يحكى ان طالبا شابا ذكياً جدا كان يتلقى دروسه الدينية عند استاذ معروف ومتخصص في هذا الشأن، كان هذا الشاب من الطلبة النشيطين في صفه اضافة لذكائه وكان حريصا على الا يفوته جديد مما يقع تحت يده وبعد انتهاء درسه همّ الشاب بمغادرة فصله يريد الذهاب الى بيته، استوقفه استاذه قائلا: اتمنى الا تتعجل بالمغادرة يا بني
اجاب بكل احترام: لِمَ يا استاذ وهل تبقى شيء لم اقرأه؟
قال الاستاذ: كلا يا بني، لكن هناك الكثير لم تتعلمه غير القراءة؟
اجاب الشاب: حاضر استاذي، سأذهب الآن، وسأتعلم ما لم اتعلمه في وقت لاحق.
قال الاستاذ: حسناً، كما تريد، لكني نبهتك، واذا ما حدث وصعبت عليك الامور فانت الملام...
غادر الشاب استاذه وهو يفكر مليا بما حدثه الاستاذ به حتى مر بقرية في طريقه، سمع صوت المؤذن يعلن حلول موعد الصلاة فتوجه من فوره الى المسجد ليؤدي صلاته الا انه وجد أن إمام المسجد يلقي خطبة في المصلين، جلس يستمع اليها وإذا به يفاجأ بهذا الخطيب يذكر الاحاديث النبوية على انها آيات قرانية حتى انه يتلو الايات القرانية بصورة خاطئة (محرفة عن أصلها ) جن جنون الشاب ولم يحتمل السكوت على ما يحصل انتفض من مكانه وبصوت عال: هراء... هذا هراء... حرام عليك ايها الرجل... إن ما تنقله خطأ فأنت تضلل الناس بما تقول صمت الخطيب وترك الشاب في ثورته وهو هادئ لم يحرك ساكناً، راح الناس يتساءلون مستغربين ما يحصل، ترى من هو الصادق فيما يقول؟...
صار المكان يعج باللغط حتى هدأ الشاب بعد ان انهى كلامه والخطيب مازال يتمالك هدوءه حتى راح يتحدث والهدوء يغلب عليه كالواثق من نفسه حتى قال: يا جماعة... إن هذا الشاب على حق
- يا جماعة الخير... إن هذا الشاب على حق.
اثار كلام الخطيب استغراب الحضور كافة بما قاله وساد الصمت والدهشة تعلو الوجوه... ما الذي يقوله الشيخ؟ هل حقا يقصد ذلك؟
ثم واصل حديثه قائلا: بالامس (حلمت) أن شابا من اتباع الشيطان دخل قريتنا وادعى أنه زاهد وراح ينشر الكفر وكما اشار الحديث النبوي الشريف (كل من ضرب تابعا للشيطان يكون مثواه الجنة) (الحديث من تأليفه) هب الجميع من فورهم وراحوا يضربون الشاب ضربا مبرحا دون شفقة يبغون من وراء ضربه دخول الجنة.
سقط الشاب ارضا من شدة ما ناله من الضرب مغميا عليه وهو بحال يرثى لها... بعد ان تجرع الشاب انواع الضرب وفقد نقوده وكل ما يملك اصبح فعلا بحالة يرثى لها.
قضى اياماً لا يحسد عليها من جوع وتعب وآلام الى ان استطاع اخيرا ان يعود الى استاذه... طرق الباب وما لبث ان رأى الاستاذ حتى قال:
- الم اقل لك انك لم تتلقَ كل الدروس.
صاح الشاب: بالله عليك علمني ما لم اتعلم
وافق الاستاذ وقال للشاب: شرط ان تفعل كل ما اقوله لك دون اعتراض
فرح الشاب واعدا بذلك، مرت فترة طويلة والشاب يتلقى الدروس عن الأستاذ، تغيرت ملامح الشاب لأن الدروس هذه المرة كانت خارج نطاق الغرف والكتب، كانت في الهواء الطلق بين الناس والازقة والاسواق، اسمرّ وجهه كثيرا وطالت لحيته وتعلم الكثير والكثير وفي يوم ناداه الاستاذ وقال له:
- يا بني اذهب الى حيث ما تشاء لم يبقَ شيء لم تتعلمه، شكر الشاب الاستاذ كثيرا وخرج وهو فرح بعد فترة طويلة من الدراسة والتعلم وعند عودته فكر ان يمر بنفس القرية التي مر بها من قبل، وفعلا وصل اليها، لم يتعرف عليه اي شخص لشدة ما تغير من ملامحه، وعندما حان موعد الصلاة ذهب مع الجميع كي يصلي فوجد نفس الامام (الشيخ) سلم عليه ورد الامام السلام دون ان يتعرف عليه.
