تكدست حتى يوم أمس الأحد (20 مارس/ آذار 2011) عشرات الأطنان من القمامة والأوساخ بمختلف مناطق البحرين لليوم الخامس على التوالي.

وبدت شركات النظافة التي شرعت في العمل مجدداً منذ يوم السبت الماضي عاجزة عن تغطية جميع المناطق بالصورة المطلوبة، ولوحظ تراكم أكوام من أكياس القمامة والنفايات عند مناطق تجميعها بعدد من مناطق محافظتي العاصمة والشمالية تحديداً. وأرجعت شركات النظافة، بحسب ما أدلت به إلى أعضاء بلديين ومسئولين في البلديات، أسباب تراجع عملها وعدم قدرتها على انتشال القمامة والأوساخ بصورة طبيعية، إلى خطورة الوضع الأمني في بعض المناطق التي يستلزم عملها فيها خلال الفترة النهارية والمسائية .

مواطنون كنسوا قراهم بأنفسهم وجمعوا النفايات بمواقع محددة لإزالتها لاحقاً

تكدس أطنان من القمامة بمناطق وسط عجز شركات النظافة عن جمعها

الوسط - صادق الحلواجي

تكدست حتى أمس الأحد (20 مارس/ آذار 2011) عشرات الأطنان من القمامة والأوساخ بمختلف مناطق البحرين لليوم الخامس على التوالي، وذلك وسط عجز شركات النظافة عن انتشالها نظراً للظروف الأمنية في البلاد واستمرار التوتر ببعض القرى والمدن، وخصوصاً القريبة من منطقة حظر التجول مساءً.

وبدت شركات النظافة التي شرعت في العمل مجدداً منذ يوم السبت الماضي (19 مارس 2011) عاجزة عن تغطية جميع المناطق بالصورة المطلوبة، ولوحظ تراكم أكوام من أكياس القمامة والنفايات عند مناطق تجميعها بعدد من مناطق محافظتي العاصمة والشمالية تحديداً.

وطالت هذه الآثار بعض المناطق في المحافظات التي كانت تعد مستقرة أمنياً مثل المحرق والوسطى والجنوبية، حيث ألقت الأزمة الأمنية التي صحبتها إضرابات عمالية بظلالها على شركات النظافة، وبالتالي تراجع مستوى أدائها في مباشرة انتشال القمامة والنفايات.

ولوحظ في بعض المناطق غياب تام لعمال النظافة الذين يتولون عملية كنس الشوارع وجمع القمامة منذ منتصف الأسبوع الماضي.

جهود النظافة بالشوارع الحيوية

وركزت شركات النظافة أعمالها على تنظيف الشوارع الرئيسية والحيوية في البلاد، وخصوصاً تلك التي شهدت اعتصامات ومواجهات بين المواطنين ومجموعات مسلحة، وأزالت كميات كبيرة من الأنقاض والرمال والأوساخ استخدمت الآليات الثقيلة لتحريكها.

واستمر حتى أمس تولي بعض الآليات أيضاً عمليات غسل بعض الشوارع التي تعرضت لسكب زيوت السيارات عليها خلال عملية إغلاقها ضمن إحدى الخطوات التصعيدية في الاعتصامات الأخيرة، في الوقت الذي تم توفير فيه عدد كبير من العمالة للمساعدة في التقاط الأوساخ والنفايات المتطايرة وإعادة تنظيم الشوارع في هذا الجانب.

وباشرت شاحنات في بعض المناطق عمليات انتشال عشرات الأطنان من القمامة بداخل الأحياء السكنية والطرقات الفرعية في العاصمة المنامة وعدد كبير من مناطق المحافظة الشمالية، غير أنها بدت عاجزة عن تغطية جميع المناطق نظراً للكميات الكبيرة من القمامة التي تراكمت على مدى 4 أيام على الأقل.

وأرجعت شركات النظافة بحسب ما أدلت به إلى أعضاء بلديين ومسئولين في البلديات، أسباب تراجع عملها وعدم قدرتها على انتشال القمامة والأوساخ، إلى خطورة الوضع الأمني في بعض المناطق التي يستلزم عملها فيها خلال الفترة المسائية، ولاستمرار الإضراب العمالي لدى عدد من سواق الشاحنات والموظفين بالشركات.

