لن أزيد على ما قاله الآخرون من مفكرين وخبراء وزعماء، على أن الوحدة الوطنية هي سر نجاح وتقدم الشعوب ورقيها، وهي الأساس السليم الذي بنيت عليه حضارات ملأت الدنيا باسمها... ولكني أقول إنها كانت العرف الذي تربينا عليه وعهدناه في هذه الأرض الطيبة التي تملك شعبا صغيرا بسيطا، عرف بتلاحمه ووطنيته والتفافه حول علم بلاده. وضرب أروع المثل في العديد من المواقف الوطنية التي سجلها التاريخ بحروف من نور.
ولأنني فتحت عيني في فريق الحطب بالمنامة، ما يسمى حاليا بفريق الفاضل وكانو وما يطلق عليه بـ «ملفى الأجاويد» فقد وجدت فيه الأنموذج الناصع لمعنى ترابط الطائفتين الكريمتين سنة وشيعة، بل كان من أقرب أصدقائي من أصول هندية ولكنه ولد على هذه الأرض الطيبة، فلم نكن نشعر جميعا بأن هناك فروقا بيننا إطلاقا، حتى في المناسبات الدينية، كان الجميع يحترمون شعائر بعضهم البعض ويشاركون أفراحهم وأتراحهم، لدرجة أن ما كان تجود به مطابخ المأتم في عشرة شهر محرم يصل إلى كل عوائل الفريج من دون استثناء، والذاكرة تحمل الكثير من الشواهد التي تؤكد على هذه المعاني النبيلة.
وعلى رغم مرور تلك السنين الطويلة أجد نفسي مدفوعا - الآن - ووسط الظروف الصعبة التي نعيشها، للتأكيد على أن الوحدة الوطنية لم ولن تتغير، لأنها مازالت موجودة في كل مدينة وقرية وفريج، والسبب أن مصائر هذا الشعب ومصالحه ووحدته وعقيدته وإيمانه واحد، وان اختلفت الظروف وفرقت الأيام الصحبة القديمة، أما من يريد الخروج على الشعب وضرب وحدته الوطنية فإنني اجزم أنه إنسان دخيل علينا لا يمت لأهل البحرين بصلة، ولم تضرب جذور عائلته طينة هذه الأرض الطيبة. ولم يشرب من مائها المالح. أو هو إنسان ملأ الشر قلبه، ومات ضميره، وأصبح همه الأول والأخير تحقيق المزيد من المصالح الشخصية والتملق والكذب والصعود على أكتاف الآخرين.
وأقول بصدق وبشيء من الفخر والاعتزاز بأننا كرياضيين فإن الزمن الذي عشناه ومازلنا نعيشه يرفض كل ما يرمز إلى الكلمة البغيضة «الطائفية» ويحارب كل صورها. لأن وسطنا الرياضي يعمل بمواثيق اللجان الأولمبية الدولية التي تهدف إلى العدالة والمساوات وتقارب الشعوب ونبذ العصبية والتفرقة، ويتحلى بالروح الرياضية العالية، ولنا الكثير من المشاهد القريبة والبعيدة التي تجلت فيها الوحدة الوطنية، وبفضلها حققت فرقنا الرياضية ومنتخباتنا الوطنية النتائج المتميزة في البطولات الرياضية، ولكني على رغم ذلك أحذر من يريد أن يحارب وحدتنا الوطنية مستغلا طيبتنا للوصول إلى مآرب أخرى أبعد ما تكون عن الصالح العام. وحفظ الله البحرين من كل مكروه
إقرأ أيضا لـ "عباس العالي"العدد 3098 - الإثنين 28 فبراير 2011م الموافق 25 ربيع الاول 1432هـ