جلس الشاب مع الجماعة وصار يستمع الى الامام وهو يخطب، لاحظ الشاب ان الشيخ قد زادت اخطاؤه، وصار ينقل الاحاديث بشكل خاطئ والآيات القرآنية ايضا، سمع الشاب كل هذا وصار يصرخ باعلى صوته: ما اروع ما اسمع الله أكبر، رائع يا شيخ سمع الشيخ هذا الكلام وفرح كثيرا وصرخ بالناس: أليس عيبا عليكم ان تتركوا ضيفا من افضل خلق الله يجلس في الصفوف الاخيرة اين كرمكم؟ اين ضيافتكم؟
انفتحت الطريق امام الشاب وراح الكل يدعوه الى ان وصل الى الصف الاول وجلس يستمع الى الإمام وصلى من بعده، بعد الصلاة جلس مع الناس هم يسألون وهو يجيب على أسئلتهم، احبوه بسرعة وصاروا يتسابقون على استضافته في بيوتهم، قضى اليوم الاول في بيت احد الاشخاص وفي اليوم الثاني حضر الى الصلاة وفعل كما فعل في اليوم الاول وصار يردد انه لم يسمع مثل هذا الكلام في حياته رغم انه درس في مجال الدين لكنه لم يسمع كلاما جميلا كهذا (لاحظ هو لم يكذب)، المهم، الإمام فرح كثيرا، لم يستطع الا ان يقول:
- نتمنى ان يقوم ضيفنا الذي تلقى دروساً في الدين غدا بإلقاء الخطبة .
- فرح الشاب كثيرا، هذه هي الفرصة التي كان يتنظرها، في اليوم التالي وقف على المنبر وتكلم كلاما جميلا سرعان ما رحب به جميع اهل القرية واخيراً قال:
- يا جماعة: هل تعلمون ما رأيت امس في منامي؟ رأيت ان هذا الامام له منزلة عالية جدا عند الله بحيث ان كل من يأخذ خيطاً من ملابسه الداخلية يكون مثواه الجنة...
هرع جميع اهل القرية يمزقون ثياب الامام كي يحصلوا على خيط من ملابسه الداخلية وهو بين ايديهم كالعجينة تناله الضربات من كل مكان الى درجة انه صار يصرخ من الالم قائلا: يا ناس انا اصلا لست رجل دين ولم ادرس الفقه بحياتي اتركوني، ارجوكم
- يكفي، انا حتى لم احفظ القرآن.
العبرة: في السياسة استطاع الشاب ان يحصل على ثقة الناس والمنبر والانتقام من الامام في نفس الوقت.
أنوار صفار
الشعر بعضه خيال
وشعري بينه حقيقة وواقع ومقال
إلى هذا اليوم لم أقرأ كتاب شعر
فهذا واقعي وليس بخيال
ها أنا أكتب بقلب الواقع
ومن مولدي مطعن القتال
الخيال لي واقع وقدري
عيشي من ورائي لا محال
فأنا لا أكتب مدحاً
ولا أنتظر من ورائه مال
أكتب الحق وإن كان هذا شعر لكم،
فهذه رسالتي بين الرمال
فاخترت أن أعيش وحيداً لأنني دائماً
ملازم وقلمي الآن صعب المنال
سامحوني إن أخطأت فالمكتوب لا مفر منه،
وعطفكم غايتي ومنال
فوداعاً، وداعاً على عمدي لم أجد الحب،
وإلى اليوم هذا لم أجد الجمال
فاقرأوا واقعي، عسى أن يكون لكم خيراً،
بلحاً، تمراً ويكون لي بسراً وخلال
نبيل مهدي معيوف
كان هناك رجل يقال عنه (ملا) يدرس في الملالي (المدارس القديمة) كان يشتهر بلحيته الطويلة. لحية الملا جلبت انتباه أحد الطلاب الجدد بسبب طولها الملفت للنظر, ظل الطالب ينظر إليها حتى انتهاء الدرس, وعندما غادر الجميع هرع الطالب إلى الملا يسأله:
- يا ملا, هل يمكن أن تخبرني أين تضع لحيتك عندما تنام، فوق الغطاء أم تحته؟
فكر الملا قليلاً ثم قال للطالب:
- هل لك أن تمرّ غداً كي أعطيك الجواب.
وافق الطالب واتفقا على موعد كي يزوره في بيته، في المساء وعندما حان موعد نوم الملا ذهب إلى فراشه واستلقى عليه, لكن تذكر سؤال الطالب
فماذا حدث للملا؟
لم يستطيع النوم تلك الليلة، مرة يضع اللحية فوق الغطاء... وبعدها يقول لا ليس هكذا، ثم يعود ويضعها تحت الغطاء ويصيح ... كلا ليس هكذا أيضاً.
أعاد الكرَّة مرات ومرات إلى أن أشرقت الشمس ولم يغمض له جفن.
في الصباح الباكر، وحسب الاتفاق مرّ الطالب كي يأخذ الجواب، فتح له الملا الباب وصفعه بقوة قائلاً:
- ما الذي أوحى لك بهذا السؤال اللعين؟ جعلتني أسهر طوال الليل ولم يغمض لي جفن...
العبرة...
هناك أسئلة تجعنا نفكر أعمق وأكثر بالأمور البسيطة التي نمارسها بشكل تقليدي دون الانتباه لمضامينها.
أنوار صفار
من جيت على الدينا
أنا أفتخر بحريني
أبد ماني بناسي
رواني ماي لحنيني
أفتخر في ديرتي
أم النخل والدان
هي حبي وسلوتي
بين الدول تزدان
أنا أحب ترابها
وأحب شعبها الطيبين
هلا وهلا فيها
محلا ديرتي البحرين
هي أم الخير
كل البشر تشهد
غنى عليها الطير
عسى البشر تسعد
وأنا عليها أغني
بالمرواس ويالعود
فرحان أنا ومتهني
فرحان بليا حدود
يا محلي السواحل والبساتين
إلي تجدب الناظر
ويا محلي العنب والتين
يرتاح لهم الخاطر
يا ديرتي محلاها
أنا مقدر أنساها
هي نظر لعيون
فيها أنا مفتون
ومحلى العلم وبالونين
أبيض مع الأحمر
زين وفوق الزين
يسحر إللي مر
جميل صلاح
أن تكون الجنازة مع العرس في بيتنا
أن تجتمع الضحكات والعويل في فنائنا
أن تكون الأحزان والأفراح مناصفة بين أبنائنا
أتريد أن تسرى عن الأب الحزين؟
لا ليس بالطبول والأعلام
والهتاف والإعلام
لا ورب الأنام
ابحث عن أخيك الحزين الجريح في كل مكان
ضمد جروحه وامسح دموعه وأخبره بأنه أخوك مهما كان
قبل رأسه ويديه وأعلمه أن البيت المظلم الموحش توّاق إليه
وأنّ ما يطلبه ليس بالمحال وسيتحقق بمشيئة الرحمن
فما يسعد الأبناء يسعد الآباء
وما الحياة إلا رسالة تتناقلها الأجيال
وما الرسل والأنبياء إلى للتجديد والتغيير
ولولاهم لما تركنا اللات والعزى
وما عرفنا الرحمن
احمل أخيك حملاً إلى البيت
فالأب مشتاق إليه
فالأب مشتاق إليه
فالأب مشتاق إليه
العاشقة لأمتها
آمال سلامة
وكأني مازِلتُ بَينَ أحضَانِها...
مازَالَتّ أنفاسُها تُلامِسُ أيمَنَ رَقبَتي
مازِلتُ أسمَعُها... تَهمِسُ لي... قائِلة: أُحِبُك
اشتَقتُ تِلكَ القُبُبلات على خَدي... اشتَقتُ تلك اللَمسات... ذَلِكَ الإحساس
عِندما أكون بينَ أحضانِكِ
بَينَ طياتِ هذهِ الذكرَيات... يؤلِمني قَلبي
أُحِسُ وكأنَ مَلَكَ المَوتِ بَدأَ باجتِذابِ رُوحي
بَدَأت أنفاسي... تَقِلُ شَيئاً فشَيئاً
وَدعتُ الحَياة
فَارقَت الرُوحُ جَسدي الفاني
يا الله
ماأجمَلهُ من شُعورّ
لَم أتخَيل... أنّ يَكونَ المَوتُ بِهذهِ اللِذة
المَوتُ بالنِسبَةِ لي كانَ أفضل
أجملَ وأحلى
من كلِ طَعنَةِ غَدرٍ أصابَتني مِنكِ... أرَقُ من كُلِ لَمسةِ خيانة
لَمستِني بِها
مازالَ أحلى... حتى مِن قُبُلاتِ شَفَتيكِ العَذبة
تَحيةُ لكِ على أدائِك الرائِعِ الزائِف... بتَمثيليةِ الحُبِ المَزعومة
تحية... للمَوتِ فَقط
و... لِيَحترق قَلبُكـِ في الجَحيم
علي حسين الحداق
تحدثنا في المقال السابق عن ماهية جريمة الاحتيال وفعل التدليس الذي تقوم به جريمة الاحتيال، والفرق بين التدليس الجنائي والتدليس المدني وسوف نتطرق في مقال هذا الأسبوع إلى وسائل جريمة الاحتيال ومن بينها الطرق الاحتيالية والتي يعد الكذب جوهرها إذ يستمد منها المتهم الأدلة على صحة ما يقول بهدف إقناع المجني عليه بوهم إثراء ذمته المالية، والكذب قد يكون كتابياً أو شفوياً أو بالإشارة إذا كان لها دلالة اصطلاحية معروفة يفهمها المجني عليه ويقع بناء عليها في الخطأ، فالكذب