العدد 2133 - الثلثاء 08 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

ساحتنا الوطنية... صنع محلي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قبل ثلاثة أيام بعثت وزارة الخارجية بياناً إلى الصحف قالت فيه إن الخارجية اجتمعت مع القائم بأعمال السفارة الإيرانية بشأن ما أشيع (ربما على مواقع الإنترنت) أن هناك من البحرينيين من حصل على «ممثلية دينية عامة» من القيادة الإيرانية (الدينية - السياسية)، وأن السفارة الإيرانية نفت نفياً قاطعاً وجود أشخاص تم تعيينهم ممثلين من قبل الجهات الإيرانية.

الخبر يحمل في طياته الكثير من الدلالات، وقبل التعليق عليه، فإنني أؤمن أن الغالبية العظمى من البحرينيين كانوا ولازالوا أصحاب رأي مستقلين، وأنهم فيما يتعلق بالشأن الوطني فإن قرارهم محلي، علماً بأن أية جهة وأي شخص يثبت أن قراره ليس محلياً لن يوفق في النجاح ولن يكون له أي أثر على الساحة البحرينية.

وبما أن الموضوع في هذه الحال يتعلق - كما يبدو - بأتباع المذهب الجعفري، فإن البحرين تاريخياً كانت أقدم من إيران وتنافس في قدمها العراق وجبل عامل (لبنان) بالنسبة لأتباع هذا المذهب. والبحرين كانت ولازالت مدرسة دينية شيعية مستقلة، وكان الشيخ يوسف العصفور (المتوفى العام 1722م) أكبر شخصية فقهية لازالت لها آثار وأتباع، وكان نهج الشيخ يوسف معروفاً عنه الاعتدال، وهو الذي أوجد حالاً وسطية بين المدرستين اللتين كانتا تسيطران على أتباع المذهب الجعفري، وهما المدرسة الإخبارية والمدرسة الأصولية. ورغم أن أكثرية العالم الشيعي أصبح من أتباع المدرسة الأصولية حالياً، فإن كثيراً من علماء البحرين واصلوا على نهج المدرسة الإخبارية. فصلاة الجمعة في البحرين تقام على أساس المدرسة الإخبارية بالأساس وذلك منذ عهد الشيخ يوسف حتى الآن... ذلك لأن المدرسة الأصولية (بصورة عامة) لديها شروط أكثر صرامة لإقامة صلاة الجمعة.

وحتى في الفترة الأخيرة، وعندما عارض بعض علماء الدين مشروع قانون الأحوال الشخصية، فإنهم عارضوه على رغم أن جهات رسمية حاولت الاستعانة بالجهات الرسمية (الدينية - السياسية) الإيرانية لإقناع الرافضين للمشروع بالقبول به... ومهما كانت وجهات النظر بشأن هذا المشروع (سواء كانت مؤيدة أم معارضة لتقنين أحكام الأسرة)، فإن إحدى النقاط المستفادة مما جرى هو أن رأي علماء الدين البحرينيين يتمسك باستقلاليته فيما يخص الشأن البحريني.

كل هذا لا يعفينا جميعاً من ضرورة التأكيد أن الشأن الفقهي الجعفري كما هو الشأن الفقهي السني، إذ إن للسنة مرجعيات دينية في أحكام الشريعة خارج البحرين، والشيعة لهم أيضاً مرجعيات دينية في الحوزات الفقهية في النجف وقم، ومادام أن ذلك لا يمتد إلى السيادة الوطنية، فإنه لا يخالف ما هو معمول به في أي مكان في العالم. فأتباع المذهب الكاثوليكي يتبعون التعليمات الدينية الصادرة من الفاتيكان، ولكن نشاطهم الاجتماعي - السياسي محصور في بلدانهم. وإذا كان ما حدث قبل أيام يذكرنا بشيء فإنه يذكرنا بأهمية ترشيد الخطاب السياسي المحلي، وذلك لمنع أي سوء فهم وإزالة الشبهات، وكذلك سد الطريق على أية محاولة لربط الساحة السياسية المحلية بقرارات ليست من صنع محلي.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2133 - الثلثاء 08 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً