من تونس الخضراء إلى مصر واليمن السعيد... الرهان على لغة القوة سقط، وسقط الرهان على تشطير الشعب وإرجاعه إلى مكوناته الطائفية والقبلية الأولى.
في البحرين لم يكن الخلاف طائفياً أو مذهبياً حتى نرفع العصي والهراوات في وجوه بعضنا بعضاً، وإنّما الحركة تتعلق بالسياسة وإدارة شئون البلاد والعباد. إنه حراكٌ سياسيٌ شعبيٌ أولاً وأخيراً.
التغيير من سنّن الله في الأرض، وعندما تأتي بشائر التغيير فإن الخير يعم الجميع، كالمطر الذي لا يفرّق بين أبناء المناطق والمذاهب والأديان... وخير دليل البرلمان.
التغيير قادم، وموجته تجتاح عموم الوطن العربي، حتى وصلت إلى بلدانٍ كانت تعتبر خارج التاريخ. وهذا التغيير من الصعب صدّه أو الوقوف أمام موجه الهادر، وليس هناك من أحدٍ بمنأى عن هذا التيار الشبابي الجديد، حتى يضع العصي الطائفية لإيقافه، أو يعيد فرز الساحة على أساس مناطقي أو طائفي. وإذا كان للبحرين أن تضيف شيئاً للآخرين فهو هذا الشعار الساحر الجميل: «سلمية، سلمية، سلمية»، الذي أوحى لشباب حركة فبراير بتقديم الورود أمس لأختهم الفتاة البحرينية التي دهست بعض المعتصمين قبل يوم واحد. هذه هي البحرين الجديدة.
إنه مدٌ إنسانيٌ كبيرٌ، وهو ليس جديداً إذا أردنا الدقة، فالطموح البشري للتطور والتغيير نزعة بشرية قديمة قدم التاريخ. وأفكار السلم واللاعنف ليست طارئة على الفكر الإنساني، وإنما تتوزّع في العديد من تجارب الأمم والشعوب. ففي النصف الأول من القرن العشرين شهد العالم تجربة اللاعنف التي قادها المهاتما غاندي في قلب الامبراطورية البريطانية وهي في عز قوتها. وفي منتصف القرن شهد العالم حركة مارتن لوثر كنغ في عقر الديمقراطية الأميركية المتورّطة حينها بممارسة التمييز العنصري المقنّن ضد الزنوج.
مانديلا عظيم جنوب إفريقيا نفسه، لم يلجأ إلى العمل المسلح إلا بعد ملاحقته هو وزملائه في المؤتمر الوطني الافريقي، واضطراره للعيش متخفياً في هيئة فلاح عاماً كاملاً، في إحدى المزارع، وهو محامٍ صاحب مكتب كبير. كان يريد تخليص جنوب إفريقيا من أغلالها، وكان مناوئوه يهدفون إلى تطويق حركته السلمية أساساً.
ليس هناك شعبٌ يعشق القيود والأغلال، فطرة الله التي فطر الناس عليها، وإنما هناك حالاتٌ من الغفلة أو الشرود أو ضعف الوعي، ولا يتمسك بأغلال الماضي وقيوده إلا أصحاب المصالح والامتيازات والمتنفذون.
إنه تيارٌ إنساني كبير. وهو ليس مستورَداً، بل تمتد جذوره في أعماق ثقافة الشرق. فهذه المنطقة هي التي أعلنت في بداية نهضتها الحضارية أن لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، وهي أعلى معايير النزاهة والصدق مع الذات. وهي الحضارة التي احتفت بالكرامة الإنسانية، وبشّرت بقيم العدل والمساواة بين البشر، وحرّمت الظلم والعدوان وانتقاص حقوق الآخرين. حضارةٌ حبّبت بالعدل والإحسان وأمرت أتباعها به حتى مع المناوئين، فكيف بالاخوة والجيران وأبناء الدين والوطن الواحد؟
إنه التاريخ، وحكم التاريخ لا يرحم، أين يقف الإنسان، مع أشواق الحرية والعدالة والمساواة بين الناس، أم مع استمرار الأوضاع المحفوفة بالمظالم والامتيازات والتجاوز بين الطبقات؟ وما انتفع امرؤٌ بعلمٍ يفاخر به دون مواقف الرجال من أصحاب البصائر والأفهام.