إيهام المجني عليه بطرق احتيالية مثلاً بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورةً أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو إيهامه بوجود سند دين غير صحيح، ولم يحصر المشرع القانوني الطرق الاحتيالية إنما جاء النص عاماً يفيد أن أي طريقة احتيالية تصلح أن تقوم بها جريمة الاحتيال طالما أن الهدف والقصد الجنائي هو الاستيلاء على مال منقول بدون وجه حق الأمثلة ومن الواقعية على طرق الاحتيال والنصب لأخذ الحذر الإيهام بوجود مشروع كاذب حيث يعتبر إيهاماً بوجود مشروع كاذب دفع المجني عليه للاعتقاد بأن هناك جهوداً تبذل بغرض معين بهدف نقل مال من الذمة المالية للمجني عليه إلى الذمة المالية للجاني، كأن يقوم الجاني بإيهام المجني عليه بوجود شركة تجارية أو العزم على إنشائها أو حتى حفلة خيرية، المهم هو أن الموضوع مشروع كاذب يهدف إلى الاستيلاء على مال أو أن تكون الواقعة مزورة وتعتبر الواقعة مزورة إذا كانت غير موجودة أصلاً أو غير موجودة بالشكل الذي شرحه الجاني كإيهام المتهم المجني عليه بأن له نفوذاً أو أن له سطوة تمكنه من قضاء حاجة المجني عليه أو إيهامه أن لديه علم ودراية بمسألة معينة تهمه وأنه على استعداد تام لاطلاعه على تفاصيلها بمقابل مال أو إيهامه بأنه في خطر وان في استطاعته أن يخلصه منه كما يزعم بعض المشعوذين النصابين بقدرتهم على تخليص الناس من الامراض والمشاكل نظير تلقيهم مقابل مادي او مقابل عيني سواء كان صراحة (مال) او مستتر (هدية او قرباناً) كل ذلك يعد من جرائم الاحتيال.
ولما كانت جريمة الاحتيال تقوم على الكذب فان معيار تقييم الكذب هو مطابقتهِ للحقيقة الموضوعية وهو من اختصاص المحكمة، فاذا كانت الواقعة غير موجودة فان الادعاء بوجودها كذباً وكما تعتبر الواقعة كاذبة اذا كانت صحيحة وانطوى الكذب على بعض تفاصيلها أو أجزائها وتطبيقاً لذلك فإن المشروع يعتبر كذباً احتيالياً إذا كان له وجود حقيقي ولكنه لا يحقق الربح الذي يدعيه المتهم، أو كانت الواقعة التي يزعمها المتهم حقيقة و لكن ليس من شأنها أن تحقق الغرض الذي يسعى إليه المجني عليه، ويعتبر الأمل في الربح وهمياً إذا استوجب إنفاق مال أكثر لتحقيق هذا الربح الخرافي ولم يصارح المتهم المجني عليه بالأمر وأوهمه بطرق احتيالية أن المال القليل الذي سيدفعه المجني عليه سيعود بأرباح طائلة. وكذلك الحال على من ادعى صلة قرابة بذي نفوذ وزعم أنه يستطيع تعيين المجني عليه في منصب يعتبر ادعاؤه كاذباً واحتيالياً طالما أن هذه الصلة غير حقيقية وكان هناك مقابل مالي لهذا الأمر أو مقابل عيني.
ويعتبر محتالاً من أوهم آخر بدفع مال مقابل إنشاء شركة ولم ينوِ إقامتها طالما أن الغاية هي الإثراء بلا سبب وبناء على طرق احتيالية، أو أن القانون لم يجز له إنشاءها فكل ذلك يعد من قبيل النصب.
أما سند الدين فمفاده أن يقوم المتهم بإيهام المجني عليه بأي طريقة احتيالية بأنه مدين له بمال ما أي يوهمه بوجود علاقة قانونية بينهما تفرض عليه أن يسلمه بعض ماله، وتقوم الجريمة عندما تكون علاقة المديونية مزورة أي أن يكون سند الدين مزوراً أو ملغياً أو متلفاً أو معدلاً.
وزارة الداخلية
العدد 3102 - الجمعة 04 مارس 2011م الموافق 29 ربيع الاول 1432هـ
نبيل معيوف
شعر واقعه ونبيل
أنوار صفار ...
متألقة فيما تكتبين ... عبر مفيدة بأسلوب شيق ولطيف .. بورك قلمك..