إنّ الصراعات التي تشهدها البحرين اليوم، والطأفنة الإعلامية الشعواء على أهل بلادي بعضهم بعضاً، ما هي إلاّ دليل على التخلّف الطائفي الذي سيأكل الأخضر واليابس.
أهلي في الدوّار وأهلي في الجيش... أبكي على من، وأقف بجانب من؟!
إنني أبكي اليوم على بلادي، التي كانت مثالاً حيّاً على مر العصور بتلاحم أهلها، والتي لم تشهد من قبل هذا التناحر والكراهية في القول والفعل!
أشكو حرقة الفؤاد التي ما بعدها حرقة أو ألم، بعد الالتحام نصبح فرقة وننقسم، وقد يجرّحنا البعض بالخيانة والبعض الآخر يسحب الولاء منّا، ولكأنّنا لم نعش على هذه الأرض ولم نأكل من خيرها!
كتبنا في عديد من المقالات عن التأجيج الطائفي البشع، وعن التوجّه الإعلامي المشين من قبل بعض القنوات، لزيادة الفتنة الطائفية، وطأفنة بعض الأشخاص وطأفنة بعض الأجندات السياسية، الأمر الذي لا يصب في مصلحة وطني!
البعض كلّه آذان صاغية للطائفية الشعواء التي تحرق البحرين في هذه الأوقات، ونراه مترجماً من خلال النفوس المشحونة، والتهجّمات من قبل البعض على البعض الآخر، والقيل والقال والضحك والمزاح من خلال الرسائل على أهل البحرين، سواء من هذا الطرف أو ذاك!
هناك من يقول بأنّه لا توجد طائفية وإننا شعب واحد، ولكنني بحثت عنها ولم أجدها في هذه الأثناء حتى لحظة كتابة المقال، ولم أجد أنفسنا نحاول فعلاً مد الأيادي لبعضنا البعض، حتى نخرج مما نحن فيه من مأزق ومن مأساة حقيقية!
الجميع يبكي اليوم على ما يحدث في البحرين، ونسي المطالب الأساسية التي بدأت من قِبل البعض، وتناسوا ما طالب به ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة «طاولة الحوار»، فلنجلس معاً ولنتحاور، ولنبعد عنّا العمل البلطجي غير الحضاري، ولتهدأ النفوس، حتى ترجع الأمور إلى نصابها الصحيح!
نحن نسيج واحد داخل مجتمع واحد بدين واحد، لا نستطيع مهما فعلنا أن ننفصل عن بعضنا البعض، ولكن إن خرجنا من الأزمة بإذن الله، سنحتاج إلى سنين عديدة حتى ننظّف الكراهية التي اجتاحت النفوس من الطرفين، ولا ندري إن أمكننا فعل هذا أم إنّ الزمن سيستمر وسنستمر في هذا التخلّف الطائفي.
إن أجيالنا ستنظر لنا في يوم من الأيّام على أننا لم نكن أصحاب عقل، بل إننا كنا في مستنقع الطائفية البشعة التي لم تدر علينا إلاّ أسوأ النكبات، وخاصة التي نعيشها اليوم، وإنّنا كنا وصمة في تاريخ البحرين بدل أن نكون بصمة تدخل التاريخ، بسبب هذا التأجيج الطائفي، الذي يستفيد منه البعض!
يا خوفي على بلادي من بلادي، يا خوفي على أهلي وناسي في كل مكان، عسى الله أن يحفظ بلادي من كل شر ومن كل من أراد بها سوء، وأناشد ولي العهد والجمعيات السبع بأن ترجع مرّة أخرى إلى طاولة الحوار، حتى لا يحدث الانقسام في هذا البلد الذي كان آمناً
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 3113 - الثلثاء 15 مارس 2011م الموافق 10 ربيع الثاني 1432هـ