نجحت جمعية الصحفيين البحرينية في لمّ شمل العدد الأكبر من الصحافيين مساء الإثنين الماضي، في غبقتها الرمضانية.
هذا اللقاء هو الثاني الذي تنظمه الجمعية للمرة الثانية، منذ إشهارها في العام 2001، ونجحت في جمع أكثر من 400 من المدعوين والضيوف، تحت خيمة واحدة. وسبق ذلك إعلان الجمعية عن استعدادها لإجراء انتخابات إدارية جديدة، وفتح الباب للأعضاء الجدد، والترتيب لعقد جمعية عمومية استثنائية؛ لتعديل النظام الأساسي للجمعية.
والصراحة تقتضي أنْ نطرح بعض الأمور التي ظلت معلّقة، وتسببت في استمرار ثنائية «الجمعية/النقابة»، بما شلّ الجسم الصحافي من التقدّم خطوةً واحدةً على طريق تحقيق أية نتائج إيجابية لصالح العاملين بهذه المهنة، فضلاً عن تطوير العمل بما يرقيه من أجواء العمل النقابي السليم.
هناك إشكالاتٌ مازالت معلّقة، من أهمّها الخلاف على مَنْ ينطبق عليه مسمّى «الصحافي»، فالحاصل هو أنه استخدم بصورةٍ فضفاضةٍ جداً، فتم إدخال حتى العاملين الفنيين في وزارة الإعلام في هذا السلك، لحسابات سيّاسية معروفة ارتبطت بمرحلة التأسيس. وهو أمرٌ اعترض عليه حينها الكثيرون ولايزالون، ما يستدعي تصحيح الوضع وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي.
هناك أيضاً الخلاف على رئاسة الجمعية، بحيث لا يؤول هذا المنصب إلى أيٍّ من رؤساء التحرير، الذين سيجدون أنفسهم في موقع الحكم والخصم في حال حدوث أيّ خلاف أو نزاع مع أيٍّ من مرؤوسيهم. ربما نطالب بشيء يراه البعض نظرياً، ولكن لا يصح إلاّ الصحيح، وسواءً طال الزمان أو قصر، لابدّ يوماً من حلّ هذه الإشكالية التي تعرقل انطلاقة الجمعية نحو أفق جديد.
حل هذه الإشكالات لا يمكن بالبيانات أو إعلان المواقف لتبرئة الذمة، خصوصاً أنّ هناك جيلاً شبابياً جديداً من الصحافيين يعوّل عليه في تصحيح مسار الصحافة والحفاظ على مهنيتها. والجيل السابق الذي أمضى سنوات وهو يتكلّم عن «ميثاق شرف»، ومع احترامنا لأسبقيته وخبرته، إلاّ أنه يبدو عاجزاً عن تحقيق مثل هذه النقلة النوعية. وهو ما يتيح المجال لاستمرار الأخطاء والممارسات القديمة في الوسط الصحافي، كما تكشّف مؤخراً من تورّط البعض في استلام رشى وعمولات مقابل «خدمات» ومقالات ترويجية لهذه الجهة أو تلك.
من السهل على الجمعية أنْ تجمع هذا العدد الكبير في ليلةٍ رمضانيةٍ جميلة، ولكن أحد أكبر التحديات أمامها أنْ تنجح في توسعة قاعدتها الحالية، فالأعضاء المنتسبون حالياً ربما لا يتجاوزون 10 بالمئة من العاملين بالصحافة (وأرجو أنْ تصحّح الجمعية معلوماتي إنْ أخطأت). وهي مهمة تحتاج إلى إقناع هذا العدد الخارج عن دائرة اهتمامات الجمعية، سواءً أرادت أم لم ترد.
هناك أيضاً المعادلة المطلوب تحقيقها، بين الدفاع عن «مصالح» ومواقف المؤسسة الصحافية التي ينتمي إليها عضو مجلس الإدارة، وبين الدفاع عن «مصالح» ومواقف الجمعية التي تمثّل عموم الصحافيين في البحرين. وإذا كان ذلك يبدو صعباً الآن، إلا أنه ليس مستحيلاً، فلتبدأ بخطوات صغيرة تخلق عرفاً يقبله الجميع.
هناك تحدياتٌ كثيرةٌ أمام جمعية الصحافيين إذا أرادت أن تنطلق وتغادر مكانها، وسيتوقف الكثير على استجابة الإدارة الحالية للتغيير، ومدى تفاعل القاعدة التي يغلب عليها الصحافيون الشباب
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2214 - السبت 27 سبتمبر 2008م الموافق 27 رمضان 1429هـ