تمر البحرين هذه الأيام بظروف استثنائية وغير مسبوقة في تاريخها الحديث، حيث تعيش البلاد حالة من الاحتقان الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
فعلى الصعيد الأمني تمضي حياة المواطنين اليومية في البحرين بحذر شديد تحت مظلة قانون السلامة الوطنية أو بما يعرف بقانون الطوارئ والذي يمنح الحاكم العسكري للبلاد سلطات غير محدودة وذلك من أجل استتباب الأمن، حيث نجد ومنذ تطبيق هذا القانون الانتشار العسكري الواسع والكثيف للجيش والأمن في مختلف مناطق البحرين.
أما على الصعيد السياسي، فهناك حالة من الشلل التام للعملية السياسية، تمثل في استقالة 18 نائباً من البرلمان يمثلون كتلة "الوفاق" واعتصام في دوار مجلس التعاون استمر لحوالي ثلاثة أسابيع تم فضه منذ أيام قليلة، قابل ذلك تجمعات حاشدة في ساحة مركز الفاتح الإسلامي، وبالتالي فإن توصيف المراقبين والمحللين للحراك السياسي في البحرين أصبح كالتالي: اصطفاف سياسي وطائفي في المجتمع البحريني تمثل ذلك في تشكيل فريق المعارضة السياسية تكتلاً يتكون من سبع جمعيات سياسية معارضة للنظام وعدد من منظمات المجتمع المدني ويقود هذا التكتل جمعية الوفاق الإسلامية والتي تمثل في الغالب مطالب الشارع الشيعي وتشكل بالتالي مقابل ذلك تجمع الوحدة الوطنية ويمثل خمس جمعيات سياسية وعدداً من منظمات المجتمع المدني وشخصيات مستقلة تتبنى في المجمل ما يطرحه الشارع السني.
ودون الدخول في تفاصيل الخلاف بين الطرفين فقد تبين للجميع الهوة الشاسعة بين سقفي مطالب تكتل المعارضة ومطالب تجمع الوحدة الوطنية.
أما النظام السياسي فقد رمى الكرة في ملعب الفريقين ودعاهما إلى طاولة الحوار من خلال مبادرة سمو ولي العهد والمتمثلة في المبادئ السبعة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فهناك ترقب حذر يسود القطاع الاقتصادي بانتظار أن تبدأ أعمال طاولة الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين أعمالها يصاحب ذلك تداعيات الإضراب عن العمل على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلد، والبحرين قد تكون معرضة لأن يتم عالمياً تخفيض مستوى تصنيف مؤسساتها المصرفية والمالية وسنداتها وديونها وغيرها إذا ما شهد الوضع السياسي حالة من الجمود لمدة أطول.
أما على الصعيد الاجتماعي والذي يهمنا هنا، فهناك قلق وتوتر بين أفراد المجتمع خوفاً من الاصطفاف الطائفي الذي أخذ ينتشر وبشكل غير مسبوق كالنار في الهشيم في المجتمع البحريني والذي قد يؤدي إلى نتائج وخيمة كما حدث في العراق، أو الخشية من أن لا يكون هناك أي حوار وطني في ظل التخندق السياسي والطائفي، أو أن يصل الحوار الوطنيٍ لا سمح الله إلى طريق مسدود، وبالتالي قد يصل الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، وخاصة أن هناك أناساً من الطرفين تقوم بصب الزيت على النار؟!
ومن خلال الحوارات التي أجريتها مع مختلف ألوان الطيف السياسي واستماعي للشعارات التي ترفع والخطب التي يلقيها القادة السياسيون والدينيون وقادة الرأي ورؤساء منظمات المجتمع المدني في التظاهرات والاعتصامات والمسيرات أجد نفسي ملزماً وبصفتي أحد أبناء هذا الوطن الغالي بأن أقول للفئة القليلة من هذا الفريق أو ذاك والتي تصب الزيت على النار وبالتالي تحقق أهدافها في إثارة الفوضى والفتنة الطائفية: ارفعوا أيديكم عن الشعب البحريني ودعوه يقول كلمته، ألا وهي أن الوطن يسع قلبه للجميع، وأن الوطن يحتاج إلى السلم الأهلي والتعايش السلمي وأن الوطن يجب أن يكون بلد الأمان وأن الوطن يحتاج إلى الحوار الوطني العقلاني الذي تظلله الوحدة واللحمة الوطنية والذي يحقق الإصلاح السياسي الذي يستحقه الشعب البحريني الأبي والذي انتصر في العام 1971 بكافة مكوناته لعروبته واستقلاليته، وأهل البحرين أهل الطيبة والتسامح على مدى الزمن يؤمنون بأنه بتضافر الجهود بين كافة الأطراف المعنية ومن خلال الحوار الوطني البناء سوف تخرج البحرين بإذن الله تعالى من هذه الأزمة أكثر تماسكاً ورفعة.
