أظهر تقرير صادر عن شركة «المزايا القابضة» أن كلفة البناء في منطقة الخليج ارتفعت بنسبة 50 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري.
وذكر التقرير أن قطاع التطوير العقاري يواجه منذ فترة تحديات متعددة تتمثل في أكثر من ناحية قد يكون أبرزها تحدي إيجاد المقاولين القادرين على الإيفاء بالتزاماتهم وتسليم المشاريع في المواعيد المحددة ووفق المواصفات المتفق عليها مع المطور العقاري.
وقد يرتبط عمل المقاولين بصورة كبيرة بمدى توافر اليد العاملة الماهرة والتغير المفاجئ لأسعار مواد البناء وارتفاع معدلات الأسعار بشكل كبير في فترات زمنية قصيرة نسبيّاً.
وترتبط مشكلة المقاولين واليد العاملة وارتفاع أسعار البناء بمشكلة أخرى وهي مشكلة التضخم المالي الذي أدى الى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل كبير، وأدى بدوره الى هروب اليد العاملة الماهرة العاملة في قطاع البناء والقليلة الأجر في آن، من دول الخليج.
وهذ النقص المتزايد على سبيل المثال في مواد البناء والمهارات الحرفية في قطاع الإنشاء، أدى إلى زيادة كلفة البناء في منطقة الخليج بنسبة نحو 30 في المئة في السنة الماضية وحدها، و50 في المئة خلال النصف الأول من العام الجاري.
وتعتبر شركة المزايا القابضة، أن المقاولين يواجهون الكثير من الضغوط السعرية المحلية والخارجية جراء ارتفاع أسعار مواد البناء، وخصوصاً بعد ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية.
أما مشكلة النقص في اليد العاملة فقد بدأت بالظهور بعد أن لجأت بعض الدول في المنطقة الى الاستغناء عن مئات الآلاف من العمال الآسيويين المخالفين لقوانين الإقامة، في محاولة لمعالجة مشكلة «التركيبة السكانية» التي يعاني منها معظم دول المنطقة، ونتيجة الإضرابات العمالية المتكررة بسبب ارتفاع مستوى المعيشة.
وفي هذا الاطار، قالت نائب الرئيس التنفيذي لعمليات «المزايا القابضة»، سلوى ملحس: «لقد لمسنا زيادة كبرى في أسعار مواد البناء خلال النصف الأول من 2008 تجاوز في بعض الأحيان عتبة 50 في المئة في بعض المواد. وتفادياً لأي تأخير ممكن في تسليم مشاريعنا نتيجة هذه الزيادات الكبرى، فإننا نبحث برامج زمنية كفيلة تدارك أي تأخير، والدليل هو مباشرة أعمال البناء في مشروع كيو بوينت الشهر الماضي، على رغم كون الشركة باعت ما يزيد على 80 في المئة من المشروع».
وأضافت «كما اننا ندرس حاليّاً خططا مستقبلية لتفادي ظاهرة ارتفاع أسعار مواد البناء ونقص اليد العاملة، مثل التوجه نحو تدشين مشاريع لذوي الدخل المتوسط في بعض المناطق، الى جانب التوسع الأفقي في عدد من الدول في عملية تشابه تأسيس مزايا قطر ومزايا السعودية واستثمارات مزايا في عمان والبحرين وغيرها».
واعتبرت ملحس أن مشكلة تأخر انجاز المشاريع وتسليمها في أحيان كثيرة لا يعود الى صعوبة ايجاد المقاولين الموثوق بهم، وانما يعود في الحقيقة الى صعوبة ايجاد هؤلاء المقاولين أنفسهم لليد العاملة الماهرة والى ارتفاع أسعار مواد البناء. فحينما يوقع المقاولون عقود بناء ويلتزمون بها، تأتي التغيرات الكبيرة في أسعار الحديد والأسمنت وسواها من مواد البناء لتغير كل الحسابات التي التزم بها المقاول منذ الأساس، ما يعني تأخراً في التسليم.
وأضافت «تسعى الكثير من شركات المقاولات الى إقامة تحالفات مع المطورين العقاريين. ومع ازدهار عمليات الإنشاء التي تضع الصناعة تحت ضغط كبير تمتد من الموارد وحتى الكلفة المرتفعة، فإن اتفاقيات الشراكة تتزايد عموماً. وهناك بعض العقود التي تولد من الحاجة الى فهم أفضل وتحكم بالكلفة. كما أنه مع ارتفاع أسعار العمالة ومواد البناء، أصبح من المستحيل تقريباً على المقاولين والزبائن أن يقدروا بالضبط كلفة مشاريع بمليارات الدولارات».
واشارت ملحس، الى ان الحل لا يتأتى من اقامة التحالفات بين المطور والمقاول فقط، وانما يجب أن يكون للحكومات والقطاع الخاص دور مهم في هذا الاطار، اذ يمكن ان يعملا لادارة العرض والطلب على المدى الطويل، لأن صناعة الانشاء في منطقة الخليج لا تتصف بنمو الاستثمارات غير المسبوق فقط، وانما بالمشاريع الطموحة التي هي قيد الانشاء. وقد ذكرت ملحس أهمية قرار حكومة دولة الامارات رفع الرسوم الجمركية عن الاسمنت وحديد الفولاذ من أجل تخفيف ضغوط الأسعار المتصاعدة.
يذكر، أن دولة الامارات رحّلت العام الماضي أكثر من 300 ألف عامل مخالف، وبدأت البحرين الاستغناء عن العمال الهنود. وتوقع خبراء ان تتضاعف أزمة اليد العاملة في الخليج، مع زيادة الحديث في المنطقة عن ضرورة وضع سقف زمني لإقامة ملايين العمال فيها.
ويعيش في منطقة الخليج نحو 13 مليون أجنبي، يمثلون نحو 37 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ 35 مليون نسمة.
وتتفاقم المشكلة في دولة مثل الامارات التي تشكل فيها الجالية الآسيوية اكثر من 60 في المئة من إجمالي عدد السكان.
العدد 2133 - الثلثاء 08 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