إنه جيلٌ جديد، وفكرٌ جديدٌ ذلك الذي يجتاح الشرق، وهو ما دفع شيخ الأزهر الشريف الشيخ أحمد الطيب إلى القول: «يحق للمتظاهرين في ميدان التحرير أن يلبسوا لباس البطولة في هذا الزمان». وقبل 160 عاماً، رسم شاعر روسيا ميخائيل ليرمنتوف صورة لأبناء جيله في رواية «بطل من هذا الزمان»، بعدما اعتقل ونُفي لمجرد أنه ألّف قصيدةً لم تعجب السلطات القيصرية.
قبل ليالٍ، التقيت في ميدان اللؤلؤة بشابٍّ وسيمٍ من إحدى القرى القريبة من العاصمة، كان يتحدّث عن معاناة جيله الذي يتوجب علينا أن نفهمه لنفهم هذا الزمان. صدمني حين قال إنه شارف على الأربعين ولم يتزوّج بعد، وظللت أفكر فيه في اليومين التاليين. تعرّض للملاحقة في أحداث التسعينيات، وكان يبيت أحياناً في بيت صديقه بمنطقةٍ أخرى خوف المداهمات التي تجرى دائماً في الفجر. دخل السجن لاحقاً ولاقى أصنافاً من التعذيب والهوان. عشرون عاماً ضاعت من عمر هذا الجيل، ظلت البحرين تراوح مكانها بين مجلس شورى معين ومجلس نواب منتقص الصلاحيات. ما كان أغنانا عن كل هذا العناء!
في جلسة البرلمان أمس، قام أحد أعضاء «الوفاق» بتوزيع الورود على زملائهم النواب والموظفين. وتأخرت الجلسة نصف ساعة لعدم اكتمال النصاب، وأبلغ الموظفون بالاستعداد لعقد جانبٍ من الجلسة في سرية، وعلم لاحقاً أنه تمت مناقشة ما جرى في المدارس الأسبوع الماضي من احتكاكات وملاسنات، ومن حسن الحظ أن الدراسة انتظمت هذا الأسبوع، وهو خبرٌ أفرح الجميع. وفي بادرةٍ طيّبةٍ أجّل المجلس قبول استقالة كتلة «الوفاق» شهرين، فالمطلوب من المجلس أن يكون عوناً على تخفيف الاحتقانات، وليس فرعوناً يؤجج الصراعات، على طريقة أبطال قصيدة المتنبي حين قال:
وكأنّا لم يرض فينا بريب
الدهر حتى أعانه من أعانا
كلما أنبت الزمان قناةً
ركّب المرءُ في القناةِ سنانا
ومراد النفوس أصغر من أن
نتعادى فيه وأن نتفانى
غير أن الفتى يلاقي المنايا
كالحاتٍ ولا يلاقي الهوانا
عصر أمس، وبمناسبة يوم المرأة العالمي (الثامن من مارس)، انطلقت مسيرة نسائية من أمام المرفأ المالي باتجاه ميدان اللؤلؤة، مواساةً وتضامناً مع أمهات وزوجات وعوائل الشهداء. أما الأخبار الخارجية، فأهمها إفراغ قوات القذافي مدينةً ليبيةً من سكانها بالقصف الجوي؛ وملك الأردن يعلن أن كل المؤسسات خاضعة للرقابة بما فيها الديوان الملكي؛ ومئات المحتجين يواصلون اعتصامهم في مسقط على الرغم من التغيير الوزاري الذي طال أكثر من ثلث الوزراء
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3106 - الثلثاء 08 مارس 2011م الموافق 03 ربيع الثاني 1432هـ
عفواً يا دكتور..
مع احترامي لك ولرأيك يا دكتور ارى انك ....وتحيد عن الحق فذكرت الورود وتناسيت السيوف والسكاكين التي يحملها من يردد سلمية سلمية.. فيقدم الورود للصور ويطعن بالسيوف خلق الله.. ان الله على الجميع والكل مسئول عن ما يكتب وينقل فاتقوا الله وحافظو على البحرين وشعبها العزيز.
صاحب التعليق (شيطان رجيم)
غربلك الله!!! ما لقيت إليك كلام تكتبه غير هالكلام (الفكرة تقابل بالفكرة) يالتكفيري...
