تقدم المحامي فاضل المديفع نيابةً عن رئيس جمعية البحرين لشباب حقوق الإنسان محمد المسقطي، بطعن دستوري لدى محكمة التمييز على الحكم الصادر بإدانة موكله بممارسة نشاط جمعية قبل الحصول على ترخيص بالمخالفة للمواد (1، 2، 9، 89/2) من قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة الصادر بالمرسوم رقم 21 للعام 1989.
وتمسّك المديفع بدفعه بعدم دستورية المواد رقم (1، 2، 9، 11، 89/2) من قانون رقم (21/1981) بشأن الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية، والتي تنص على أن: «للجهة الإدارية المختصة حق رفض تسجيل الجمعية إذا كان المجتمع في غير حاجة إلى خدماتها أو لوجود جمعية أو جمعيات أخرى تسد حاجة المجتمع في ميدان النشاط المطلوب، أو إذا كان إنشاؤها لا يتفق مع أمن الدولة أو مصلحتها، أو لعدم صلاحية مقر الجمعية أو مكان ممارسة نشاطها من الصحية أو الاجتماعية أو تكون الجمعية أنشئت بقصد إحياء جمعية أخرى سبق حلها»، بالإضافة إلى نص الفقرة الثانية من المادة رقم (89) من القانون ذاته والذي جرى على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز خمسمئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من باشر نشاطاً بجمعية أو مؤسسة خاصة أو ناد ثقافي أو اجتماعي أو هيئة خاصة عاملة في ميدان الشباب والرياضة قبل نشرببيان تسجيلها في الجريدة الرسمية طبقاً لأحكام هذا القانون».
وبرّر المديفع طعنه بعدم دستورية المواد لـ «مخالفتها لنص المادة (27) من الدستور والتي نصت على أن «حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون، بشرط عدم المساس بأسس الدِّين والنظام العام، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أية جمعية أو نقابة والاستمرار فيها»، والمادة رقم (23) التي تنص على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية»، والمادة (28/أ و ب) (أ) وتنص على أن: «للأفراد حق الاجتماع الخاص دون الحاجة إلى إذن أو إخطار سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن العام حضور اجتماعاتهم الخاصة»، والمادة (ب): «الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات المباحة»، بالإضافة إلى مخالفة النصوص المطعون عليها لنص المادة (31) من الدستور الذي ينص على: «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور إلا بقانون أو بناء عليه، ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».
وطالب المحامي فاضل المديفع محكمة التمييز بإمهاله الأجل القانوني على النحو الذي رسمه القانون لرفع الدعوى الدستورية اللازمة طبقاً لنص الفقرة (ج) من المادة رقم (18) من المرسوم رقم (27) للعام 2002م، بإنشاء المحكمة الدستورية ووقف الطعن الماثل إلى حين الفصل في الدعوى الدستورية.
وقال: «إن المواد المطعون عليها تتعارض بكل صراحة ووضوح مع نص المادة (27) من الدستور، لما يترتب عليها من المساس بجوهر ومضمون الحق الدستوري الأصيل الذي كفلته المادة الدستورية سالفة الذكر للطاعن وغيره من المواطنين في تكوين جمعية أهلية تعتني بالدفاع عن حقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان التي تنادي بها جميع المعاهدات والمواثيق التي انضمت إليها مملكة البحرين وأصبحت جزءاً من قانونها الداخلي بوسائل سلمية مع عدم المساس بأسس الدين والنظام العام أو مصلحة الدولة وأمنها القومي».
وأوضح أن «نص المادة (11) و(89/2) يشكلان انتهاكاً صارخاً ومخالفة صريحة وتعدياً على حقوق الإنسان وحرية المجتمع المدني في تكوين الجمعيات والمنظمات الأهلية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أي نظام سياسي للدولة الديمقراطية المدنية، ومنها مملكة البحرين بطبيعة الحال، ذلك أن المادة (11) وضعت شروطاً وقيوداً تعسفية ذات مظهر واسع فضفاض من قبيل قول المادة إنه يحق للإدارة رفض تسجيل الجمعية إذا كان المجتمع في غير حاجة إلى خدماتها، وهو معيار غير دقيق»، متسائلاً: «فمن يحدد حاجات المجتمع؛ هل الإدارة أم الناس أم أفراد المجتمع؟».
واستدرك: «كما ذكرت المادة على سبيل المثال حق الإدارة في طلب رفض تسجيل الجمعية إذا كان يتعارض مع أمن الدولة ومصلحتها، وهو معيار واسع يستعصي على الضبط ويشكل سلاحاً في يد الإدارة للتعسف في رفض إنشاء الجمعيات، متمسكةً بالنص المذكور، وأكبر مثال على ذلك هو رفض الإدارة إنشاء جمعية لحقوق الإنسان ونشر ثقافته التي تقدم بها الطاعن، الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على أن هذا النص بحالته إنما يعطي الإدارة السلطة في أن تفرغ نص المادة (27) من الدستور من مضمونه وغايته بالمخالفة لنص المادة (31) من الدستور التي صرّحت بأن لا يكون القانون صادراً في شكل فضفاض من شأنه إعطاء الإدارة سلاحاً ووسيلة وسلطة في التعدي على الحق الدستوري الأصيل في تكوين الجمعيات المنصوص عليه في المادة (27) من الدستور».
وتابع «فالقانون رقم (21) للعام 1989 ونصوصه، وخصوصاً نص المادتين (11) و(89) قد قيد نشاط مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني خلافاً للدستور وخلافاً للمواثيق الدولية التي انضمت إليها مملكة البحرين، ومنها المادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (22/2) من العقد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي حضرت وضع القيود على ممارسة حق الأفراد في تكوين الجمعيات باعتباره حقّاً أصيلاً من حقوق الإنسان لا يجوز وضع القيود على ممارسته».
وانتهى المديفع بالقول: «إن حق المواطنين في تكوين الجمعيات الأهلية هو فرع من حرية الاجتماع التي تتداخل مع حرية التعبير مكوناً لأحد عناصر الحرية الشخصية التي لا يجوز تقييدها بغير الوسائل الموضوعية والإجرائية التي يتطلبها الدستور»
العدد 3106 - الثلثاء 08 مارس 2011م الموافق 03 ربيع الثاني 1432هـ