كتب المحلل الأميركي غريغوري غوز أمس عن نتائج الانتخابات الكويتية معتبرا فوز أربع مرشحات بأنه إنجاز كبير بل صنع للتاريخ في منطقة الخليج، ولاسيما أن الوزيرة السابقة (أول وزيرة كويتية) والنائبة معصومة المبارك حصلت على أعلى الأصوات في دائرتها، في حين فازت الاقتصادية والناشطة رولا دشتي في دائرة أكثرها من السنة، بينما هي تنتمي لعائلة شيعية معروفة، وهذا يوضح أن الناخب الكويتي بدأ يتجاوز الفرز الطائفي المريض الذي يحدد مكانة الشخص على أساس الانتماء الطائفي، أو القبلي.
الملاحظة الأخرى التي أشار إليها غوز هي أن المستقلين فازوا أكثر من المنتظمين في لوائح حزبية، فـ «الإخوان المسلمين» والسلف والتجمع الديمقراطي (جماعة النيباري) انخفض عدد مقاعدهم، كما فاز أيضا بعض النواب الذين طالبوا باستجواب الوزراء ورئيس الوزراء، ما يعني أن المشكلة قد تعود وخصوصا أن تكرار حل البرلمان كان - بحسب آراء محللين - من أجل منع استجواب رئيس الوزراء، وهو من العائلة الحاكمة، وذلك حتى لا تكون سابقة. ولعل سقوط بعض النواب المتشددين ممن كانوا يعتبرون قريبين من الحكومة مؤشر على تغير المعادلة السياسية، ولربما يتعامل النواب الجدد مع ملف الاستجوابات بشكل مختلف لكي لا يتم حل البرلمان مرة أخرى.
مهما يكن الأمر، فإن الكويت تتصدر الديمقراطية في الخليج لما لها من حيوية وانفتاح وحرية حقيقية في وسائل إعلامها، وما حدث يوم أمس يعتبر «منعطفا جديدا» في تاريخ الكويت عبر نجاح أربع نساء (أسيل العوضي، رولا دشتي، سلوى الجسار، ومعصومة المبارك) ووصولهن إلى البرلمان للمرة الأولى منذ إطلاق الحياة البرلمانية في العام 1962 وأيضا منذ إعطاء النساء حقوقهن السياسية في 2005.
وقد صرحت المبارك لوكالة فرانس برس أن نتائج الانتخابات أثبتت «أن لا شيء مستحيل... إنه انتصار للكويتيين ولعزمهم على التغيير». وأضافت «لقد فزت بثقة ثلاثة أمراء (عبر مشاركتها في ثلاث حكومات)، واليوم فزت بثقة الشعب الكويتي».
ولعل هذه الثقة التي تحدثت عنها المبارك جاءت لكلا الجانبين لتفسح المجال لاتجاه سياسي جديد يبتعد عن الطائفية والقبلية ويعمل على تقوية المجتمع بصفته وطنا للجميع... لا مناطقية لا طائفية لا غير ذلك, فهنيئا للكويت ولهذه الروح العالية من أجل التغير في وطن يحترم الجميع ولا يستثني أحدا.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2446 - الأحد 17 مايو 2009م الموافق 22 جمادى الأولى 1430هـ