مما لا شك فيه أن المخاوف النفسية بسبب الأحداث السياسية في شمال إفريقيا ودول الشرق الأوسط أثرت تصاعدياً على أسعار الطاقة العالمية ما أوصلتها إلى مستويات غير معهودة منذ شهر أغسطس/ آب 2008 على الرغم من أن الانخفاض الحقيقي في صادرات النفط الليبية لا يتجاوز النصف مليون برميل يومياً مع قدرة بعض الدول النفطية على تعويض معدلات النقص الحالية.
قبل ثلاثة سنوات لامس سعر برميل النفط في بورصة الطاقة نحو 147 دولار ولكن انخفض السعر تدريجياً بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية ما أثر إلى حد ما على موازنات الدول المنتجة للنفط. الأزمة السياسية الراهنة في الدول العربية بسبب المطالبات الشعبية بالمزيد من الحريات والتغيير في أنظمة الحكم لمواكبة فطرة الإنسان نحو التقدم والتحديث بعيداً عن بؤر الفساد مع الدعوة إلى مزيد من الشفافية واقتلاع الأمراض المجتمعية مثل التمييز أدى إلى مخاوف من وصول المطالبات السياسية للإصلاح إلى دول رئيسية في تصدير النفط ما جعل محللو السلع في بنك نومورا الياباني وغيرها يتوقعون وصول برميل النفط إلى مستوى 220 دولاراً في حال استمرار سيناريو الأزمة وامتدادها إلى مزيد من الدول.
الأسواق العالمية للطاقة قلقة من ضعف التخمين الصحيح للمدة الزمنية لاستمرارية الأزمات السياسية فالدول الغربية والمستوردة الرئيسية للنفط تفضل انتهاء التعقيدات الراهنة بأسرع وقت ممكن لأن ارتفاع سعر برميل النفط ولفترات طويلة سيؤثر سلبياً على اقتصادها غير المتعافي من ركود تاريخي. إحصائياً، فإن إرتفاع سعر برميل النفط بنحو 10 دولارات يؤدي إلى خفض النمو العالمي السنوي بنحو نصف بالمئة. لهذا السبب فمن المتوقع استمرار توافد المبعوثين من دوائر القرار في الدول الغربية إلى المنطقة لإيجاد وسائل سريعة لمد قنوات الحوار بين الجهات الحاكمة والمجتمع المدني المعارض لحلحلة عمليات إصلاح سلمية وسريعة.
التوترات السياسية خاصة في الدول النفطية تؤثر بطريقة مباشرة على موازنات الدول المنتجة فهي إن لم تكن مصدراً لبؤرة المشكلة فإن خزانتها تتحصل على أموال طائلة. على سبيل المثال فقد خسرت بعض الدول ثروات هائلة بسبب كونها مصدراً للصراع مثل إيران في العامين 1979 - 1980 بسبب الثورة الإيرانية، وأيضاً العراق وإيران بسبب الحرب خلال الأعوام 1980-1988 ومن ثم العراق والكويت بسبب الحرب 1990-1991.
في الوقت الراهن، الأزمة أثرت اقتصادياً على ليبيا بسبب خسارتها إنتاج بعض حقول النفط أما الدول الأخرى فقد زادت إيراداتها المتحصلة من بيع النفط الخام ومشتقاته ما جعلها تقدم الكثير من «الخدمات» إلى شعوبها لتخفيف حالة الاحتقان في عموم المنطقة لكن المشكلة هل تعتبر الأزمة الحالية سحابة صيف عابرة أم أن الأزمة هو نتيجة تراكمات سابقة بسبب سياسات خاطئة لن تنجح الكوبونات النفطية في تعطيل المسيرة المطالبة بالإصلاح؟
وكالة الطاقة الأميركية توقعت أن يصل متوسط سعر برميل النفط في العام 2020 نحو 108 دولارات وهذا السيناريو في غياب أزمات سياسية في الدول النفطية لأسباب تتعلق بالزيادة السكانية ونمو الاقتصاديات العالمية ونقص المخزون النفطي. من المتوقع استمرارية حصول خزانة الدول النفطية على المزيد من البترودولارات خلال العقد المقبل، وسيظل السؤال الحائر: هل تستطيع الكوبونات النفطية إيقاف مد الإصلاحات السياسية؟
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 3102 - الجمعة 04 مارس 2011م الموافق 29 ربيع الاول 1432هـ
مفارقات يا مجيد
في اسبعينيات من القرن الماضي كانت حركات التحرر في الوطن العربي في قمه كرهها لامريكا والاميركان وكان الاتحاد السوفيتي بعد حرب 73 مفضل عند كل الفئات على امريكا كونه كان شبه الحليف للعرب وكان احد احد شعراء قريه الديه يقراء ببعض قصائده الثوريه في سمر ليالي اليابور الجميله يذكرني مقالك بأحد ابياته حيث يقول لا تسل ما السجن وما حال من سكنو الزنازين العتيقه
ها ان اسكنها بعد عزي مال الدهر اخت او صديقه
انتبه فا النفط من ارضي ويسرق بلافواه سرا
وما ليا منه الا بريقه