العدد 3105 - الإثنين 07 مارس 2011م الموافق 02 ربيع الثاني 1432هـ

سترة... مشهدان متضاربان وثالث بينهما كشاهد للتاريخ

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كثير هي المنعطفات التاريخية التي مرت بها بلادنا الا اننا سنكتفي على عجالة باستعراض ثلاثة مشاهد يمكن إسقاط تبعاتها على ما تمر به بلادنا من أزمة سياسية في الوقت الحاضر ندعو الله أن يفرجها.

وهذه المشاهد نقلتنا من نقيض الى نقيض في غضون حقبة تاريخية قصيرة مما يوحي بعدم الثبات على منهج وطني للابحار بسفينة الوطن الى رحاب مستقبل آمن.


المشهد الأول: هوية الوطن

في هذا المشهد الرائع حسم البحرينيون بتكاتفهم قبل عقود الجدل حول هوية الوطن بعد أن هددها طاغية مستبد نصبته الدول الكبرى شرطيا لحماية مصالحها، فحلم بإحياء امبراطورية اندثرت ببزوغ فجر الاسلام. فالبحرينيون في هذا المشهد رفضوا التبعية، وتمسكوا بأرضهم, والتفوا حول حكامهم.

وخير مثال على أصالة الهوية ذلك الرجل الضرير في سترة الحاج رضي آل طوق الذي أشاد بمواقفه رئيس الوزراء في أحد مجالسه.

هذا الرجل أصر عند مقابلته للمبعوث الدولي أن أهل البحرين هم عرب ولا يرضون بغير حكامهم.

وبالرغم من كل هذه المواقف المشرفة ينبري بعض الانتهازيين والإقصائيين للتقليل من شأن هذه المواقف المخلصة ويسوقون الأعذار للتشكيك في أصالتها.

إن التقليل من شأن هذا المشهد يدلنا على تتبع الأثر للأسباب التي تدفع الوطن الى حافة الهاوية في وقتنا الحاضر.


المشهد الثاني: استقبال حاشد

سميتها بالبيعة الكبرى. ففي هذا المشهد الرائع نرى حشودا كبيرة تندفع كالسيل فتعجز الحراسة المشددة عن كبح قوة اندفاعها.

حشود رفعت راية الوطن وحملت صور القادة بعد أن لامست قدم الفارس ارض الجزيرة الحالمة.

الجميع هتفوا بحياة القائد لأنه بشرهم بأيام جميلة تتجسد في إصلاح يؤسس للعدالة وحكم القانون، وتغلق فيها غرف التعذيب المظلمة. من هذا المشهد المهيب تتلاشى معزوفة مشروخة سماها الإقصائيون نقصاً في الولاء.

ومن هذا المشهد المهيب توقع المرء أن تغرس بذرة الثقة المفقودة وأن يتم البناء عليها لمستقبل آمن وجميل. الا أن قوى الاستئثار تصر مرة أخرى على إفساد الحلم الجميل فتنقلب الصورة لتنقلنا إلى مشهد آخر ولكنه حزين.


المشهد الثالث: تشييع حاشد

يوم جمعة حزين ومسيرة حاشدة ولكنها تختلف عن سابقتها. مسيرة ذرفت فيها الدموع وحملت فيها النعوش بدلا من أعلام الوطن وصور القادة.

ثلاثة من ابناء الوطن من بينهم المرحوم علي خضير الذي كان من بين من رفعوا صور القادة في المشهد الأول. ذبحوا برصاص الوطن لأنهم أصروا على الحلم بأيام جميلة موعودة لا يستأثر وينعم فيها الغرباء بخيرات الوطن ويشقى بنوها فيه.

مفارقة غريبة لانقلاب الصورة وتحول المشهد الجميل الى تراجيديا حزينة.


فما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الانقلاب يا ترى؟

أن محنة أهل البحرين ليست وليدة الساعة، فهي أقدم من نظام الثورة في إيران. فالموروث التاريخي يلقي بظلاله الثقيلة مولدا عقدا من الريبة والشك في نوايا الآخر مهما تغيرت الظروف والأحوال، في حين يرى آخرون أن دعوة البعض لتأسيس دولة مدنية يسود فيها حكم القانون ويتساوى فيها الجميع انما هي دعوة مغلفة بأهداف فئوية الهدف منها الانتقاص من امتيازات الشريك الآخر، وكأنما الاستئثار والانتقاص من حقوق الآخرين هي القاعدة في حين الدعوة للمساواة هي دعوة شاذة.

ويبلغ التطرف مداه لتحوير المطالبة بالمساواة وتكافؤ الفرص ووسمها بالطائفية والعمالة للخارج وذلك في انقلاب فاضح للصورة أصبحت تبعاته قاسية على الوطن بأكمله كما هي الآن ماثلة أمامنا.

إن الرمد الذي أصاب عيون البعض أفقدهم القدرة على التعلم من تجارب الآخرين. فلم يكن المواطن الأسود في أميركا عنصريا عندما ناضل من أجل المساواة التي لولاها لما عرف المجتمع الأميركي طعم السكينة والرفاه.

إن التحولات في المشاهد التي تعتبر سترة نموذجا لها قد لامست مشاعر كل البحرينيين الذين يدفعون الآن فاتورة ما كان لزاما عليهم تحملها لو تم البناء على ما تحقق في المشهدين الأول والثاني.

إن الوقت مازال بين أيدينا قبل أن تتدحرج كرة الثلج فنفقد السيطرة عليها ونخسر الوطن. فهل من مذكر؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 3105 - الإثنين 07 مارس 2011م الموافق 02 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 12:42 ص

      علمتني الغربه كيف أعرف الإنسانيه الحقيقه

      فعلا في الصميم
      لن أشكرك لأنك لاتنتظر الشكر من أحد
      إله الأمام

    • زائر 9 | 5:11 ص

      هذه حقائق يريد البعض إستغفالها.

      سلمت يداك و قلمك. و لا عهد لمن لا عهد له.

    • زائر 4 | 1:34 ص

      بو حسين

      شكرا لك واتمنى لك كل التوفيق و النجاح شهم كثر الله من امثالك اصيل وابن اصول

    • زائر 3 | 1:02 ص

      درر ابو علا

      لا يعرفك الا من تعمق في شخصيتك الفذه والعميقه ذات الابعاد الكبيره صح الله السانك

اقرأ ايضاً