 ص

      ما هذا

      اخى الكاتب , انت لست مقدم برامج لكى تسرد لنا ماذا اكلنا البارحة , هذا عمود سياسي اجتماعى , اذا كان لديك ما تقوله والا اكتب في صفحة اللاخبار المحلية والعربية

    • زائر 15 | 3:29 ص

      معلومات عن الخيمه

      سألت الفراش الأسيوي في عملنا حيث استغربنا من طوابير الأسيويين وعمال الفري فيسا متزاحمين عند الخيمه فأجاب ان هذه الخيمه للتوظيف في المدارس!
      ومن مصادر موثوقه يمكن لأي شخص التقديم في هذه الخيمه (مجنس, اسيوي, أي جنسيه أخري , أخواننا من الطائفه السنيه) ما عذا المواطن الشيعي ممنوع من التقديم في هذه الخيمه. اما عن الوظائف فهي متعدده وليست فقط تابعه لوزارة التربيه والتعليم.

    • زائر 14 | 3:23 ص

      الأسلوب الهمجي هو المتبع حاليا"، كان ينفع في الزمن الغابر

      يكفيني العنوان.

    • زائر 13 | 3:15 ص

      الشرق الاوسط

      استاذ قاسم نحن بحاجة لمقالاتك الرائعة التي تسلط الاضواء على واقعنا الداخلي المرير والتركيز على التجارزات الغير دستورية وغير قانونية التي تقوم بها الجهات المحسوبة على الحكومة مثل طريقة الاعتقالات والاساليب التفتيش والعقاب الجماعي والتسريحات بدل سرد اخبار الشرق الاوسط!! مع شكري وتقديري

    • زائر 12 | 3:06 ص

      لماذا الانتقائية في الطرح

      سيد ان كنت لا تعلم فقد استشهد اكثر من مائة شخص في سوريا

    • زائر 10 | 1:48 ص

      الوسط

      شكرا لكم
      شكرا لكم
      شكرا لكم

    • زائر 9 | 1:47 ص

      اول مرة

      فعلا هذه اول مرة تنصب خيمة للتوظيف في احدة وزارات الدولة.

    • زائر 8 | 1:45 ص

      أمل

      الحل السياسي دائما يكون المناسب والامثل فى جميع الازمات وذلك لتقليل الخسائر, فى النهاية لا يمكن لأى حكومة أن تذل الشعب مهما كلف من خسائر, كما تطرق لة فى حديثك عن الانظمة العربية النائمة فى سبات عميق.. الحواجز الامنية والالفاظ الغذرة اللتى تمارس من قبل أشخاص غير مؤدبين, الحكومة تتحمل هذة الغلطة الكبيرة ويجب معالجتها, تشجيع التشدد وافساح المجال لهؤلاء الصبية... يوجد تحسن فى الوضع الامنى ولكن النفوس سيئة وتحتاج لأجيال لتفبل الاخر..

    • زائر 1 | 12:33 ص

      رحم الله الجميع

      اللهم ارحم شهدائنا واخلف على عقبهم في الغابرين.

اقرأ ايضاً