العدد 3094 - الخميس 24 فبراير 2011م الموافق 21 ربيع الاول 1432هـ

خنجر: متفائلون بالأيام المقبلة... وتجب محاسبة من تسببوا في «سفك الدماء»

رئيس اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب يروي لـ«الوسط» تفاصيل اعتقاله وحياته في السجن

عبدالغني خنجر متحدثاً إلى «الوسط»               (تصوير: محمد المخرق)
عبدالغني خنجر متحدثاً إلى «الوسط» (تصوير: محمد المخرق)

أبدى رئيس اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب وأحد المتهمين الأساسيين في قضية ما سمي بـ «الخلية» تفاؤله بإصلاحات إيجابية جذرية ستشهدها البلاد، لكنه أكد ضرورة محاسبة الجناة والمتسببين في سقوط ضحايا وجرحى، وقال في حوار مع «الوسط» إن سقوط سبعة شهداء في فترة قصيرة جدا شيء مروع. وهو أمر مستنكر ومدان، ويجب المطالبة بالكشف الفوري عن الذين أصدروا أوامر بإطلاق الرصاص الحي، وبالهجوم الغادر على المعتصمين دون مراعاة لوجود أطفال ونساء في وقت متأخر من الليل ويجب ان تكشف كل ملابسات هذه المؤامرة ومحاسبة المتورطين فيها أياً تكن مستوياتهم».

كيف كانت ظروف اعتقالكم؟

- تم اعتقالي في فجر 15 أغسطس/ آب 2010 من منزلي بقرية عراد في تمام الثانية والنصف فجراً، دق الجرس قالو شرطة ميليشيا من المدنيين ومعهم أفراد يلبسون الزي الرسمي ولكن لم يدخلوا المنزل كانوا فقط يراقبون الطريق. كانوا مدنيين متوسطي العمر، بقيادة احد ضباط جهاز الأمن الوطني، تعرفت على هويته في المحبس عندما وصلنا، طالبتهم بإثبات الهوية وإبراز الأمر بالقبض والتفيش، ولكنه رفض ولم يكترث. صعدوا معي لغرفة النوم، كنت اسكن انا وزوجتي وطفلي الصغير (9 سنوات).

طالبوني بجهازي المحمول على الفور، وأخذوه مني، وطلبوا مني تسليمهم جواز السفر، وكانوا يصورونني بكاميرا فيديو، وبعدها فتشوا في ملابسي الخاصة، وأخذوا أوراقاً من مكتبي، ثم تم اقتيادي. قبل الخروج من عراد البسوني قناعا أسود يحجب الرؤية بالكامل ويغطي معظم الوجه، ما عدا الذقن، واقتادوني. سمعت الضابط يتحدث مع جهة أعلى منه، وقال نحن في طريقنا إلى «الجزيرة ومعنا الهدف»، ونحن على شارع الفاتح، فتنبأت حينها بأنهم يأخذونني لمبنى جهاز الأمن الوطني. وفي لحظة وصولي مسَكني اثنان وأنا مقيد اليدين وأنزلاني من السيارة، وفتحوا غرفة باب سلالم قدرتها بأنها طبقات تحت الأرض، وتم إيقافي في هذا المكان خمسة أيام، لم أكن أرى أو أعرف حجم المكان.

في ظهيرة اليوم الثاني كان الوقوف يتخلله جلوس لعشر دقائق بين كل ثلاث ساعات، بعدها تم اقتيادي للسرداب نفسه بغرفة ثانية، شعرت بوجود أشخاص كثر في تلك الغرفة، وأجلسوني على كرسي حديد بموازاة طاولة وبدأ التحقيق، سألوني عن اسمي وتم الصراخ علي وأمروني بالوقوف، فلما حاولت ان أقف لم أتمكن بسبب وجود الطاولة، وأجبرت أن أقف نصف وقفة في وضعية مؤلمة لمفاصل الركبة. استمر وقوفي لنحو ساعة كنت خلالها أتلقى اللكمات والضرب على الرأس والأذنين والصدر والقفا، وبعد نحو ساعة تلقيت ضربة عنيفة جدا على الرأس بأداة لا أعرف ما هي وأغمي عليّ على الفور. وبعد فترة أفقت وهم يسكبون على رأسي ماء بارداً.

أخذت بعدها إلى غرفة ثانية، تركوني مستلقيا لما يقارب نصف ساعة، بعدها بدأت وجبة ثانية من الضرب، وتم تعليقي بوضعية الفلقة، وأخذوا يضربونني على أخمص قدمي بالقضيب مع فترات قصيرة، استمر هذا الوضع لثلاثة أيام بين وقوف وفلقة وضرب باللكمات وحرمان كامل من النوم.

كيف كانت حياتكم في السجن؟

- لم تنته أجواء التحقيق أبداً طيلة الفترة التي قضيناها في السجن، فإنهم حرصوا على ان لا نخرج من هذه الأجواء، لذلك تعرضنا لممارسات اقل ما يقال عنها إنها حاطة للكرامة، منها عدم رفع القناع عنا في الخروج للحمام أبدا، والتضييق علينا في استخدام دور المياه، لدرجة ان كثيرا منا اضطر إلى أن يستخدم زنزانته كبيت للخلاء، حيث منع عنا استخدام الحمام لعشر ساعات متواصلة في اليوم، وكانوا يسمحون لنا فقط بدقيقتين فقط.

