يروى أنه في يوم من الأيام كان حصان وجمل يسيران مع صاحبهما في رحلة، فقال الجمل للحصان: لو أردت أن تنقذ حياتي فأرجوك أن تأخذ جزءًا من الحمل الذي أحمله، غير أن الحصان رفض. سار الجمل بحمله حتى أصابه الكلل، ونال منه التعب فسقط ميتًا، عندئذ نقل صاحبهما كل ما كان يحمله الجمل إلى ظهر الحصان! فراح الأخير يتألم ويقول: «واأسفاه! يا لي من مخلوق بائس، أيّ وضع سيّئ وضعت نفسي فيه، لقد رفضت أن أخفف قليلاً من عبء الجمل ولكني الآن أحمل كلّ شيء»!
تذكرتُ هذه القصّة وأنا أقرأ أمس تصريحًا لمستشار رئيس الوزراء للشئون الثقافية محمد المطوع بأن «ثقافة تحسين الأداء الحكومي وتغييره لابدّ أن تشاع لأنها مطلوبة، وإن استدعى ذلك تغيير قرارات أو قوانين من أجل الوصول إلى أفضل الأحوال».
الجملة الأخيرة فقط كانت لافتة جدًّا، فهل المعضلة في القوانين والقرارات وحدها، أم هي في من «نُصّب» و «عُيّن» (قهرًا) ليمسك بموقع صنع القرار؟ كلّنا قرأنا في الصحافة ما نشر أخيرًا عن تمييز طائفي لم يكن مكتوبًا في أوراق، ولكنه معاش يوميًّا من خلال أكثر من قضية وحادثة، بدءًا من «الداخلية» و «التربية» و «الأوقاف» وليس انتهاءً - على ما أعتقد - بديوان الخدمة المدنيّة. وبرغم تصريحات النفي التي يطلقها المسئولون عبر جميع القنوات الإعلامية فإن الواقع يقول خلاف ذلك. الشعب الذي يعاني الطائفية والشللية والمحسوبية على أكثر من صعيد يوجّه نداءات استغاثة يوميًّا، ويطلق صرخاته ومناشداته دومًا، فلقد ثقل عليه الحمل، وزاد العبء، فالوطن ليس أنشودةً أو بيانًا تمجيديًّا، بل هو مسئولية يتشارك الجميع في حملها.
العدد 2133 - الثلثاء 08 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