نتوقع في مستقبل ليس بالبعيد، أن يلتفت الباحثون صوب البحرين، ويحاولون قراءة الأسباب المحلية والإقليمية، وربما العالمية أيضاً، التي قادت إلى انفجار 14 فبراير/ شباط 2011، وحينما يغوصون عميقا في تفاصيلها، في نطاق سعيهم لاستخلاص النتائج التي أفرزها ذلك الانفجار، سيجدون أنفسهم في مواجهة مساحة واسعة، يحتلها طيف متفاوت الألوان من التفاعلات، التي يعبر كل منها عن تلك الأسباب، ويسلط الآخر المزيد من الأضواء على تلك النتائج، التي تتداخل فيها العوامل السياسية مع الاجتماعية.
لكن لو حاول أي منهما، القارئ للأسباب، أو من يريد ان يتوصل إلى النتائج، أن يركز، دون الغرق في تلك التفاصيل، على الأحداث من أجل اكتشاف العامل المشترك الأهم الذي يبرز بوضوح عند طرق موضوعاتها، فمن المتوقع أن كليهما سيخلص إلى استنتاج، نراه أكثر اهمية من سواه، وهو أن هزيمة، إن أردنا تبئيركل ذلك في نقطة مركزية واحدة ، نكراء ألحقت بالمنهج الوسطي المعتدل في كفتي الصراع: المعارضة والسلطة التنفيذية، ومقابل ذلك هناك انتصار كاسح، نأمل ان يكون مؤقتاً ومحدوداً، حققه الخط المتصلب المتطرف في كلتا الجبهتين: المعارضة والسلطة.
ولكي تكتمل الصورة، وتكون واضحة المعالم، لابد من العودة بضع خطوات نحو الخلف، واسترجاع بعض الأحداث. في البداية، لم تكن مطالب المسيرات التي خرجت في الأسبوع الثاني من فبراير تتجاوز مجموعة من الإصلاحات السياسية الضرورية التي كان يحتاج لها مشروع الإصلاح السياسي، الذي قاده جلالة الملك في مطلع هذا القرن، والتي كانت، في جوهرها، تطويرات لابد منها كي يكتسب المشروع ذاته بعض الدينامية التي فقد بعض عناصرها بفعل عوامل الزمن من ناحية، وجراء تأثر البحرين برياح التغيير التي هبت على المنطقة العربية، وعلى وجه التحديد في مصر، ومن قبلها تونس من جهة أخرى. أمام تلك المطالب الإصلاحية التجديدية المشروعة التي نادت بها المعارضة، تعاملت القوى المتصلبة في السلطة ببطش، وأدى ذلك إلى بعض الاستشهادات التي ساهمت في تأزيم الأوضاع، وكادت ان تقود إلى انفجارات غير محسوبة العواقب. حينها تدخل السلطة معززا بدعم جلالة الملك ذاته، ووافق على أهم مطلبين رفعهما الجناح المعتدل في صفوف المعارضة، وهما سحب قوات الدفاع، والسماح للشباب المتظاهرين بالعودة إلى «دوار اللؤلؤ». هنا تعانق الطرح المعتدل لدى الطرفين، وكدنا قاب قوسين أو أدنى من من ولوج مرحلة إصلاح جديدة، يعززها مشروع ولي العهد المتمثل في دعوته للحوار غير المحدود بسقف، والقابل لوضع كل الموضوعات على طاولة الحوار الذي دعى له.
في تلك اللحظة التاريخية الحرجة، وجد المتصلبون في في مختلف الأطراف أن النجاح بات من نصيب الخط المعتدل الواقعي، وبدأت نبرة التصلب في هتافات الدوار التي باتت، في البدابة ترفع شعارات، ليس في وسع الشارع السياسي البحريني ، وعلت النبرة الحادة كي تصل إلى أقصاها.عزز الخط المتصلب دعواته تلك بتمدد جغرافي أخذ شكل مسيرات يومية تتجه صوب المؤسسات الرسمية، مثل مقر مجلس الوزراء، وتحتل المواقع الاقتصادية الحيوية مثل «المرفأ المالي». ويصل الأمر بها أن تتجه إلى «قصر الصافرية». حينها بحت أصوات الخط المعتدل في صفوف المعارضة، الذي كان يتمسك بالمطالبة بخفض سقف المطالب، وفشلت مساعيه في إقناع من تمدد خارج «دوار اللؤ لؤ» بالعودة إلى محيط الدوار. حينها فقط، فقد الخط المعتدل القدرة على الإمساك بالأمور، ولم يعد بوسعه الاستمرار في الاحتفاظ بلغة التفاهم، فانقض الخط المتشدد من كل جانب يفتعل المعارك مع الخط المتصلب ممن رفع من سقف المطالب، ووسع من رقعة «الاحتلالات الجغرافية».
