من المقرر أن ينقسم السودان إلى دولتين مستقلتين بعد أقل من أربعة أشهر، ولكن الوضع المستقبلي لأكثر من مليون شخص من أصل جنوبي يعيشون في الشمال - وعدد أقل من الشماليين الذين يعيشون في الجنوب - لا يزال دون حل. وفي 13 مارس/آذار، علق الحزب الحاكم في جنوب السودان المفاوضات مع الشمال حول مجموعة واسعة من ترتيبات ما بعد الانفصال، بما في ذلك حقوق المواطنة. وزعمت الحركة الشعبية لتحرير السودان أن الحكومة الشمالية تقوم بتدريب وتسليح ميليشيات لزعزعة الاستقرار في الجنوب، وحتى لإسقاط حكومة الحركة الشعبية في جوبا. وقالت بلقيس اسماعيل، موظفة الحماية المسئولة عن المواطنة في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين: "لا يوجد اتفاق نهائي حتى الآن بين الحكومتين، على الرغم من صدور تصريحات من كلا الطرفين تؤكد أنهما سوف يسعيان لتجنب انعدام الجنسية". وأضافت أن "الاتصالات الرسمية بالمجتمعات المحلية بهذا الشأن كانت محدودة، لذا فإن الناس مستمرون في اتخاذ قرارات حول البقاء في الشمال أو المغادرة دون معرفة كل الحقائق". وفي الاستفتاء الذي أجري يوم 9 يناير/كانون الثاني، صوت المواطنون في جنوب السودان بالإجماع تقريباً على الانفصال، ومارسوا بذلك حقاً كفله اتفاق السلام المبرم عام 2005 والذي أنهى عقدين من الحرب الأهلية. وكان الصراع قد تسبب في تحركات سكانية ضخمة خرجت من الجنوب. وأضافت اسماعيل أن "العودة بأعداد كبيرة إلى الجنوب يغذيها عدة العوامل، بما في ذلك عدم اليقين حول حقوق المواطنة والعمل والملكية والخوف من تفويت فرصة الحصول على الأراضي التي يتم تخصيصها في الجنوب". وفي حين أن حوالي 250,000 جنوبي قد غادروا الشمال في الأشهر الأخيرة، من المتوقع أن يبقى العديد غيرهم بعد قيام جمهورية جنوب السودان، التي ستأتي إلى حيز الوجود يوم 9 يوليو/تموز (في الوقت الحاضر، الاسم الرسمي لأراضي الحكم الذاتي هو السودان الجنوبي). الروابط العائلية يشعر جيمس، البالغ من العمر 23 عاماً والذي يعمل ماسح أحذية في الخرطوم، بالقلق حيال مستقبله؛ فمعظم أصدقائه وجيرانه قد رحلوا بالفعل. وهو متردد حول ما إذا كان عليه مغادرة المدينة التي اعتبرها موطنه لنحو 20 عاماً من أجل الذهاب إلى مسقط رأسه في ولاية وسط الاستوائية الجنوبية، التي لا يشعر بارتباط قوي تجاهها. وقال جيمس لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "حياتي هنا، وأشعر أنني في وطني هنا. لقد سمعت أن الجنوبيين قد يصبحون مطاردين عندما يتم انفصال جنوب السودان...أنا قلق لأنني لا أعرف أي شخص هناك، وسمعت أن الحياة صعبة في الجنوب". وتقول جماعات حقوق الإنسان أن على الخرطوم منح الجنسية وفقاً لعلاقات الناس بالشمال - على سبيل المثال إذا كانوا قد ولدوا هناك، والمدة التي عاشوها هناك، والروابط الأسرية - وليس على أساس العرق. وأوضحت اسماعيل أن "مصدر القلق الرئيسي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هو أنه لا يجب أن يبقى أحد دون جنسية، وعلى الدولتين أن تقررا كيف ستقيمان الاتصالات بينهما بشأن المواطنة حتى يتسنى لكل شخص في السودان أن يتمتع بجنسية بعد 9 يوليو". وحالما يتم التوصل إلى قرار بشأن المواطنة، سوف يضطر كل من الشمال والجنوب إلى التعامل مع قضية الوثائق. ووفقاً لمسح الأسرة الذي أُجري في عام 2006، لا يتم تسجيل سوى 33 بالمائة من جميع المواليد في السودان، ومن المرجح أن يصبح ذلك مشكلة لأن مثل هذه الوثائق قد تكون حاسمة في الحصول على الجنسية. وأضافت أنه "من المهم اتخاذ إجراءات تسمح للأفراد بتأكيد جنسيتهم إذا كان وضعهم غير مؤكد؛ على سبيل المثال، الكثير من الناس ذوي الأصول المختلطة بين الشمال والجنوب، والأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحدودية، والأيتام، وغيرهم". وعلى الرغم من أنه لم يتم التوصل إلى قرار بشأن الجنسية المزدوجة بعد، فقد نقلت وسائل الإعلام عن الرئيس السوداني عمر البشير في يناير قوله أن هذا الأمر ليس خياراً مطروحاً للمناقشة. حرية التنقل ويشعر الجنوبيون بالقلق بشكل خاص حول ما إذا كان سيتم السماح لهم بمواصلة العمل في الشمال. فالعديد من الجنوبيين كانوا مهاجرين لأسباب اقتصادية، وهم يخشون ألا تكون لدى الاقتصاد الجنوبي القدرة على استيعاب جميع العائدين. كما يعمل آلاف الجنوبيين في الخدمة المدنية والجيش بشمال السودان، ولا يزال وضعهم غير مؤكد بعد انقسام البلاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخدمات الأساسية في الجنوب لا تزال محدودة جداً، ولذلك يفضل الكثير من العائدين إبقاء أطفالهم في المدارس الشمالية والسعي إلى الحصول على الخدمات الصحية في الشمال. ويقول عمال الإغاثة أن بعض الجنوبيين قد بدؤوا بالفعل في العودة إلى الشمال بسبب عدم توافر فرص العمل والخدمات الأساسية في الجنوب. وقال مارك كاتس، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الخرطوم: "سيكون من المهم بالنسبة للجنوبيين الاحتفاظ بالقدرة على العمل في الشمال؛ لأنه من المرجح أن تكون الأمور صعبة في الجنوب،" مضيفاً أنه "بصرف النظر عن قضية المواطنة، ستكون مسألة حرية التنقل هامة بعد استقلال الجنوب". وتشمل فئة الأشخاص موضع الاهتمام الأفراد الذين يعيشون في المناطق الحدودية والرعاة الذين يتنقلون بين الشمال والجنوب بحثاً عن الماء والكلأ. ويشكل البدو الرحل والرعاة نحو 11 بالمائة من الشعب السوداني، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي تقول أن التحدي الرئيسي سيكون "الحفاظ على الحقوق الفردية، وطرق الهجرة التقليدية وسبل كسب الرزق
العدد 3114 - الأربعاء 16 مارس 2011م الموافق 11 ربيع الثاني 1432هـ