العدد 3119 - الإثنين 21 مارس 2011م الموافق 16 ربيع الثاني 1432هـ

ربيع تونس 20 مارس 2011: الشعب يريد الاحتفال بعيد الاستقلال

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

خمس وخمسون سنة ولّت منذ أن انتفضت تونس واستقلّت عن الاستعمار الفرنسي الغاشم، كان ذلك في 20 مارس/ آذار 1956م. لكن الاحتفال بهذه المناسبة المجيدة العزيزة على كل تونسي لم يقع سوى مرتين أو ثلاث بالمعنى الشعبي لكلمة الاحتفال.

كانت الأولى مع فرحة جيل الاستقلال يوم 20 مارس/ آذار 1956 حينها أحسّ الرعيل الأول من المناضلين بنشوة النصر، وشعر آنذاك من شَهِد بزوغ فجر الاستقلال بفرحة عارمة ونخوة لا توصف. أما الثانية فهي في الذكرى الأولى للاستقلال من العام 1957. وبعد ذلك بدأ وهج هذا الاحتفال يخبو خاصة لمّا انقلبت عليه احتفالات شخصية ارتبطت بالرئيس الأول 3 أغسطس/ آب والرئيس الثاني 7 نوفمبر/ تشرين الثاني حيث صارت أهم من الاحتفال بالعيد الوطني في تونس... ثمّ وبعد أكثر من نصف قرن يستعيد التونسيون نكهة الاحتفال بعيد الاستقلال، نعم لم يعبّر التونسيون عن فرحتهم باليوم الوطني الخالد سوى يوم 20 مارس 2011 حيث يشعر هذا الجيل الجديد بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011 بلذة العيد الوطني حين نادوا بأعلى صوتهم: «الشعب يريد الاحتفال بعيد الاستقلال». كم هي مهيبة صور الجموع وقد تجمهرت في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس يوم الأحد الماضي! كم هي عظيمة وتلقائية وصادقة فرحة الشعب شيبا وشبابا صغارا وكبارا تجمعوا كلهم بمحض إرادتهم في الشوارع والساحات الحيوية في مدنهم وقراهم حيث عبّر كلّ على طريقته فمنهم من عبّر بالأغاني الوطنية وخاصة بأغنية الثورة التونسية «راجع راجع يا بلادي...» وغيرهم من الشباب بعروض فنية مسرحية وآخرون بمرسم كبير وبحرية لم نعهدها في ميادين تونس وشوارعها. لقد كان احتفالا من القلب إلى القلب من غير تكلف ولا إكراه ومن غير أن تنقلهم «الحافلات الصفراء» من الأرياف مكرهين ليؤثثوا الشوارع ضمن ديكور مصطنع في احتفالات النظام السابق بذكراه البائدة ذكرى 7 نوفمبر. على النقيض تماما هذه المرة بعض الشباب التونسيين من الدارسين في فرنسا نزلوا إلى تونس خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي للاحتفال بذكرى الاستقلال في نسخته الجديدة مؤكدين انتماءهم والتزامهم والتحامهم بحركة الجماهير الشبابية في تونس.

نعم لم يكن هذا الاحتفال ليكون على هذا الشكل وبهذا الثوب الجديد لولا ثورة 14 يناير 2011 التي تلتقي مع الاستقلال عن المستعمر الفرنسي في معان عديدة كما صرح بذلك رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزّع في خطابه بالمناسبة والذي أعلن رسميا اعتبار يوم 14 يناير عيدا للثورة والشباب ابتداء من العام القادم.

إنّ الاحتشاد الشعبي التلقائي يوم الأحد 20 مارس 2011 بشوارع تونس تحوّل بها من الاحتفال بعيد الاستقلال إلى عيد الاستهلال كما جاء على لسان مصطفى الفيلالي العضو المؤسس للمجلس التأسيسي الأول العام 1956، نعم هو عيد الاستقلال باستهلال حياة ديمقراطية بمختلف رهاناتها وتحدياتها تواجه تونس ما بعد الثورة لكنها كفيلة بتجاوزها بفضل شعبها الكبير والناضج بما فيه من كفاءات وقيادات فكرية وسياسية ونقابية وإرادة شعبية صارت مضربا للأمثال.

لقد استرد الاحتفال بعيد الاستقلال كافة أبعاده الوطنية العميقة بفضل ثورة 14 يناير فغدا بذلك هذا الاحتفال مناسبة وطنية لا يملك البعيد عن الوطن أمامها سوى أن يردد قول المتنبي:

عيد بأي حال عدت يا عيد @@@ بما مضى أم لأمر فيك تجديد

أما الأحبة فالبيداء دونهم @@@ فيا ليتها بيد دونها بيد

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3119 - الإثنين 21 مارس 2011م الموافق 16 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 3:10 م

      الوتر الحساس

      أما الأحبة فالبيداء دونهم @@@ فيا ليتها بيد دونها بيد
      حقا الحبايب في تونس بعيدين
      نحن في انتظار العودة
      لتكتمل الفرحة

    • زائر 7 | 12:05 م

      إلى الأمام

      حقّ لكم ن تحتفلوا إخوانة التوانسة
      ان شاء الله تحافظوا على هذي الثورة العظيمة
      سؤال عن انتخاباتكم القادمة
      وما حكاية المجلس التأسيسي؟
      شكرا أستاذ يا ريت توضيحات عنها؟

    • زائر 6 | 5:22 ص

      موفقين ياشعب تونس..

      وفقكم الله جميعاً ياشعب تونس وياشعوب العرب الأحرار أجمع.. وفقك الله أستاذ سليم.

    • زائر 5 | 4:02 ص

      «راجع راجع يا بلادي...»

      أغنية الثورة التونسية : جميلة جدا خاصة لما تسمع الشباب يغنوها
      الله يحفظ شباب تونس وشباب الأمة العربية

    • زائر 3 | 2:36 ص

      حقا صرخة من الأعماق

      وبعد أكثر من نصف قرن يستعيد التونسيون نكهة الاحتفال بعيد الاستقلال، نعم لم يعبّر التونسيون عن فرحتهم باليوم الوطني الخالد سوى يوم 20 مارس 2011 حيث يشعر هذا الجيل الجديد بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011 بلذة العيد الوطني حين نادوا بأعلى صوتهم: «الشعب يريد الاحتفال بعيد الاستقلال».

    • زائر 2 | 2:07 ص

      بعض التوضيح يا ريت

      ذكرت "نعم لم يكن هذا الاحتفال ليكون على هذا الشكل وبهذا الثوب الجديد لولا ثورة 14 يناير 2011 التي تلتقي مع الاستقلال عن المستعمر الفرنسي في معان عديدة"
      فما هي الأبعاد التي تلتقي فيها المناسبتان

اقرأ ايضاً