كنا في زنازين انفرادية بعمق طابقين تحت الارض، وقد استخدموا لنا إنذاراً هو عبارة عن جرس يتم قرعه، وكان الجرس يقرع ليجبر كل سجناء العنبر على الوقوف لساعات طويلة تقدر بأربع ساعات في كل نوبة، وكان أول قرع للجرس أعقبه وجبة ضرب تلقاها معظم المتهمين في القضية وهم في زنازينهم، وبعدها أخبرونا عندما يدق الجرس نكون في وضعية الوقوف ولا نجلس إلا حين يقرع مرة أخرى، كان الجرس يقرع في أوقات الراحة والنوم في غالب الأحيان، وكان يقرع لأربع ساعات في كل نوبة وتطول مدة الوقوف لساعتين.

هل كانت تصلكم أخبار تفاعلات أحداث الشارع البحريني؟

لا، أبداً، كنا معزولين تماما عما يجري في الخارج بسبب منع الزيارة، وعندما وصلتنا الانباء قبل الإفراج بيوم فقط، إذ حدثت زيارة الأهالي لنا يوم الإثنين وفي يوم الثلثاء فجراً أطلق سراحنا.

كيف كان شعورك ومن معك فور وصول الأخبار لكم؟

- لقد كانت صاعقة نزلت علينا، وقد دب البكاء في أوساط المعتقلين وعلت الهتافات وضرب الأبواب، وقمنا بتأبين الشهداء بقراءة القرآن.

كيف تقرأون ما يجري في الساحة المحلية؟

- بداية كنت مدهوشاً بما حصل، وغير مصدق أنني في البحرين وفي دوار اللؤلؤة، ولكن أعتقد ان الظلامات والانتهاكات التي تعرض لها الشعب على مر الحقب أفرزت هذا الواقع اليوم.

هل أنت متفائل؟

-أنا جداً متفائل.

ألا تقلقكم بعض الشعارات التي تطرح سقفا عاليا للمطالب وترفض مبدأ الحوار؟

- أعتقد أن هذا النوع من القلق هو أمر طبيعي وخصوصا في ظل حركة شعبية يقودها أشخاص لا ينتمون إلى اي فصيل من فصائل المعارضة القائمة والمعروفة، وبمعرفتي بأبناء شعب البحرين فإنني أعتقد أن الشعب بمستوى عال من الوعي والمسئولية. وهو قادر ان يحرك الأمور بمسئولية كبيرة، ويتحرك بمقتضى المصلحة التي تنعكس على الوطن والمواطنين، وآمل أن تتشكل جبهة وطنية موحدة تقود حركة الشارع بما يحقق طموحات وتطلعات هذا الشعب.

باعتبارك رئيساً للجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب وأحد المتهمين الأساسيين في قضية ما يسمى بالخلية... هل لديكم تصور حول التعامل مع ضحايا الأيام الفائتة؟

- بادئ ذي بدء لقد كان حجم الضحايا كبيراً، وسقوط سبعة شهداء في فترة قصيرة جدا شيء مروع وهو امر مستنكر ومدان، ويجب المطالبة بالكشف الفوري عن الذين أصدور أوامر بإطلاق الرصاص الحي، وبالهجوم الغادر على المعتصمين دون مراعاة وجود أطفال ونساء في وقت متأخر من الليل، ويجب ان تكشف كل ملابسات هذه المؤامرة ومحاسبة المتورطين فيها أياً تكن مستوياتهم.

ومن جهة أخرى فإنني أطالب كل الفعاليات الشعبية وكل الجهات السياسية بشتى توجهاتها باحتضان أسر الشهداء وتكريمهم وتخليدهم، وبذل جهد كبير في توثيق جميع ضحايا المرحلة سواء الجرحى او الشهداء او الذي تعرضوا لأي نوع من أنواع الأذى من قبل رجال وزارة الداخلية أو قوات الجيش.

كيف تنظرون للجنة المشكلة للتحقيق في هذا الشأن؟

- نعم، قد يكون هناك لجنة رسمية شكلت، ولكن من المفترض ان تكون هذه اللجنة من جهات محايدة ليست مرتبطة بالسلطة، لجنة يثق بها ابناء الشعب وتقوم بواجبها على اكمل وجه بحيث انها تكشف الحقيقة وتضع النقاط على الحروف بما يؤدي إلى الإنصاف وملاحقة الجناة.

ما هو توقعكم للمرحلة المقبلة؟

- بلحاظ مشاهدتي بدوار اللؤلؤة أعتقد أن شعب البحرين قد تقدم قفزات في المطالبة بحقوقه، وألاحظ ان قطاعات الشعب كلها قد انضمت إلى هذه المطالبة، وعليه فإنني أتوقع تغييراً إيجابياً وجذرياً قادماً في الطريق. بل وأشدد على أن لا يخرج الشعب البحريني من هذه الأيام إلا وهو منتصر ومحقق لأهدافه السامية في الإصلاح.

العدد 3094 - الخميس 24 فبراير 2011م الموافق 21 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:32 ص

      الحمد لله على سلامتك ودمت ناصرا للمعذبين والشهداء

      الحمد لله على سلامتك يأ أخي وعزيزي، وقر عين والدتك الكبيرة في السن والتي روعت في أنصاف الليالي وأن تفخر بك كأبن بار بوالديه ورجل يدافع عن حقوق المعذبين والشهداء وإنه لعمل عظيم ليوقف هذا النوع البغيض من التعامل مع الشعوب المسالمة والمطالبة بحقوقها ونؤيدك على ضرورة محاسبة ومحاكمة كل من له صلة بإراقة الدماء وتعذيب الشعب المسالم المحبوب من الجميع ومن كل من عرفه وتعايش معه.

    • زائر 1 | 10:32 م

      المحماس

      بارك الله في هذه الأنفس التى عانت التعذيب والألام في سجون الظلم

اقرأ ايضاً