تراجع حينها حضور دعوات الحوار رغم تكرارها في أكثر من صيغة، كانت آخرها تلك البنود السبعة التي نشرتها، على لسان سموه في 13 مارس / اذار 2011. وحلت مكانها إجراءات انتهت باقتحام الدوار ، وأقامت المتاريس على مداخل قرى البحرين ومدنها. مقابل ذلك استمر الخط المتصلب في المعارضة متشبثاً برأيه، رافضاً الحوار، مالم يتم تحقيق مجموعة من المطالب. ومن ذلك الحين، والبحرين تعيش تحت رحمة سياسات لم تعرفها منذ تدشين المشروع الإصلاحي قبل عشر سنوات.
واليوم، ونحن نرى ما يتعرض له المواطن من مضايقات، وما يتعرض له من إهانات، ليس هناك من منقذ يمكن ان ينتشل البحرين مما هي فيه، سوى قبول الخط المعتدل في صفوف المعارضة، دونما أي تردد أو وضع أية شروط مسبقة، بالجلوس إلى طاولة المفاوضات التي دعى إليها الخط المعتدل، ممثلا بسمو ولي العهد. حينها فقط سيقطع الطريق على الخطوط المتصلبة المتغلغلة في صفوف المعارضة والسلطة على حد سواء، وسيحمل الطرف المعتدل في السلطة والمعارضة أيضاً البحرين على أكف الراحة ويرفعانها سوياً من مجارير المستنقع الذي تعيش فيه اليوم، إلى صالات قصور مجتمع المملكة الدستورية التي نحلم بها في المستقبل
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3124 - السبت 26 مارس 2011م الموافق 21 ربيع الثاني 1432هـ
سلامتك عل اخر جملة
مقالك رائع لولا اخر جملة خربتها
إلى صالات قصور مجتمع المملكة الدستورية التي نحلم بها في المستقبل
bhjh
nbjhvjhvghgvghv
اين المعتدلين
لا يوجد معتدلين حتي الجمعيات السبع وضعت ظ،ظ¢شرط تعجيزي . لماذا هذا التعنت ؟ واقصاء المكون الثاني في البلد ، اهذه ديمقراطية التي تنادون بها ؟ ؟ .........
وضعت يدك على الجرح تماما
بالتحديد هذا النوع من التوجهات نحتاجها الان
فالفكر الوسطي المعتدل غاب عن الساحه وانفلتت الامور وما نحتاجه اليوم هو الرجوع الى هذا الفكر وهو الوحيد الذي سيقود البحرين ان شاءالله الى بحرين أفضل.
زائر55555
أشكرك على المقال الجرئ ,هذه الأسباب التي جعلت الحكومة أن تعيد حساباتها من جديد و هو عدم اتفاق المعارضة على المطالب و ظهور تحالف ثلاثي يطالب بأشياء غير واقعية و زيادة التصعيد زاد الطين بلة مع احترامي لهم الشديد ولكن هذا اللي صار ويش استفدنا من ذلك مع دعوة بعض الشخصيات المؤثرة في المجتمع بقبول دعوة ولي العهد بالدخول في الحوار الا كانت بعض الأطراف تتصيد أخطاء المعارضة لضربها على مختلف الأصعدة , و هذه وجهة نظري المتواضعة .
نشد على اياديكم
نتمني أن يكون للكل صبر وعزيمه على المضي قدماً من أجل الحوار الذي يديره العقلاء والمعتدلين من كلا الجهتين والله يرفع البحرين ويصبر الجميع
حان دور المعارض المعتدل
نعم اخي الفاضل يجب ان يبادر الطرف المعارض المعتدل بالبدء في الحوار ليتمكن الشعب البحريني من جني ثمرة الاعتصام السلمي اما عن احد اقطاب المعارضة و هم جماعة حق فاعتقد بانهم اكثر الناس دراية الان بانهم قرأوا الشارع بشكل خاطئ و انهم قاموا بتضيع فرصة تاريخيةعلى الشعب البحرين بتعنتهم ورفضهم ارقى اساليب النضال و هو الحوار .