تسلم ياسيد
من المتابعين لمقالاتك الرائعة ... الله يعطيك العافيه
عمود أو نشرة أخبارية
منذ مدة وأنت يا أستاذ قاسم تكتب عمودك بصيغة الريبورتاج الأخباري شالسالفة؟ أين تحليل الأحداث ومساراتها ومواقف القوى المحركة لها؟ وأين رأيك الصريح فيما يحدث؟
أما بالنسبة للورود فمجرد تقديمها في هذه الظروف وقبل أن تصفى النفوس ليس له معنى أو فائدة تذكر سوى الاستهلاك الإعلامي الهزيل
صح الله لسانك وماقصرت
أحيي قلمك الرائع ورأيك السديد ولا حرمنا الله منك
تعليق على رقم 18
اكيد انت رقم (18) جاي من تنضيم القاعده ماعندك غير القتل والخراب. تفكرون الاسلام يحلل التقتيل والتكفير في الناس؟ هذي سنة الرسول عندكم؟ كل من يخالفكم الراى يستحق القتل هوه واهله كلهم؟ بعدين عيب عليك تسب وتلهب. حتى اليهال ما يسبون ويلهبون. صدق المثل الي يقول أن لم تستحي ففعل ما تشاء.
اخلاق غير اسلامية
اذا افترضنا ان الكاتب قاسم حسين مخطيء فما دخل ذريته واولاده في الموضوع؟ الم تقرأ القرآن الكريم الذي يقول: ولا تزر وازرة وزر اخرى؟ وهل هذه اخلاق اسلام؟ عندما تختلف مع الناس ما عندك الا سب وشتيمة؟؟؟؟
سؤال كبير فعلا
هذا سؤال كبير... فعلا انه التاريخ، وحكم التاريخ لا يرحم، أين يقف الإنسان، مع الحرية والعدالة والمساواة بين الناس، أم مع استمرار الأوضاع الظالمة ونظام الامتيازات والتجاوز على حقوق الىخرين والرضا بظلمهم. هذا هو مقياس النزاهة وليس الشهادة والتدريس في الجامعة والتفاخر بالألقاب.
ناس غير شكل
صحيح من قال يا قاسم:كل اناء بالذي فيه ينضح
وهذا واحد من الجماعة ( 18) ما عنده الا السب والشتيمة اوالدعاء على الناس بالهلالك.
انت عندك وجهة نظر اكتبها مو تسب وترغي. هل هذه اخلاق اسلام؟ نعوذ بالله من هذه النفوس المريضة. ومنا انت حتى تدعو على المسلمين بالنار؟ ولماذا تدعو على ذريته؟ ال تعرف انه سيد من ذرية رسول الله ص؟ الله هداك.
الشعب يريد
الحرية
العزة
الكرامة
وليس الطعام وسكن والوظيفة
ولكن من يعرف معنى الكرامة والحرية والعزة
اتمني لك كل التوفيق
هذا اقل شي انقدمة حق الشهداء
اصيل ونعم عليك
God bless
Dear Mr.Qassim May god bless you Inshallah ,keep it up ,you are always logic and fair ,please do not turn around and kep going with same style stay safe ,allah yehfadhik min elshar ya rab
شيطان رجيم
حسبي الله ونعمة الوكيل فيك ياقاسم ياحس . . .
الله يجعل كيدك في نحرك وفي ذريتك واحد واحد
امام عينك يا زارع الفتنة . . في الدرك الأسفل من
النار بأذن الله . .
ام احمد
عساك ع القوة
الى قاسم مع التحية
صحيحا ان المطر يسقي الجميع وهناك فرق بين مطر غيومه وسحبه وطنية ممزوجة بدماء وحرية مناضلي الستينات عم يخيره برلمان 73 ومطر غيومه وسحبه خبيثه مستوردة من الخارج اتى ببرلمان هزيل لايرقى الى المستوى المطلوب.
ورود ام شوك
دقت ساعة العمل ولا وقت للمزايدات من يحب الوطن واهله يجب ان يسعى لتهدئة النفوس المريضة التي تسعى لحرق الوطن وطن الجميع وعدم الغرور بالنفس ومن يريد ان يقدم وردة يجب يغسل يده من التأجيج وجرح مشاعر الاخرين والتعدي على الانفس فلسنا بحاجة الى ورودة مسمومة.