ومن هنا ننصح من يؤجج الفتنة الطائفية بأن يحتكم إلى دستور الأمة الإسلامية وهو القرآن الكريم والذي وضع الفتنة في مرتبة أشد من القتل وبالتالي نقول لهم إن العواقب خطيرة من جراء رفع شعارات تحريضية وإرسال رسائل هاتفية تحمل في طياتها الإشاعات والعداوات بين أفراد المجتمع أو استخدام الإنترنت للتأجيج الطائفي أو أن توزع منشورات تحريضية على كراهية الآخر أو أن يتم تحريض الطلبة والعمال على بعضهم البعض.
إن الوطن لا يستحق منا أن ننشر بين مكوناته الكراهية والبغضاء، فالتاريخ الوطني والنضالي لهذا الوطن ضد المستعمر وضد الظلم قد أثبت للقاصي والداني بأن الشعب البحريني بكافة مكوناته يعشق أرضه حتى النخاع ولا يقبل هذا الشعب إلا أن يسمو فوق جراحاته ويكون شعبا واحدا فالفرح قد يتدفق من رحم الأحزان!.
إن هذا الشعب الأصيل لا يستحق أن نضرب وحدته الوطنية التي بناها أجداده وآباؤه وعلينا تقدير جهودهم المخلصة وتضحياتهم في وقوفهم ضد المستعمر والظلم والاستبداد وأن نواصل المسيرة الوطنية التي بدأوها ورووها بدمائهم الزكية.
إن عملية التحريض الرخيص وتأجيج المشاعر الطائفية والاعتداءات على المواطنين الآمنين ليست من أخلاق وشيم أهل البحرين، وإن الفئة القليلة التي تقوم بتلك الأعمال من أجل مصالح شخصية أو خدمة لمصالح آخرين، نقول لهم إن المصالح الشخصية والشخصيات التي تدافعون عنها زائلة والوطن باق وقلبه يسع الجميع، ومن هنا نقول لشعب البحرين الواعي والذي لم ينجح المستعمر البريطاني أو أي دول أخرى في أن يستخدم معه مبدأ "فرق تسد": الحذر ثم الحذر من الذين يسعون إلى تفريقكم إلى فرق وطوائف، إن ديننا الذي يدعو إلى الأخوة والتسامح والمحبة والاختلاف الذي لا يفسد للود قضية، الدين الإسلامي الذي تسامح مع النصارى واليهود بأنه ليس فيه متسع لمروجي الفتنة الطائفية التي تحرض على الكراهية وبالتالي جر البحرين إلى التهلكة لأن قدر شعب البحرين أن يعيش بمكونيه السني والشيعي في وطن واحد وبالتالي فإن التوافق الوطني على الثوابت الوطنية والبعيد كل البعد عن أي حسابات عقائدية مذهبية هو المخرج الوحيد من هذه الأزمة وهو الذي نعول عليه في إعادة اللحمة الوطنية كما عهدناها في المنعطفات الوطنية المفصلية من تاريخ هذا الوطن، ويجب أن نقول جميعاً لمروجي الفتنة ارفعوا أياديكم عن الشعب البحريني ودعوه يقول كلمته وهي الوطن فوق الجميع.
فمن يرفع الشراع؟
إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"العدد 3123 - الجمعة 25 مارس 2011م الموافق 20 ربيع الثاني 1432هـ
الخوف من استشراء الفتنة اقليميا و دوليا
الا يمكن للمنادين بالفتنة أو من له اليد العليا عليهم أن يفهموا ذلك؟
لن ولم
يستطيعوا سرقة امالنا هم واهمون واهمون
سلمت الأقلام الحرة
كم نحن بحاجة الى التأكيد على هذه الدعوات التي تؤكد و تدعم اللحمة الوطنية , حبذا لو كانت هناك أذن صاغية من قبل تلفزيوننا المحلي لهذه الدعوة الصادقة و دمتم .
نشكرك على المقال الرائع
اتمنى من الطائفيين المريضة قلوبهم بالطائفية ان يفهموا بأن البحرين للجميع , واقول خافوا اليوم الي بتلاقون فيه رب العالمين وبتتحاسبون على كل موقف بل وعلى كل كلمة نطقتم بها .
