العدد 3102 - الجمعة 04 مارس 2011م الموافق 29 ربيع الاول 1432هـ

الحوار لا يعني أن يبصم أحد للآخر على بياض

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حسنٌ أن يدعو سمو ولي العهد قوى المعارضة الى حوار وطني لمعالجة امورنا بعيدا عن المواجهة التي تؤزم الوضع بدلا من انفراجه.

وحسنا فعلت فصائل المعارضة أن عبرت عن قبولها بمبدأ الحوار وإن كان مشروطا بتوافرما تراه من معطيات. فالرد على دعوة الحوار يمكن اعتباره خطوة إيجابية ومقدمة لخطوات أخرى في هذا الاتجاه, فلا خروج من الدائرة المغلقة بأمان من دون الحوار. وما لاشك فيه أن طرفي المعادلة يدركان مكامن القوة والضعف لكل منهما.

إن الطرف الحكومي يدرك تماما أن الحل الأمني، وهو الورقة الأقوى التي كثيرا ما عول عليها وسبق أن جربها مرات عدة، لن يوفر حلا جذريا لمشكلة سياسية مزمنة وخاصة في الظروف العالمية السائدة التي لن تسمح بتعريض الاستقرار للخطر في منطقة حساسة وحيوية للاقتصاد العالمي. الولايات المتحدة الأميركية مثلا أصبحت أكثر قناعة من ذي قبل أن مصالحها العسكرية والاقتصادية في المنطقة بأكملها لا يمكن استمرارها بالأمن وحده من دون استقرار سياسي. فقد عبرت عن قلقها البالغ مما تشهده المنطقة من تحولات، ولربما فوجئت بحجم الاستعداد الشعبي للتضحية من أجل تفعيل العدالة وحكم القانون في مناطق لم تكن حتى وقت قريب في الحسبان.

لهذه الأسباب لم يعد بإمكان دعاة الحل الأمني في مؤسسة الحكم فرض إرادتهم على حساب دعاة الحل السياسي. وهذا ما شهدناه في الانفراج النسبي من حيث سفك الدماء بعد سحب الوحدات العسكرية من الشوارع والميادين العامة. فسفك الدماء لم يزد الوضع السياسي إلا تأزما, والوضع الاقتصادي إلا تدهورا, وسمعة البحرين على الساحة العالمية إلا تراجعا. كما تدرك قوى المعارضة أن رفع السقف عاليا بترديد شعارات غير واقعية أو منسجمة مع طبيعة المعطيات المحلية والإقليمية لا يساعد على استمرار زخم التعاطف مع التطلعات التي تعتبر طبيعية ومشروعة للشعوب على المستوى العالمي.

إن كلا الطرفين لابد ان يكونا مدركين للتأثيرات الإقليمية والعالمية على الشأن الداخلي. ومن جهة أخرى فإن الحكومة تدرك تماما أن اللعب بالورقة الطائفية كوسيلة ضغط هو بمثابة جمر تحت الرماد. لهذه الأسباب على فصائل المعارضة استنباط البرامج المؤثرة لاستيعاب هذه المسألة والتقليل من أضرارها ليبقى الحوار الوطني مطلبا تفرضه على الطرفين عوامل محلية وأخرى خارجية ليس لنا الا تقبلها والتكيف معها.


متطلبات أساسية لتفعيل الحوار

لتأكيد الاقتناع الحقيقي بالحوار وتأهيل أجوائه يتوجب على الطرفين المتحاورين التوقف عن فعل كل ما من شأنه استفزاز الآخر, والعمل على إرسال إشارات حسن النية لإرساء قدر معقول من الثقة التي تعتبر من المستلزمات الضرورية لإنجاح الحوار. فالمعارضة مدعوة للتوقف عن رفع شعارات غير واقعية وأخرى لا تخدم أهدافها. كما أنها مدعوة للتخفيف من حالة الاختناق الاقتصادي بالتقليل من استخدام أدواتها كورقة ضغط. وهذا القدر من التفاعل يوجب على الحكومة التخفيف من حملة الشحن الإعلامي الذي يفرق ولا يوحد, والكف عن اللعب بالورقة الطائفية, والتقدم خطوة نحو تعزيز الثقة بإطلاق سراح بقية المسجونين السياسيين.

