بعد مرور أربعة أسابيع على انطلاق الاحتجاجات دخلنا مرحلة من المحاولات العقيمة لتشويه صورة التلاحم الوطني والأهداف الوطنية السامية للحركة المطلبية السلمية، ولكن جميع القوى السياسية في البلاد مصممة على تحقيق أولويات التغيير الجوهري والتمسك بالوحدة الوطنية كشرط من شروط النضال السلمي الحضاري، والتصدي لكل محاولات الفتنة الطائفية البغيضة.
«وحدة وطنية»، «لا شيعية لا سنية»، «نريد مملكة دستورية عصرية»، هذه هي أبرز الشعارات الوطنية التي رفعتها الجماهير الشعبية، مؤكدة بذلك على تماسك الوحدة الوطنية التي هي الهدف الأسمى والمشترك بين أبناء البحرين.
وعلى عكس ما قيل من أن الحركة المطلبية كانت قد حملت أبعاد طائفية مخيفة،، فإن ما أكدت عليه أحداث الأسابيع الماضية، من تضامن وتعايش سلمي بين أبناء الوطن الواحد الموحد، رغم بعض المنغصات الطائفية الضيقة المحدودة، أحدثت في الواقع صدمة موجعة للقوى الطائفية الخارجة عن خط الإجماع الوطني، ورفعت مستوى الوعي الثقافي والتربوي والنضالي لشعب البحرين إلى مستويات الشعوب المتحضرة، إزاء طرح المطالب الوطنية المشروعة، وكان طبيعياً أن تسعى مختلف قوى المعارضة الأساسية، التي لعبت الأدوار المؤثرة على مدى سنوات عديدة مضت في تحريك الشارع البحريني، نحو المطالبة بكافة حقوقه المشروعة التي كفلها ميثاق العمل الوطني وجميع المعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، إلى تجاوز منبت الطائفية وكل شعاراتها البائسة، وتحولها إلى رمز يتوحد حوله المجتمع ويخدم المصلحة الوطنية العليا.
ولكن على رغم كون خيارات المعارضة المعتدلة، التي عكست إرادة الغالبية الساحقة من الناس، واقعية ومقبولة في هذا الوقت الدقيق والحساس، فإن هناك ثمة من لايزال من يعول على التناحر البائس، وثقافة الطائفية والعنف، التي يمكن لتفاقمها أن يعيق السعي لمصالحة وطنية شاملة وحقيقية، والحصول على كافة حقوق المواطنة المشروعة، وهما ضمن الأهداف الرئيسية التي ضحت واستشهدت من أجلها كواكب من شعب البحرين.
الشعارات الوطنية المطروحة في الساحة البحرينية تعبير عن رغبة الأكثرية الصادقة في تجنيب البلاد والعباد من ويلات التناحر الطائفي والمذهبي ومنطق العنف الذي يمكن أن يؤدي إلى عكس الأهداف المرجوة من الحركة الاحتجاجية المطلبية السلمية.
ويمكن القول باختصار شديد إن شعارات الوحدة الوطنية في هذه اللحظات الحاسمة والتاريخية، أصبحت بكل تأكيد تمثل طوق النجاة والقلعة الأخيرة، أمام تحديات كافة المشاريع الطائفية المقيتة، وأمام السعي إلى نيل جميع حقوق المواطنة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية عبر استخدام الوسائل السلمية، وليس بواسطة القوة والعنف.
لذلك لم يكن هناك خيار آخر لتضميد الجراح وترميم الوضع الداخلي من انشطاره وتفككه السياسي الراهن، غير خيار الوحدة الوطنية، واستمرار النضال المشروع لتحقيق المطالب الشعبية المحقة، من منطلقات شديدة الحرص على تكريس وتعزيز وتقوية الجبهة الداخلية، والتعامل المفتوح والاعتراف المباشر بالآخر، وعدم الاستسلام إلى فوضى العنف المدمرة، التي تريد تفتيت صلابة الوحدة الوطنية التي كانت منذ الأزل مثالاً يحتذى لأبناء البحرين
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 3111 - الأحد 13 مارس 2011م الموافق 08 ربيع الثاني 1432هـ
sally _m
thank you
ما نود رؤيته هو مجتمع متماسك، متنوع ومتآخي مع بعضه البعض، يفخر كل منا بما نحققه كجماعة بشرية تعيش التحضر فكراً وممارسة... ولذا لا نريد بلداً ممزقاً بين مناطق وطوائف، ولا نريد أن نعيش حالة منفصلة عن محيطنا العربي والخليجي، ولا نريد «نكبة» ولا نريد أن نعود إلى الوراء.