سيعتبر الجمعة الماضي يوماً استثنائياً تماماً في تاريخ العرب الحديث... فقد شهدت أربع ممالك عربية (ثلاث في قارة آسيا وواحدة في قارة إفريقيا) مظاهرات مناوئة للحكومات، بعضها يطالب بالاصلاح والتغيير، وبعضها يطالب بالرحيل، وإن كان يجمع أغلبها مطلب «المملكة الدستورية».
المنطقة كلها تهتز، والأرض تتشقق تحت الأرجل، ولا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم. حتى الجمهوريات والجماهيريات، التي تحوّلت خلال العقود الأخيرة إلى أنظمة قمعية وراثية، لم تعد بمنجاةٍ من الموج العاتي. فإرث الاستبداد في هذه المنطقة يتحكم في الشعوب والأوطان كما تتحكم الجينات الوراثية في الأبدان، وكلنا في لعبة الاستبداد والاستعباد شرقٌ.
في مصر توجّه رئيس الوزراء الجديد المكلف إلى ميدان التحرير، فهناك يُصنع الحدث، وقال للمتظاهرين إنه يستمد شرعيته منهم، وسرعان ما حملوه على الأكتاف دون تأخير. فالشعوب الشرقية تكفيها الكلمات لتدغدغها. أما وزير الداخلية (السابق) المؤتمن على تطبيق النظام والقانون فسيقدم للمحاكمة بتهمة جنائية (غسيل الأموال وبيع أراضٍ)، بينما يطالب المصريون بمحاكمته على جرائم القتل والتصفية الجسدية للمعارضين خلال توليه الوزارة لأربعة عشر عاماً. وهناك حقوقيون وسياسيون يلاحقونه الآن بتهمة التورط في تدبير التفجير الإرهابي لكنيسة القديسين بالاسكندرية، الذي أشعل فتنةً طائفيةً لمدة أسبوع بين المسلمين والأقباط ليلة عيد الميلاد. وآخر أخبار مصر تجميد عمل جهاز مباحث أمن الدولة، الذي يحتاج إلى إعادة هيكلة لترفع الأجهزة السرية أيديها عن رقبة الشعب.
في تونس، التي تم الإطاحة برئيس وزرائها المؤقت (الغنوشي) قبل أيام، وحلّ محله الباجي القائد السبسي، زميله في الحرس القديم، إلا أنه أكبر منه سناً وأغرب تفكيراً! فقد اتهم في أول ظهورِ له رئيسه السابق (زين العابدين) بالخيانة العظمى التي يستحق عليها الإعدام، لتقصيره في حفظ الأمن والاستقرار! فكان يفترض أن يستخدم الدبابات والطائرات للإجهاز على المتظاهرين في الشارع! ويبدو أنه لن يبقى طويلاً، فقد وضع على رأس أولويات وزارته إعادة هيبة الدولة وحفظ الأمن، بينما ما يزال شباب تونس يطالبون بالتخلّص من بقايا النظام القديم للانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ خضراء!
في «الجماهيرية الليبية العربية الشعبية الاشتراكية العظمى»، كشفت الأخبار عن استخدام الدبابات ضد المدنيين أمس، ولأول مرةٍ يعترف سيف الإسلام ابن القذافي أيضاً باستخدام الطائرات «من أجل إرعاب المعارضين»! الشعب الليبي رغم التضحيات الجسيمة التي قدّمها حتى الآن، يبقى محظوظاً أكثر من شعوب أخرى مغضوبٍ عليها، لاجتماع كل الفضائيات العربية والعالمية على دعمه والتعاطف مع قضيته، دون تمييز. وامتنعت «الجزيرة» أمس عن نشر صور الضحايا لبشاعتها، مراعاةً لمشاعر المشاهدين. وفي آخر التطورات نشبت صدامات بين قبائل مؤيدةٍ للقذافي وأخرى معارضةٍ له... وهذه هي آخر الأوراق الخاسرة التي يلجأ إليها النظام.