يآسيدي !
سيد قآسم ،،
من المتآبعين لك ولكن في الفترة الاخيره الجميع لاحظ تذييل عمودك الذهبي بإعاده لموجز الانباء ،، فيها المهم ولكن البعض قد تكرر في نشرات الانباء كثيراً ،، حبذا لو تقتصر على الوضع في البحرين وذكر مايحدث ،،
شكراً لك
للزائر رقم 7 وتحية اكبار للدكتور
تبي الصراحة . السنة سبب عدم ثقتهم . علم البحرين لم يرفع من قبل ورفع اعلام وصور لأحزاب ورموز من خارج البلد في اوقات كثيرة وعلي مدي سنين . كيف تتطلب منهم الثقة لأنها مو البس ثوب وفصخ ثوب لا يا أخي سامح الله قصيرين النظر والمثل يقول اذا تاكل التمر غيرك يعد الطعام والله يوفق الجميع
ابو ملاك
شكرا لك ايها الواقعي والحر والملازم للحق والمظلومين، قبل قراءة اي مقال جميل ان نطلع على الواقع ونكتشف كل الاراء ونحللها بشكل حيادي لنصل للحقيقة.
عاشقه للحريه
ا نت الرجل الحر والقلم الحر والقلب النابض بحب الوطن وأهله بس خوفي تتغير مثل غيرك
ورود الكراهية
العنوان هو عنوان لمقال لكاتب في الصحيفة التي تعيث فساداً في الوطن...انظر إلى كيف يحورون رسالة الورود ويقلبون العسل سماً
الان الأمل في مقالات الجمري
انا أقول لكل صحفي أرد ان يكتب عن البحرين والحلول للخروج من الأزمه لابد أن يقرأ ما يكتبه الدكتور منصور الجمري
مع تعليق رقم واحد
سلمت اناملك سيد .. دائما مقالاتك في المقدمة ..
مناشدة للاخوان السنه
رجاء من الاخوان السنه الاصليين انتوا عايشن معانا سنين وبنين وتعرفونا زين احنا صادقين معكم في كل شي ولم نكذب او ننافق معاكم تروحون افراحنا ونجي افراحكم واحزانكم انتوا ليش تصدقون اعلام الدوله وانتوا تعرفون الهدف وهو التحريض الطائفي الشيعة يطالبون بحقوق اتفقتم معها ام لا هذا رايكم بس ما تصل للتخوين والشك في الوطنيه هذا وطنا ووطنكم الحاكم يروح ويجي حاكم بداله هذه سنة الحياة بس الشعوب هي الباقيه والمبادي هي الباقيه
اقتباس
عشرون عاماً ضاعت من عمر هذا الجيل، ظلت البحرين تراوح مكانها بين مجلس شورى معين ومجلس نواب منتقص الصلاحيات. ما كان أغنانا عن كل هذا العناء! بل ما كان اغنانا عن كل هذه الدماء والضحايا والمشردين والمغيبين في السجون.
أبجديات الحياة
نعم هي من أبجديات الحياة ولكن من قال انهم يريدون لنا الحياة !!
بصراحة موضوع جدير بالقراءة ولكن عجبي بقلة التعليقات لماذا ؟؟
بصراحة موضوع جدير بالقراءة ولكن عجبي بقلة التعليقات لماذا ؟؟
نعم للسلميه لا للءستسلام
شكرا يادكتور على طرحك الجميل حقا و نقولها مره اخرى نعم للسلميه نعم للسلميه و لكن لا يفهمنا الاخرين غلط فاالمطالب هي المطالب و يجب تنفيذها و اولها اسقاط الحكومه و بسلميه سلميه سلميه
مناوره حكوميه فارغه
النهج المتداول من الحكومه للمناوره و التأخير قد لا ينفع بشىء و يزيد من التوتر و يعقد الجرح و عند حين حتى العلاج الكيماوى لا يشفى .
قد قالها عيسى قاسم ناصحاً
كل يوم تأخير في تحقيق مطالب هذا الشعب يزيد من تعقيدها ويرفع من سقفها في حين أن هذه المطالب هي من أبجديات الحياة.