وذكرت الشركات أيضاً أن توقف العمل لنحو 3 أيام خلال الأحداث الأمنية التي انتهت بالتدخل العسكري نهاية الأسبوع الماضي، تسبب في ضغط كبير يصعب تجاوزه سريعاً، وخصوصاً أن بعض العمال والموظفين لازالوا مضربين عن العمل.

تقلص فترة العمل بسبب التوتر

وعلى رغم أن شركات النظافة تعتمد بنسبة 95 في المئة على العمالة الوافدة في عمليات الكنس وتجميع القمامة بمختلف مناطق البحرين، إلا أنها تعتمد على العمالة البحرينية بنسبة تزيد على 90 في المئة بالنسبة لسواق الشاحنات الخاصة لكبس القمامة ونقلها لمكب النفايات جنوب البلاد، وبالتالي فإن إضراب العمال البحرينيين يعني إلغاء كل جهود العمال الأخرى بالشركة حتى ولو كنست وجمعت القمامة بأماكن انتشالها.

وعلى أساس ذلك، ركزت شركات النظافة جهودها خلال فترة تقل عن 12 ساعة، وهي الفترة ما قبل الظهيرة وحتى العصر قبل أذان المغرب، وبما يتوافر من عمال وموظفين، في الوقت الذي كانت تعمل فيها انطلاقاً من الساعة الثانية عشر مساءً وحتى ما بعد الظهر من اليوم الثاني، بيد أن التطورات الأمنية قلصت فترة العمل لما هو دون النصف.

جهود أهلية لتنظيف المناطق

ومن جهته، علق عضو مجلس بلدي العاصمة عن الدائرة الثامنة صادق البصري (جمد عضويته احتجاجاً على خلفية التدخل العسكري الأخير لفض اعتصام دوار اللؤلؤة)، بأنه تابع مع شركة النظافة الموكلة إليها الأعمال في محافظة العاصمة منذ 3 أيام. وقال: «الشركة بدت عاجزة عن تسيير عملها بالشكل المطلوب عقب توقفها عن العمل لفترة 3

أيام على الأقل بسبب التوترات الأمنية، وخصوصاً أن عدداً كبيراً من سواق الشاحنات والموظفين مازالوا مضربين عن العمل ضمن الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية واسعة في البلاد».

وذكر البصري أن «هناك جهوداً أهلية من قبل سكان بعض المناطق لتنظيف قراهم ومدنهم وتجميع النفايات في أماكن محددة لإزالتها لاحقاً، إلا أن مناطق أخرى الوضع الأمني الحذر فيها حتى خلال الفترة النهارية لا يسمح لهم بذلك، وبالتالي بقيت كميات كبيرة من الأوساخ المبعثرة والقمامة متراكمة بداخل الأحياء السكنية والطرق والشوارع الفرعية».

وأشار العضو البلدي المجمدة عضويته إلى أن الإضرابات يجب ألا تشمل المرافق الحيوية التي تضر بالمواطنين مباشرة، إذ كان يجب على من دعا للإضراب أن يبين المجالات والموظفين الذين يجوز لهم الإضراب».

وعلى صعيد المحافظة الشمالية، ذكر نائب رئيس المجلس سيد أحمد العلوي (جمد عضويته احتجاجاً على خلفية التدخل العسكري الأخير لفض اعتصام دوار اللؤلؤة)، أن «عدداً من القرى بدأت منذ يوم السبت بتشكيل فرق تطوعية لتجميع النفايات في مكان واحد حتى تتمكن البلدية أو شركة النظافة من إزالتها لاحقاً بصورة أسرع».

وأشار العلوي إلى أن «شركات النظافة بدا عملها ضعيفاً جداً، والأهالي وفروا شاحنات من قبلهم ومازالت الأوساخ والأنقاض من الشوارع والأحياء السكنية، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك بصورة طبيعية نظراً لمحاذير التجمعات وعدم وجود الحماية لهم وسط الانتشار الأمني والعسكري في المنطقة، وكذلك بسبب حدوث مداهمات مفاجئة من قبل قوات الأمن بداخل الأحياء السكنية».

