ستظل مسابقاتنا الكروية المحلية بمختلف أشكالها وأحجامها من أبرز المعضلات التي نعيشها بمعاناتها ومشكلاتها المتعددة، وهي ستظل تسير نحو الأسوأ سواء فنيا وجماهيريا بل وحتى أخلاقيا وكأننا ناقصين مصائب وهموم طالما أن أوضاعنا الرياضية عموما والكروية خصوصا ظلت على هذه الحال.
لاشك في أنها ليست المرة الأولى - ولن تكون الأخيرة - التي نكتب فيها عن وضع مسابقاتنا الكروية، وللأسف دائما لا حياة لمن تنادي والأمور يفضلها المسئولون أن تسير على البركة، لكننا ومن منطلق حرصنا على أن نشاهد مسابقاتنا بصورة أفضل نعاود الكتابة عن هذا (المرض المزمن) لعل الذكرى تنفع المؤمنين!
في اليومين الماضيين تابعنا نهائي كأس خادم الحرمين للأبطال، وكذلك نهائي كأس أمير قطر، وبدلا من أن تتركز أنظارنا واهتمامنا على مجريات اللعب والمستوى الفني بصفتنا متابعين، فإنني أجزم ومثلي الكثير من البحرينيين ظلوا يتابعون بحسرة إلى ما يحدث لديهم من أمور كثيرة تشد الأنظار إليها لأنهم ينظرون هناك إلى الأمور بعين مليئة بالاهتمام والجدية ورغبة التطوير والتغيير على عكس ما يحدث لدينا من عدم اهتمام غريب وتجاهل، لدرجة أن البعض قال لي في إحدى مباريات الدوري المحلى أنه لو كان القرار بيد اتحاد الكرة لألغى مسابقاته التي أصبحت تشكل هما وعبئا سنويا على الاتحاد وغيره من الجهات المعنية!
فمثلا في قطر، هناك مشكلة حقيقية في الغياب الجماهيري لغالبية مباريات الدوري، لكن الجهود لا تتوقف عند ذلك الحد، فنلاحظ جهودا مكثفة من اتحاد الكرة والأندية في ابتكار أمور تغطي الغياب الجماهيري من خلال الشعارات والأعلام وتنظيم الملاعب، فضلا عن الحرص على إخراج المباريات النهائية لكأس الأمير وكأس ولي العهد بصورة مختلفة تماما وتحولها من مجرد مباريات إلى أشبه بالمهرجانات الاحتفالية التي تتفاعل معها الجماهير والمقيمين.
من المؤكد أن ذلك ليس وليد صدفة بل نتاج جهود كبيرة وتخطيط واهتمام من جميع الجهات، ومحورها الرئيسي اتحاد الكرة يبدأ قبل انطلاق البطولة وتتركز عليها الجهود الرسمية والتنظيمية والإعلامية ومعها تتفاعل الجماهير، وللأسف بدلا من أن نستفيد من التجارب القطرية الإيجابية في إصلاح بعض مشكلاتنا ندهب لاستيراد تجارب سلبية من قطر (حتى القطريين أنفسهم بدأوا يرفضونها) مثل التجنيس!
أنا لا أطالب برصد الملايين جوائز مالية للجماهير، لكن المهم في هذا الصدد هو الاهتمام ورغبة العمل وابتكار وسائل تحفيزية وفق الإمكانات المتاحة، وأنه سبق لنا الاستشهاد بالحضور الجماهيري اللافت في نهائي بطولة سمو الشيخ ناصر بن حمد الرمضانية بين فرق غير رسمية، وكذلك دورة التعارف الصيفية، في الوقت الذي تعجز فيه جهات رسمية واتحاد الكرة عن التحرك بأية خطوات لجذب الجماهير، ويكفي أننا لا نعرف حتى الآن مصير مواعيد كأسي الملك وولي العهد، وأن المصيبة الأعظم إذا عرفنا أن البطولتين ستقامان في يوليو/ تموز المقبل وذلك في عز الصيف وموسم السفر... فذلك يجسد الواقع المرير في نظرتنا واهتمامنا بمسابقاتنا، فأية بطولة يرجى لها النجاح الفني والتنظيمي والجماهيري، أم أن العملية مثلما ذكرنا بداية أنها المهم إقامتها بأية صورة والسلام!
ولن نذهب لقطر لكي لا تقارن الأمور بالإمكانات، بل تعجبت قبل أيام من عرض لنهائي الدوري الفلسطيني عبر قناة أي آر تي، وشاهدت الملعب مليئا بالإعلانات والحماس الجماهيري والنقل من عدة قنوات رياضية، وقلت في قرارة نفسي حتى في فلسطين الجريحة يحدث ذلك... وحينها يتوقف اللسان عن الكلام المباح
إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"العدد 2445 - السبت 16 مايو 2009م الموافق 21 جمادى الأولى 1430هـ