العودة للهدوء
جزاك الله خيراً على مقالك بوعبدالله الذي اتسم بالعقل والحكمة المطلوبة في الوقت الراهن بجانب الأمن الذي يحمي الحوار. فنحن مع الحوار الحقيقي بلا خذلان وسلبية - لقد رأينا مدى قدرة أبناء البحرين وجيرانها على بسط الأمن رغم أنف الضالين وهو ماألقى بالطمأنينة في قلوبنا وشد من عزيمتنا لبدء حوار صادق للخروج من هالأزمة. ومن هنا نقول للجمعيات السبع ومن يواليها فلتتقدموا للحوار الذي يعني الجلوس على طاولة الحوار بلا شروط - لان معنى الحوار هو الجلوس وتقارب وجهات النظر ونزول كل طرف للآخر للإلتقاء في نقطة.
....
مثيري الفتنة واضحون فلما لا يتم سد افواههم .
حب الوطن
اخي الكريم اعجبني بل ابكاني طرحك الجميل للموضوع قلمك بالفعل عبر عن مافي القلب نتمنى من الشعب ان يتكاتفو كما عهدناه منهم دائما... وسيبقى حب الوطن فوق الجميع
عساف خليجي
البحرين شعب عريق له جذور أصيلة تمتد في عمق
التاريخ لذلك واجب على الجميع التضحية والتضامن من أجل رفع شؤون المواطنين وتحقيق مطالبهم وتفضيلهم على المجنسين وليس العكس
لماذا تمارس السلطوية نرجو من العقلاء تغير هذه النظرة القديمة والمتخلفة من أجل وطن كريم للجميع.
ابــــ سيد رضا ــــو
هناك الكثير من العقلاء و من يدعي العقلانيه و نقطتي تنصب في من يدعون العقلانيه و المحافظين على اللحمه و الوطنيه و هم اكثر طبعا و خطاباتهم فيها الكثير من الخبث السياسي فالكلام معسول و لكن من اراد شرب العسل فسيصاب بنار الفتنه الطائفيه و الصحف المحليه و الاعلام المحلي فيه الكثير من هذه الاشكال .
العقلاء كثيرون في هذا الوطن الغالي و لكن اين المنصطين لهولاء العقلاء للاسف غير موجودين و هذا لب المشكله فكل مرسل يجب ان يكون هناك له مستقبل و للاسف الاستقبل ضعيف في بلدنا الغاليه .
و هذه الطامه الكبرى
كلام جميل ولكن ...
لقد ظهرت الفتنة حين بدأ التجنيس السياسي
فنحن طول عمرنا متعايشين مع بعضنا
ولمثيري الفتنة من اجل مصالحهم
اقول لهم رفقا بانفسكم حتى لاياتي يوما تكرهون فيه هذه النفس
شكرا استاذي الفاضل على طرحك العقلاني
بارك الله فيك
الله يحفظك الأخ عيسى
كلامك يشرح الصدر ويعطينا امل بأن هناك عقلاء في بلدنا الحبيب من يتكلم به منطلق الحرص على الوطن وأبناءه
ارجو منك أن لا تغيب عن الساحه في هذه المرحله الحساسه.
الله يحفظك من كل سوء
ارجو من تلفزيون البحرين استضافة الأخ عيسى السيار
مقال ممتاز جدا وتحليل منطقي / رفقا بالبحرين يا أهل الخير
من يحبّ البحرين يضحي من أجلها ومن يحبّ البحرين يبذل من أجلها. لنا تميّز في التعايش والمحبة فلماذا نقبل على أنفسنا أن ننزل عن مكانة رفيعة يحسدنا العالم عليها. كلا الطرفين أجمعا على أن الوضع يحتاج إلى إصلاحات فلماذا لم تبدأ الإصلاحات من أجل سحب
البساط والإعذار حتى لا يصل بنا الحال إلى ما وصلنا إليه فها هو ملك المغرب وسلطان عمان بادر الإثنان لتصحيح الوضع بما يهديء النفوس وعبور المحنة.
لماذا لا نحتدي الأمثلة الجيّدة ونأخذ منها فهي أقل كلفة
مما وصلنا إليه بكثير
دعاة الفتنة واهمون
دعاة الفتنة واهمون وهم على مر العصور والازمنة يظهرون مهما ارادوا اخفاء وجوههم الكريهة ففي أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم فضح لهم وهم لايريدون الخير لاحد حتى لانفسهم كما يبدو وهم بيننا يعرفهم المجتمع لكن مع الاسف لم يقم بالضرب على أيديهم أحد هل هو خوفا منهم أم مباركة لعملهم فهم بجهلهم وحماقتهم وحقدهم سيحرقون الجميع لابلغهم الله مرادهم فهم الى الشر ساعون والى الخير مانعون كفى الله البلاد والعباد شرهم امين رب العالمين