هذا وحذر البلديان العلوي والبصري من انتشار أمراض وحشرات جراء تفاقم أزمة النظافة واستمرار تكدس أطنان من القمامة في الأحياء السكنية، وخصوصاً مع تعفن النفايات والمواد في الأكياس التي ممزقتها القطط والقوارض.

كما تداول مواطنون في مناطق أيضاً، أن يقوم الجميع بتنظيف وكنس المساحة المقابلة لمنزله، على أن تجمع الأوساخ والنفايات في منطقة محددة لانتشالها لاحقاً، في الوقت الذي يتولى فيه متطوعون من أبناء المنطقة عملية إزالة الأنقاض الثقيلة من الطوب والرمال والحواجز عند المداخل.

وذكر مواطنون أنهم مستعدون لتأمين كامل الحماية للعمال من الجنسيات الآسيوية خلال قيامهم بتنظيف الشوارع وإزالة القمامة، داعين جميع المواطنين في الوقت ذاته لعدم التعرض لهم والالتزام بسلمية الاحتجاجات بعيداً عن تعريض حياة أي فرد لا علاقة به بالأحداث الأمنية للخطر.

تحذير صحي من انتشار البكتيريا

وعلى الصعيد الصحي، حذرت رئيسة التثقيف الصحي أمل الجودر من بقاء المواد العضوية الناتجة عن بقايا الطعام، وقال: «المواد العضوية تعتبر بيئة مناسبة لتكاثر الجراثيم والبكتريا بعد تعفنها، وبالتالي بالإمكان أن تكون عاملا مساهما في نشر أي أمراض أو بكتيريا ضارة». وذكرت الجودر أن «القمامة تحتوي على مواد مختلفة، منها مخلفات الأكل وتعتبر مواد عضوية مثل قشور الفواكه والخضراوات والحليب والأرز، ومنها مواد بلاستيكية ومعادن خفيفة تسهم في مسألة تغير المناخ والاحتباس الحراري، وتحدث مشاكل أكبر من أن تكون محلية».

وأفادت رئيسة التثقيف الصحي بأن «البلد أمان من أي أمراض أو بكتيريا منتشرة من القمامة والأوساخ المتراكمة منذ نحو 4 أيام على الأقل، لكن لابد من التنبيه إلى مدى خطورة بقائها لأيام أطول خصوصاً بداخل الأحياء السكنية».

وبينت الجودر أن «البلاد تمر حالياً بمرحلة أمنية تتعالج تدريجياً، ومن المتوقع أن تحل مشكلة تكدس القمامة في المناطق، مقترحةً بأن يكون هناك دور كبير للشباب في تنظيف مناطقهم وتحريك القمامة من داخل الأحياء السكنية، وعدم البقاء على اللوم والتساؤل عن الحل، وهذا يعد دورا وطنيا ومأجورا من جانب إماطة الأذى عن الطريق».

ودعت الجودر المواطنين إلى تقليل حجم الاستهلاك المنزلي لتقليل كميات النفايات في الشوارع.

وكانت البلاد قد شهدت توترات أمنية شديدة منذ يوم الأحد من الأسبوع الماضي (13 مارس/ آذار 2011)، استدعى تدخل قوات الأمن لفتح شوارع رئيسية سريعة تم إغلاقها من قبل محتجين يطالبون بإصلاحات سياسية ودستورية واسعة في البلاد، وتطورت الأوضاع على إثرها لحدوث تعديات من قبل مجموعات مجهولة مسلحة على بعض القرى والمدن، أدى بالتالي إلى اضطرار المواطنين لغلق مداخل ومخارج مناطقهم لحماية أنفسهم من التعديات التي خلفت شهداء وجرحى بالعشرات، وأعقبها التدخل العسكري لفضّ الاعتصامات بشكلٍ نهائي وفرض حظر التجوال في مناطق حيوية من قلب العاصمة المنامة مساءً، وهو ما تسبب في توقف سير الحياة العملية بشكل طبيعي أسهم في تراكم النفايات لفترة 3 أيام على الأقل في هذا الصعيد