انتهت الانتخابات الكويتية، وأحدثت مفاجآت كبيرة بوصول أربع نساء إلى قبة البرلمان عبر انتخابات صادقة عكست حقيقة ورغبة الكويتيين في إحداث الفارق، ولكن هذا الفارق لم يكن كبيرا أيضا حتى مع وصول المرأة إلى مجلس الأمة الكويتي لأول مرة بعد أربعة أعوام.
مع ذلك لا أعتقد أن الأزمة الكويتية السياسية بين «نواب التأزم» والحكومة ستتوقف بل ستستمر بوصول ثلة كبيرة من أولئك النواب في مقدمتهم النائب وليد الطباطبائى وفيصل المسلم، ضيف الله بورميه ومسلم البراك ومحمد هايف.
ويعد النائب فيصل المسلم وسعيه لاستجواب رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح بشأن ما وصفه بمخالفات مالية في مكتبه، القشة التي قصمت ظهر مجلس الأمة الكويتي وأدت إلى حله.
المسلم الذي واجه حملة شرسة من قبل إعلاميين في الكويت تعرضت لسمعته وشرفه والتشكيك في وطنيته، استطاع النجاح في الانتخابات والوصول من جديد إلى قبة مجلس الأمة.
ومع تعيين أمير الكويت الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح رئيسا للوزراء للمرة الخامس فإن الوضع السياسي في الكويت لم يتغير عن سابقه، خصوصا وأن الشيخ ناصر تعرض لضغوط شديدة منذ توليه رئاسة الوزراء في فبراير/ شباط العام 2006، إذ اضطر للاستقالة أربع مرات ولإجراء تعديل وزاري على حكومته مرتين، كما تم حل البرلمان الكويتي مرتين منذ تعيينه.
ومن الطبيعي أن عودة فيصل المسلم إلى مجلس الأمة كان على أساس طرحه وصراعه في استجواب رئيس الوزراء، وهو ما أعلنه من تحد ليلة الانتخابات الكويتية عندما أكد أن الحكم بينه وبين متهميه بعدم الوطنية صناديق الاقتراع.
المسلم أعلن من قبل أن حق الأمة في مراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية والذي كفلته النصوص الدستورية يلزم رئيس الوزراء بتحمل مسئولية وصعود منصة الاستجواب، وذلك لإطلاع أهل الكويت على إجاباته بشأن تبديد ديوان سمو رئيس الوزراء للمال العام ومخالفته لقوانين الدولة وتهربه من مراقبة الجهات الرقابية، وعدم محاسبته المسئولين.
وبالتالي فإن المسلم سيبقى على نفس منطقه ولن يتغير في ظل إعادة تعيين الشيخ ناصر رئيسا للوزراء ليشكل الحكومة الجديدة المقبلة، وما يؤكد عودة الصراع من جديد بين التيارين، حتى مع تعزيز السلطة نفوذها في مجلس الأمة من خلال دخول نواب معتدلين يسعون إلى إبعاد الكويت عن حالة التأزم المستمرة والصراع السياسي.
ومن هنا يتضح أن الأزمة الكويتية السياسية لا يمكن أن يكون حلها من خلال حل مجلس النواب عند كل منعطف، وإنما في صيغة توافقية بين القوى المعارضة والإرادة الرسمية، من أجل أن تسير سفينة التنمية نحو تحقيق أهدافها، وإلا فإن الصراع سيستمر، إذا ما علمنا أن «نواب التأزم» مازالوا متمسكين بمواقفهم وبالخصوص محاسبة رئيس الوزراء على ما يرونه تجاوزات، في ظل إصرار الحكومة على عدم وقوف رئيس الوزراء على منصة الاستجواب.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2446 - الأحد 17 مايو 2009م الموافق 22 جمادى الأولى 1430هـ