العامل الآخر المهم في عملية التفاوض هو القبول بمبدأ المقايضة. فلا بأس من رفع السقوف إلى أعلاها وعدم كشف الأوراق إلا أنه من المهم جدا, عند إدراك مكامن القوة والضعف لكل طرف, أن يرسم كل منهما لنفسه خطوطا للتوافق والتلاقي في منتصف الطريق. فبدون الاستعداد للمقايضة لا يمكن الاتفاق على شيء يفضي بالحوار الى نجاح. ومن عوامل إنجاح الحوار يسعى الطرفان عادة الى توظيف جهة متخصصة ومحايدة كمنسق بين الطرفين تعمل على إعادة الحوار إلى مساره المرغوب كلما مالت إجراءاته الى الانحراف عن السكة المرسومة له.

إن القبول بمبدأ الحوار يحمل في طياته اعترافا ضمنيا بمصالح للآخر بدلا من رفضها أو التنكر اليها كما تعودنا على سماعه دوما من جهة الاستئثار والإلغاء التي لا تعير اهتماما للعدالة وحكم القانون. ثم يأتي إرسال الإشارات الإيجابية في اتجاه وضع الأوراق على طاولة الحوار ليكشف عن رغبة في معالجة الأزمة. وتبقى مهارة الطرفين في إجادة قواعد اللعبة كعامل أساسي آخر لتحقيق الوفاق والاتفاق على تفاصيل المرجعية, والإطار, والمراحل الزمنية اللازمة لتفعيل ما يتفق عليه. فعلى الجميع التواصي بالصبر وسعة الصدر والتواصي بالمرحمة التي فيها تكمن راحة البال وسعادة الأمة.

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 3102 - الجمعة 04 مارس 2011م الموافق 29 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 6:47 ص

      يبوحسين

      في سوق السياسه القذره ممكن ان تقايض الوطنيه بلمركز ممكن ان تقايض السكوت بشيك مفتوح ممكن ان تقابض التغاضي بلتغاضي هذا هو العفن السياسي ممكن ان تسرق احلام امه مقابل مبلغ مزيف ان عديته امام ضميرك اتهمك بجريمه غسيل الاموال وجدت نفسك محرم مطلوب لذاتك قبل اي محكمه هذه السياسه والسياسيين ممكن ات تلبسك عبائت التقاة برغم عقوقك لكل الاباء والامهات وفي نهايه الدرب يقف على راسك اتقى الموجودين وينادي امام العباد اللهم لا نعلم من ظاهره الا خيرا واي خير يقصد لا ادري ربما هي كلمه تقال عند كل جناز

    • زائر 11 | 4:47 ص

      14 فبراير

      شباب ثورة 14 فبراير هم الذين يقررون ولانريد أحدأن يتجاوزهم

    • زائر 10 | 4:03 ص

      سبب الخوف والقلق

      المشكلة أن النظام مازال يتعامل مع المعارضة ومع الأزمة بتعال وبإسلوب (ولي النعم) وقناعة (ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار) فحتى الاستجابة المتأخرة جداً لفكرة الحوار والتي ظلت المعارضة تطرحها على مدى تاريخها والتي ما إن بدأت في وقت من الأوقات حتى توقفت لعدم جدية النظام فإنه أي النظام يعتبرهذه الاستجابة منة يمنها على غالبية الشعب وفضلاً يوجب السجود حمدأ وشكراً لولي النعم وما يؤكد ذلك انحياز الإعلام الرسمي تلفاز وإذاعة وصحافة إلى هذه الفكرة بشكل غير أخلاقي معززاً لتفريقه الطائفي...

    • زائر 8 | 12:36 ص

      النصيحة من أهل المعرفة

      نتمنى على الكاتب الكريم أن يقدم النصح إلى الإعلام الرسمي كما فعل مع ديوان الخدمة المدنية الذي وجه السهام له رغم مشروعية ما طرحة.

    • زائر 7 | 12:26 ص

      • بهلول •

      أرض جزيرة حوار لمن ؟ هل هذا يحتاج إلى حوار ؟

    • زائر 4 | 11:30 م

      كلام جميل

      الكرة الآن في ملعب ولي العهد، فقد تسلم رسميا رسالة من المعارضة لا تحتمل التأخير للرد خصوصا وانه لا يوجد فيها شرط صعب او خيالي. يعطيك العافية واضم صوتي للمشارك

    • زائر 3 | 11:05 م

      محاكمة القاتل

      محاكمة القتلة بأسرع وقت هل فيه حوار؟؟؟

    • زائر 1 | 10:02 م

      هل محاربة الفساد تحتاج لحوار

      بالتفويض لولي العهد السلطة مطالبة بفتح ملف الفساد دون تأخير وهذا الامر لا يحتاج لحوار

اقرأ ايضاً