واجه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح اليوم (الثلاثاء) الضغوط المتزايدة عليه بالتحذير من "حرب اهلية" في البلاد، فيما سجلت اول اشتباكات بين بين الجيش والحرس الجمهوري في الشمال ما اسفر عن مقتل جنديين وسط تواصل انضمام عسكريين الى "ثورة الشباب".
ونقل مصدر مقرب منه استعداده لمغادرة السلطة مطلع 2012 بعد اجراء انتخابات تشريعية، الا ان المعارضة سارعت الى رفض ذلك والمطالبة برحيله مباشرة.
كما دان مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الثلاثاء في القاهرة "الجرائم بحق المدنيين" التي ترتكب في اليمن وحض السلطات اليمنية على "التعامل مع مطالب شعبها بالطرق السلمية".
وقال صالح امام مجلس الدفاع الوطني ان "اي محاولة للوصول الى السلطة عبر انقلابات ستؤدي الى حرب اهلية في البلاد"، محذرا من ان "اي انقسامات في القوات المسلحة سينعكس سلبيا على كل الوطن".
واضاف متوجها الى كبار القادة العسكريين الموالين له "لا ينفع الندم لان الوطن اكبر من الافراد ومن اماني الاشخاص وكبرياء الاشخاص".
وناشد صالح بعد يوم من تاكيد وزارة الدفاع على "ولاء" الجيش له، الضباط الا "يخضعوا الى ارهاب الاعلام" ودعاهم الى ان "يحافظوا على الامن والاستقرار".
وعن الضباط المنشقين، قال صالح انهم "يتساقطون مثل اوراق الخريف" لكنه اعتبر انه "ما زال هناك فرصة ليعودوا للصواب".
كما توجه الى الشباب المعتصمين في شتى انحاء البلاد والمطالبين برحيله منذ نهاية كانون الثاني/يناير بالقول انهم ضحايا "ينفذون اجندة خارجية"، و"ضحايا لقوى سياسية عتيقة متناقضة (...) شاخت" في اشارة الى القوى السياسية المعارضة.
وفي وقت لاحق، اكد مصدر مقرب من الرئيس لفرانس برس ان صالح ابدى استعداده لمغادرة السلطة في بداية العام المقبل، وذلك بعد تنظيم انتخابات برلمانية بنهاية العام الحالي.
الا ان المعارضة سارعت الى الرفض، واكد القيادي في المعارضة البرلمانية (اللقاء المشترك) محمد الصبري انه يتعين على صالح ان "يرحل الآن" استجابة لمطالب الشعب، وذلك في تصريحات لقناة العربية.
وقال مسؤول بارز في الاتحاد الاوروبي الثلاثاء انه يبدو انه بات من الحتمي ان يتنحى الرئيس عن السلطة بعد خسارته الدعم الشعبي ودعم عدد من المسؤولين العسكريين وزعماء القبائل.
في الوقت نفسه، قتل جنديان يمنيان في اول اشتباكات بين الجيش والحرس الجمهوري الموالي لصالح في المكلا عاصمة حضرموت (جنوب شرق) مساء الاثنين، كما افادت مصادر طبية وشهود عيان وكالة فرانس برس.
واوضحت المصادر ان "جثتي جنديين واحدة تعود لعسكري في الجيش واخرى لعسكري في الحرس الجمهوري نقلتا الى مستشفى في المكلا اثر اشتباك بين الجانبين قرب القصر الجمهوري مساء الاثنين".
كما اصيب ثلاثة عسكريين بجروح في المواجهات.
واضافت المصادر ان المواجهات اندلعت اثر توتر بين قوات الحرس الجمهوري وقوات تابعة لقائد المنطقة الشرقية محمد علي محسن الذي اعلن الاثنين انضمامه الى الحركة الاحتجاجية المطالبة باسقاط نظام صالح.
وروت المصادر ان "قوات الجيش سيطرت على القصر الجمهوري، ما دفع قوات الحرس الجمهوري المتواجدة في معسكر قريب الى محاولة استعادة الموقع".
وانتشرت مساء الاثنين القوات الخاصة حول القصر الرئاسي في حي فتح في مدينة عدن (جنوب) وذلك تحسبا لاي اعمال عنف او شغب، بحسب ما افاد شهود عيان فرانس برس.
وقال الشهود ان "اليات ضخمة تابعة للقوات الخاصة التي يقودها نجل الرئيس انتشرت حول القصر الجمهوري" في اول رد فعل في عدن على الاستقالات المتتابعة من قبل القيادات الأمنية والعسكرية.
وفي الجوف شمال اليمن سيطرت عناصر قبلية مسلحة على المدينة وطردت منها قوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح، بحسب ما افادت مصادر قبلية وكالة فرانس برس.
من جهة اخرى، صرح مسؤول محلي لوكالة فرانس برس ان 13 من مسلحي القاعدة قتلوا الثلاثاء في اشتباكات مع جنود يمنيين في محافظة ابين الجنوبية، معقل التنظيم المتطرف.
واعلن عشرات الضباط وعلى راسهم اللواء علي محسن الاحمر الذي كان يعد من اهم اعمدة النظام انضمامهم الى الاحتجاجات المستمرة منذ نهاية كانون الثاني/يناير.
وقد انتشرت دبابات وآليات تابعة لقوات الاحمر امام مراكز حيوية في العاصمة اليمنية.
وقال الاحمر لفرانس برس ان "ضغوطا تمارس على صالح من اجل القبول بخطة تقضي بخروجه من السلطة قبل نهاية 2011"، مع العلم ان ولايته الحالية تنتهي في 2013.
وواصل عدد من الضباط اليوم اعلان انضمامهم الى "ثورة الشباب" امام المحتجين المعتصمين في صنعاء منذ 21 شباط/فبراير.
وتأتي الانشقاقات خصوصا بعد مقتل 52 متظاهرا واصابة اكثر من 120 اخرين بجروح في العاصمة اليمنية الجمعة برصاص قناصة ومسلحين قال المتظاهرون انهم مناصرون للسلطة.
وتقول منظمة العفو الدولية ان ثمانين شخصا على الاقل قتلوا منذ بدء الاحتجاجات.
والى جانب الضباط، اعلن دبلوماسيون يمنيون جدد تاييدهم للحركة الاحتجاجية الاكبر في وجه صالح منذ توليه الحكم عام 1978.
وانضم سفراء اليمن في باكستان وقطر وعمان واسبانيا والقنصل اليمني في دبي الى زملاء لهم سبق ان اعلنوا تاييدهم للتحركات الاحتجاجية، بحسب ما نقلت صحيفة "غالف نيوز" الاماراتية الثلاثاء.
وانضمت كذلك هيئة تحرير صحيفة "14 اكتوبر" الحكومية في عدن (جنوب) الى المتظاهرين، بحسب ما اعلن مصدر مسؤول في الصحيفة.
وقال المصدر ان الصحيفة "توقفت عن الصدور حتى اشعار اخر بسبب الخطاب الرسمي المفروض من وزارة الاعلام عليها، فضلا عن انضمام هيئة تحريرها الى المحتجين المطالبين باسقاط النظام".
وكان شيخ مشايخ قبائل حاشد النافذة صادق الاحمر دعا الى "خروج هادىء ومشرف" لصالح من السلطة، بينما جدد رئيس هيئة علماء اليمن عبد المجيد الزنداني دعوته الرئيس اليمني الى التنحي.
وقال الزنداني في تصريح لقناة الجزيرة الاثنين متوجها الى صالح "ها هو شعبك يطالبك بالتنحي ورجالات في حزبك وفي حكومتك يستقيلون فالا يكفي هذا لكي تفكر بان تضع حدا لهذه النهاية ولهذه المهزلة التي وصلت اليها البلاد؟".
وتابع "كن شجاعا واتخذ هذا القرار".
وبعد يوم من اعلان وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه انه "لم يعد من مفر" لتنحي الرئيس اليمني، اعتبر وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس اليوم ان الاضطرابات في اليمن قد تحول انتباه البلاد عن مكافحة تنظيم القاعدة.
واعلن مصدر امني لفرانس برس ان عنصرين من القاعدة لقيا مصرعهما فيما اصيب عنصر آخر وخمسة جنود يمنيين في اشتباكات وقعت في محافظة ابين (جنوب).