هذا في القسم الإفريقي من العالم العربي، أما في القسم الآسيوي، فقد رفض الرئيس اليمني الخطة الانتقالية التي اقترحتها أحزاب المعارضة، بتنحيه عن الرئاسة هذا العام. وهو يصر على بقائه حتى نهاية حكمه (2013)، وإلا فإن تنحيه عن كرسي الرئاسة قبل نهاية الموعد يعد مخالفةً جسيمة للدستور وقوانين الأرض وشرائع السماء. وبصفته رئيساً منتخباً ديمقراطياً منذ 33 عاماً، لا يرضى ضميره إطلاقاً بمخالفة الديمقراطية والدستور! وبالمقابل دعا أحد أئمة الجمعة المعتصمين في بعض ميادين صنعاء للثبات، قائلاً: «أنتم في طاعة، وتؤدون عبادة، لأنكم تدعون إلى الإصلاح والتغيير».
أما في الأردن فقد أعلن رئيس الوزراء المعاد تكليفه أن المطالبة بالمملكة الدستورية أمرٌ غير شرعي، ومخالفٌ للدستور والقانون أيضاً، ويجلب غضب رب العالمين! وفي عُمان، استجاب السلطان لمطالب المتظاهرين بإقالة وزيري المكتب السلطاني وديوان البلاط السلطاني.
في البحرين، شهدت المنامة عصر الجمعة مسيرةً كبيرةً توجّهت من مبنى الحكومة إلى دوار اللؤلؤة، دعت إليها تسع جمعيات سياسية، وطالبت بتغيير الحكومة وتشكيل حكومة وطنية جديدة. وحمّلت هذه أحزاب المعارضة البحرينية الحكومة المسئولية الكاملة عن الإخفاقات السياسية والاقتصادية والمعيشية طوال السنوات الماضية، واتهمتها بانتهاك حقوق الإنسان. وحين وصلت المسيرة المرفأ المالي أخرج الكثيرون ورقةً نقديةً ولوّحوا بها، في إشارةٍ لما كشفه الأمين العام للوفاق في مؤتمر صحافي قبل يومين من بيع الأرض بدينارٍ واحدٍ فقط.
وفي مدينة عيسى التحمت مسيرتان عند مبنى وزارة الإعلام، إحداهما قادمةٌ من ناحية وزارة العمل، والأخرى من جهة الجهاز المركزي للإحصاء. وردّد المتظاهرون شعاراتٍ تطالب التلفزيون الرسمي بالتزام روح المواطنة والترفّع عن تأجيج الاحتقان الطائفي ونشر الأحقاد والكراهية بين المواطنين، بما يتنافى مع حب الوطن وقيم الإخلاص وشرف المهنة الاعلامية.
في المساء، كان ميدان اللؤلؤة يستقبل عدداً من المتحدثين على المنصة الرئيسية، وأعداداً كبيرة من الزوّار كباراً وصغاراً، فيما تنوعت الأنشطة والفعاليات اليومية. ويستوقفك البعض للسؤال عن المستقبل، ولا تملك إلا القول اختصاراً، إن الشرق الأوسط يغلي بأهله ومكوّناته كالقِدْر الكبير، وما نحن إلا من غزية إن غوت... غوينا وإن ترشد غزيةُ نرشدِ!
يوم السبت، استمر «اللؤلؤة» في استقبال الزائرين، ومنه ابتدأ الآلاف عصراً في تشكيل أطول سلسلة بشرية بحرينية للتعبير عن الوحدة الوطنية، حيث امتدت عدة كيلومترات إلى جامع الفاتح. وهي ردٌ عفويٌ على بعض الدعوات غير السليمة بتشكيل جماعاتٍ لما يسمى بـ «الدفاع عن النفس»، وهو ما سيكرّس حالة من العزلة بين مكونات الشعب الواحد، في قفزٍ واضحٍ على دور مؤسسات الدولة التي ينادي الجميع بإقامتها. وهو استنساخٌ خاطئ للتجارب المرّة التي عاشتها بعض البلدان العربية الشقيقة، وقادت إلى سفك الدماء وأزهاق الأرواح. سلّم الله الجميع
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3103 - السبت 05 مارس 2011م الموافق 30 ربيع الاول 1432هـ
يعطيك الف عافية
شكرا لكم
نشر الصورة
ارجوا منك نشر الصورة الكاملة لان باعتقداي انك نسيت قضية ايران فهي جمهورية وفي اسيا ايضا وبنفس الحس الذي لديك لم تشر للعرااق هل هم خارج نطاق الثورات ام ماذا؟؟؟ ارجوا الرد...
