تعرضت اليابان في يوم الجمعة الماضي لأكبر زلزال في تاريخها حيث بلغت قوتها 9.0 على مقياس رختر. الزلزال الضخم حدث تحت سطح المحيط ما سبب تعرض سواحل بلاد الشمس المشرقة إلى تسونامي عظيم بحيث قدر طول الأمواج نحو 10 أمتار وأدى إلى وصول آثاره المدمرة إلى مسافة 10 كيلومترات داخل اليابسة ما أدى إلى خسائر جسيمة في الممتلكات والأرواح يقدر بعدة آلاف بالإضافة إلى عشرة آلاف من المفقودين.
هذه الآثار المباشرة لم تنتهِ إلى الآن لأن التسونامي أضرّ بمفاعلات محطات الكهرباء النووية وهي إلى الآن قابلة للانفجار بسبب تراكم غاز الهيدروجين. هذه المحطات النووية تبنى بالقرب من المحيط بسبب حاجة المفاعل النووي لأنظمة التبريد واليابان من البلدان التي تعتمد على الطاقة النووية لتأمين حاجاتها من الطاقة. من الواضح أن أنظمة السلامة في هذه المفاعلات كانت قادرة على مقاومة آثار الزلزال لكن أمواج التسونامي أدى إلى حدوث أضرار جسيمة ما سيؤدي في حال انصهار المفاعل إلى انبعاث إشعاعات كالتي حدثت في تشيرنوبل ما أدى إلى تراجع قيمة الين الياباني والبورصة العالمية فهي مركز الاقتصاد الثالث في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.
المقاطع الخبرية والتي شاهدناها خلال مشاهدة الأنباء في التلفاز يصور وخلال ثوانٍ قليلة كيفية التزام الياباني بقيمه ومبادئه الوطنية فهو بعد هذه الثواني عاد إلى عمله ولم تؤثر عظم المصيبة في تصميمه نحو الانتصار على زلزال وتسونامي طبيعيان. خلال زيارتي السابقة إلى اليابان، اقتربت من معرفة القليل من خبايا المجتمع الياباني الذي يقدس الانضباط والدقة سواء في عمله أو حياته اليومية من أجل تحقيق الهدف المجتمعي وهو بناء البلد. لا أعتقد أن الطبيعة ستكون سبباً في إرجاع اليابان نحو الوراء فالأمة اليابانية تكاتفت بعد الحرب العالمية الثانية من أجل هزيمة الأعداء فكان شعارهم "نعم" خسرنا المعركة لكن سنكسب الحرب. لاتزال أتذكر الرحلة إلى مدينة هيروشيما حيث تم اصطحابنا إلى وسط المدينة وشاهدنا بقايا مبنى متحطم للتذكير برمزية تلك الحرب. بعد الزلزال، سيكون هناك مرحلة لمراجعة النفس والتأمل في الأخطاء التي صاحبت تلك المرحلة خاصة عمليات الأمان للمفاعلات فاليابان لا تستطيع الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية من أجل تأمين أمن الطاقة بل إن معظم الدول التي تريد الاستثمار في الطاقة النووية ستستمر في هذا الدرب على الرغم من بروز رفض الرأي العام للاعتماد على الطاقة النووية. بالنسبة للدول الخليجية فقد يكون المفاعل الإيراني في بوشهر مقلقاً وخاصة أن إيران تتعرض من فينة إلى أخرى لزلازل ضخمة قد يؤدي إحداها إلى ما لا يحمد عقباه ويؤثر على الدول المجاورة التي تعتمد في احتياجاتها الحياتية خاصة المياه. الدول الخليجية التي تريد الاستثمار في الطاقة النووية سيكون عليها إجراء دراسات دقيقة للمخاطر غير المتوقعة فالعقل الياباني لم يستطع تخمين السيناريو الأسوأ.
الزلازل في تاريخ الشعوب آنية ومن بعدها سيبدأ مرحلة من البناء ونقد الذات وفهم للواقع الجديد وإحدى الدروس من مسألة الطاقة في اليابان أن توربينات طاقة الرياح مستمرة في العمل وأسهم شركاتها في البورصة هي المرتفعة
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 3116 - الجمعة 18 مارس 2011م الموافق 13 ربيع الثاني 1432هـ
درس للمراجعة
ما حدث في اليابان مؤشر له دلالته ينبغي الاستفادة منه كدرس لمراجعة الخطط المزمع تنفدها في المنطقة فنحن اولا دولا ضعيفة في قدراتها العلمية والفنية والاهم في ذلك اننا منطقة خصبة للصراع السياسي الذي على الدوام يرتقي الى الصراع العسكري ومحطات الطاقة النوية هدف للعمليات العسكرية على الرغم من وجود القواعد الدولية التي تحرم قطعا ان تكون اهداف عسكرية لذلك دول المنطقة ينبغي عليه الاستفادة من الدرس الياباني قبل فوات الاوان