العدد 3126 - الإثنين 28 مارس 2011م الموافق 23 ربيع الثاني 1432هـ

بعد الثورة في مصر وتونس: حلم ممكن للرقيّ إلى مصافّ الدول المتقدمة

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

لا يكمن الفرق بين البلدان الفقيرة والبلدان الغنية في الامتداد الزمني أو العراقة التاريخية لهذه البلاد أو تلك، فبلدان مثل الهند أو مصر يعود تاريخها إلى أكثر من 3000سنة، لكنها اليوم تعد من البلدان الفقيرة. ومن جهة أخرى بلدان مثل كندا أو أستراليا أو نيوزيلندا والتي لا يتجاوز عمرها التاريخي قرنين من الزمن هي اليوم ضمن قائمة البلدان المتقدمة بل والغنية.

كما أن الفرق بين البلدان الفقيرة والبلدان الغنية لا يعود إلى عامل الامتداد الجغرافي أو الموارد الطبيعية الكامنة في تلك الأراضي. فاليابان تملك أرضا محدودة جدا حيث أن 80 في المئة منها هي من الجبال غير الصالحة للزراعة والفلاحة عموماً، ولكنها اليوم تمتلك أكبر قوة اقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين.

بل إن البعض يشبه اليابان بمصنع شاسع يسبح فوق أرخبيل اليابان يستورد المواد الأولوية من شتى بلاد الدنيا ليصدرها بعد ذلك في شكل منتوجات صناعية لا حصر لها نوعا وكما.

وانظر إلى سويسرا مثلاً آخر من البلدان تجد مصداق ما نقوله فهي بلد لا يزرع نبات الكاكاو ولكنها تمتلك أفضل أنواع الشوكلاتة على الإطلاق في العالم.

نعم سويسرا ذات الرقعة الصغيرة من الأرض والتي لا تستطيع أن تستزرع فيها إلاّ لمدة أربعة أشهر من السنة تنتج أفضل وأجود مشتقات الحليب.

إن هذا البلد الصغير يعطي صورة مثالية عن الأمن والنظام والعمل وهي ركائز تجعل منه بلداً واثقاً من نفسه ثابتاً في هذا العالم المتصارع.

لقد أثبتت الاتصالات والحوارات الجارية - بين الكفاءات العلمية والتقنية في الدول الغنية مع نظيرتها في الدول الفقيرة - بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يوجد فارق ذهني جوهري بين هذه الكفاءات.

فلون البشرة أو أصل الإنسان وعرقه ليس له أيّ أهمية بل إن المهاجرين المنعوتين بالكسل في بلدانهم الأصلية يمثلون القوى المنتجة في البلدان الأوروبية الغنية.

إذن فأين يكمن الفرق بين البلدان الغنية والفقيرة؟

إن الفارق بين هذه وتلك يتجلى في السلوك نعم سلوك الأشخاص أنه سليل سنوات وسنوات من التربية والثقافة. فبتحليل سلوك الناس في البلدان الغنية والمتقدمة تلاحظ أن الغالبية المطلقة تتبع مبادئ تتحكم في حياتهم يمكن إيجازها فيما يلي :

الشعور بالمسئولية،احترام القانون،احترام حقوق المواطنين، حب العمل، بذل الجهد في التعلم والاكتساب،الاستثمار في الثروة البشرية، الإرادة الإيجابية الخلاقة، الالتزام بالمواعيد والدقة فيها، الرغبة في العيش بسلام، وأخيراً وليس آخراً حب الوطن.

بينما نحن في البلدان الفقيرة قلة هي التي تتبع هذه المبادئ الأساسية في حياتها اليومية.

لكن إذا علمنا أن هذه هي المبادئ التي من أجلها ثار الشعبان التونسي ثم المصريّ، وإذا علمنا أننا لسنا فقراء لنقص في مواردنا الطبيعية أو لأن الطبيعة قاسية معنا وإذا تذكرنا أن مصر وتونس لطالما صدّرا إلى العالم كفاءات تقلد بعضها أهمّ المناصب العلمية وحاز على أكبر الجوائز الدولية في العالم...، إذا اعتبرنا كل هذه المعطيات ألا يجوز لنا أن ننتظر بزوغ فجر جديد في هذين القطرين العربيين باستغلال أجواء الثورة الإيجابية ومناخ الحرية والديمقراطية والشفافية ليَنظَمّ هذان البلدان إلى مصافّ الدول المتقدمة والغنية بثرواتها البشرية على غرار كندا وسويسرا واليابان؟

نحن في حاجة ماسّة إلى التفكير الإيجابي بعد الثورتين المباركتين في تونس ومصر ثم إلى العمل لأنه بإمكاننا أن ننجح فيما نجح فيه غيرنا

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3126 - الإثنين 28 مارس 2011م الموافق 23 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:49 ص

      إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا........

      كما قلت:
      إن الفارق بين هذه وتلك يتجلى في السلوك نعم سلوك الأشخاص
      فكم نحتاج لتغيير سلوكنا .سنوات بل عقود............

    • زائر 3 | 5:53 ص

      التفكير والعمل

      الشعور بالمسئولية،احترام القانون،احترام حقوق المواطنين، حب العمل، بذل الجهد في التعلم والاكتساب،الاستثمار في الثروة البشرية، الإرادة الإيجابية الخلاقة، الالتزام بالمواعيد والدقة فيها، الرغبة في العيش بسلام، وأخيراً وليس آخراً حب الوطن.
      مبادئ راقية راسخة في ديننا الاسلامي فمتى نعمل بها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 1 | 12:35 ص

      نرجو ذلك

      ضرورة التحول من التفكير السلبي إلى الإيجابي:
      نحن في حاجة ماسّة إلى التفكير الإيجابي بعد الثورتين المباركتين في تونس ومصر ثم إلى العمل لأنه بإمكاننا أن ننجح فيما نجح فيه غيرنا
      شكرا على الموضوع

اقرأ ايضاً