نعم
نحتاج إلى الكثير من السلاسل البشرية لحماية الوحدة الوطنية التي يهددها هذا الاستنفار الطائفي.
أين التقارير وتأين النغطية
المشترك رقم واحد: يقول للسيد لا تقارن بين البحرين وبين غيرها، فأنا اقول له أيها العزيز الى الأبد، أنتم محضوضون لأن تلفزيون البحرين اعطى اكبر تغطية للفاتح وجعل البحرين كلها من أ الى ي فيها، أما احرار الصحف فغطو الجميع من أصى الأرض الى شرقها، مهما تضايقت فانت عزيز مهما اختلفنا، ولا تتبع المفتنين فانت نفس انفطرت على حب الآخرين
ان نقارن ابدا
لم نقارن تونس بمصر و لا ليبيا بيمن و لا البحرين بأردن و لا عمان بالسعوديه و باقى القادمه مع اى دوله اخرى و لكن نقارن بأن كرامة الأنسان لا تختلف .
آخر الاوراق
فعلا...... في آخر التطورات نشبت صدامات بين قبائل مؤيدةٍ للقذافي وأخرى معارضةٍ له... وهذه هي آخر الأوراق الخاسرة التي يلجأ إليها النظام.
من قال لك البحرين غير؟
هذا الذي قتل البحرين وغرر بالمسؤولين. دائما تقولون لهم البحرين غير. من قال لك غير (زائر 1)؟ مادام هناك حقوق منقوصة فلابد تكون هناك اعتراض. ليست الشعوب العربية حيوانات، وما جرى في مصر وتونس يتكرر في اكثر من مكان. بس خلكم عادلين وافتحوا عيونكم ولا تغرروا بأنفسكم وبالمسؤولين كما يفعل تلفزيون البحرين والصحف الصفراء.
ما الخطأ في المقارنة مادام الظلم واحد؟ يازائر 1
ما الخطأ في المقارنة؟ أليست هموم الشعوب العربية واحدة؟ اليس الظلم واحد؟ أليس الظلم ظلمات؟ ألم تسمع كلمة الحق التي جرت على لسان الشيخ السويدان؟ ألم يذكر أمثالك بأن العدل أصل من اصول ديننا؟ ولكن كم على قلوب أقفالها. الله يهديك ويهدينا.اما انا اقول أحسنت على هذه المقارنات.
أحسنت سيد
صح لسانك كلام موزون وتغطية للأحداث جداً ممتازة
التعليق رقم واحد أرلك انت الذي تقرأ بعين واحدة
يا أخي نحن كمسلمون همّنا واحد وقضيتنا واحدة فمنذ أن قامت ثورة تونس ومصر وغالبيتنا حرم نوم الليل لأننا شريكون في همّ إخواننا واختلاف المذاهب يؤثر على قصيري النظر وعديمي الثقافة لأن الإختلاف أمر إلهي جبل الناس عليه ولكن لا يعني الإختلاف أن ننأى بأنفسنا عن غيرنا من العالم.إن المسلم الحقّ هو من يتألّم لك مناظر البؤس أينما كانت هكذا علّمنا ديننا الحنيف وقرأنا من سيرة سيد البشر ص كيف أن رجلا دخل الجنة بإغاثته كلب. لا أدري أتعي ما أقول أم لا
للأسف أصبحنا مسلمين بلا قيم إسلامية
من على رأسه بطحة.....
زائر 1... لماذا تطالب من السيد عدم المقارنة؟ هل نحن في معزل عن العالم وما يجري فيه؟ ام ان من على رأسه بطحة يتحسسها؟؟؟؟
الأيام تكشف رؤوس الفتنة
يوما بعد يوم تنكشف رؤوس الفتنة التي طالما كانت تتوارى خلف أقنعة الزيف والخداع ولكن الله فضحها في الدنيا قبل الاخرة
نصر من الله وفتح قريب
قــــريباً ســــــوف ينتــصر الوطــــــن ويصبح اقـــــوى
لاتقارن البحرين بغيرها
مع احترامي لجميع الدول البحرين وضع ثاني ولم نراك تتكلم عن مسيرة الفاتح هل كنت نايم او في غيبوبه الله يحفظ البحرين وكل شعب البحرين من المحرضين