العدد 3114 - الأربعاء 16 مارس 2011م الموافق 11 ربيع الثاني 1432هـ

شْويَّة حَيَا بَسْ

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

منذ أسبوع وأنا أجُول راكباً وراجلاً، أطوف على أغلب مناطق البحرين بغرض الرّصد والتحقق والاستبيان لغربلة الأخبار الواردة. الحِد، البسيتين، المُحرّق، العاصمة، قرى شارع البُديِّع، مناطق المحافظة الوسطى وانتهاءً بالمناطق الغربية والجنوبية. ما كنتُ أراه هناك جزءٌ يسير منه يوائِم ما أسمعه، لكن أغلبه سقيم وزُخرُفٌ فاسد آثم، يتمّ تناوُلُه وتداوُلُه وتبادُلُه بأجهزة الاتصال الحديثة بلا أدنى مسئولية، وكأن جِهة ما باتت تلعب بمصائر البحرينيين جميعهم. كثيرة هي الرسائل التي يستلمها ويُوزّعها البِيْبِيُّوْن (نسبة لمستخدمي البلاك بيري) على المشتركين في خدمة What's Up. كنت أسمع التالي: - هجوم على مجموعة من أبناء الطائفة (...) واقتيادهم لجهة غير معلومة. - مخطط إرهابي يقوده (...) لوضع أبناء (...) كدروع بشريّة. - هجوم بالحِراب والأسياخ على (...) في أحياء (...). منطقة (...) تستعد للإغَارة على (...).وغيرها من الرسائل التحريضية التآمريّة المسمومة التي يقوم البعض بإرسالها عن تعمُّد وقصد بغرض استثارة الغرائز الطائفية لدى الناس. للأسف، صَدَّقَ بعض البحرينيين تلك الأنباء الكاذبة وأصبح التقابل بينهم حقيقياً ووجهاً لوجه. هذا الأمر غير مقبول بالمرّة منكم أيها البحرينيون. وعلى الجميع أن يعِي ذلك جيداً، وأن يُدقِّقوا فيما يتناقلونه من رسائل قبل أن يتبادلونها. منذ الصياغة الأولى للرسالة تَظْهَر طبيعتها ومدى تأثرها بمُرسلها الأول سيكولوجياً حين يكتبها كما يُريد. ثم إن تداولها المتكرر والمتعدد يُفقد متنها الحقيقي مصداقيّته. فهي بالضبط كالخبر المُسيَّيس أو الذي تتم طَأفنته وعرقنته. يجري ذلك عادة في الدول التي تعيش انقساماً سياسياً كما هو في لبنان طبقاً للحالة الأولى، وانقساماً مذهبياً كما هو الحال في العراق طبقاً للحالة الثانية، وتشظياً عرقياً/ إثنياً كما هو الحال في مناطق البلقان وجزء من الجغرافيا الأفريقية. أيها البحرينيون جميعاً.. أيها الأحِبَّة.. ألستُم مسلمين؟! ألَم تقرأوا في السيرة النبوية شائعة الإفك وماذا فعلت بالمدينة المنوّرة طيلة شهر كامل قبل أن يدحضها القرآن الكريم؟! ألَم تقرأوا بشائعة مقتل رسول الإسلام (ص) وما جرى بعدها من تثبيط للعزائم؟. وفي حاضر السياسة والمجتمعات ألَم تقرأوا أنه وفي القرن الثالث عشر كيف أن المغول دمّروا الحضارة الإسلامية بالشائعات؟! ألَم تقرأوا ما فعله شارل مارتل بخصومه عند نهر اللورد؟! والأهم من كلّ ذلك ما فعله الطائفيون في العراق من حرب إشاعات دمَّرت الشعب العراقي وطوائفه طيلة ثلاثة أعوام. لقد أشعلت الرسائل النَّصيَّة الصفراء اليوم مشكلة اجتماعية غائرة في البحرين. وجميع من تورّط فيها هو مسئول أمام الله أولاً وأمام هذا الوطن ومستقبله وأمنه ثانياً. هي بضعة كلمات تُكتَب في هاتف جوَّال ثم تُرسَل، إلاّ أنها تُخلِّف خراباً عظيماً. كم من الرسائل المغلوطة جعلت من نفوس وغرائز العشرات/ المئات/ الآلاف من البحرينيين لأن تثور ضد الأغيار دون أدنى سبب أو حُجَّة؟! وكم من تلك الرسائل التي أشعلت فتناً في هذا الحي أو ذلك؟! ألا يكفي هذا الشعب ما به من أزمة سياسية مفتوحة، ليأتي البعض ليزيد الأحمال على ظهره؟! لقد صرتُ الآن مقتنعاً أكثر من أيّ وقت آخر أن هناك جهة مشبوهة، ليس لديها أدنى حِس وطني ولا أخلاقي ولا حتى إنساني تحاصر البحرينيين سُنَّة وشِيْعَة بحرب شائعات لا تنتهي. يُؤلِّبُون الأخ على أخيه، والجار على جاره، والصديق على صديقه. هذا المجتمع البحريني النبيل الذي أسَّس لثقافة التعايش في كلّ المحيط العربي والإسلامي، وضَرَبَ أروع أمثلة التعايش بين مُكوِّناته، يلعب بأقداره اليوم الجَهَلَة والمشبوهون والحاقدون، لا لشيء إلاّ لأنهم أكثر الناس حقداً عليه وعلى طيبته .

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3114 - الأربعاء 16 مارس 2011م الموافق 11 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً