العدد 3093 - الأربعاء 23 فبراير 2011م الموافق 20 ربيع الاول 1432هـ

البحرين في خطر

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ماذا يجري في هذا البَلد الحبيب؟!

يُقال إنها أزمة سياسية مفتوحة. لكن الظاهر هو أنها ليست كذلك فحسب، بل هي اليوم في حالة عِناق طائفي خطير. والناس بدأت (وبدفوع من جهات مشبوهة) في البوح بما يجب أن يُكتَم ويُسحَب من لقلقة اللسان. والمعلوم أن الذين يُشجِّعون على الطائفية هم فاقدين لأبسط أنواع الالتزام الديني، ولا هم بحريصين على مصالح أحد من تلك الطوائف الدينية، إلاّ طائفيّتهم السياسية ومصالحهم الضَّيِّقة.

كلُّ من بَشَّرَ بالطائفية في هذا البلد هو يُدرِك أن إيذاء الناس ببعضها البعض هو أسلَم الطرق وأفيدها بالنسبة له. لكنه نَسي أمراً حقيقياً وجوهرياً في الموضوع وهو أنه ينتمي في نهاية المطاف إلى عنوان طائفي، وبالتالي فهو امتداد طبيعي لذلك العنوان. والمعروف أيضاً أنه وفي المعارك الطائفية لا يستمر نصرٌ ولا خسارة وإنما نُدُوْبٌ ونياح ودموع ومجالس عزاء.

اليوم حديثٌ لازمٌ لكل البحرينيين وهم في أتون هذا الظرف العصيب. الحديث ليس للجماعات وإنما للأفراد. في هذه البلاد الحبيبة والغالية كلّ مَنْ لديه حِسّ إنساني (وليس ديني) عليه أن يقول لنفسه ولغيره، إنني وفي الأزمات السياسية لا أنتمي إلى طائفة وإنما إلى الوطن. كلُّ مَنْ لديه القدرة من الشيعة والسُّنّة على أن تحمله قَدَمَاه يجب أن يحجّ للآخر تعبيراً عن رفضه للطَّأفَنَة.

ما دَخْل السياسة، وما دَخْل مطالبها، وما دَخْل حِراكها وجدالها ومِرائِها في أن أكتشفَ أنَا البحريني شِيْعيَّتي أو سُنِّيَّتي بدل أن أكتشف وطنيَّتي؟!

أين التشيُّع عندما يتعدَّل الدستور الذي هو غطاء لكل البلد بحَجَرِهِ ومَدَرِه؟!

وأين التَّسَنُّن عندما يحكمني النظام القائم الذي هو صَنِيْعة التوافق والتسالم عليه؟!

أين التشيُّع عندما تتساوى الحقوق وتُلغَى شِرعة الامتيازات، وأين التَّسَنُّن عندما أكون ضمن رعيّة لا يكون فيها الراعي يحكمني بعين حَمِأة؟

كيف يُمكن لأناس مُتزاوجِين في الأرحام، وأصلابهم مُختلطة، ويعملون في أماكن واحدة، ومكاتبهم متجاورة صدراً بصدر، يُقدّمون العزاء لبعضم البعض في الأتراح، ويتبادلون التهاني في الأفراح أن يُزَجَّ بهم في صراع طائفي لن ينتهي إلاّ بما انتهت إليه المجتمعات الأوروبية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، أو بما انتهى إليه العراق إبَّان حربه الطائفية!

لا يستهينَنَّ أحد (أيّاً كان موقعه) بهذا الأمر؛ لأن ما يجب أن يُدرَك في القضية هو أن الصراعات الطائفية يُبَاحُ فيها كلُّ شيء، لأن البشر يرتدُّون إلى عهد جاهلي بحيث لا يرى المرء نفسه إلاّ على هيئة صاحب حق مُطلق وصاحب قضيّة مقدسة، وأن الآخرين هم أنجس الناس وأشدّهم انحطاطاً ورذالة، وأكثرهم خطورة على بعضهم البعض فيستلزم قتالهم.

ثم إن العالَم ليس كالعالَم السابق الذي لم يعلم فيه أجزاء من المغرب العربي بنكبة فلسطين إلاّ بعد مُضيّ أربعة أشهر، وإنما هو عالَمٌ مفتوح ولحْظِيّ يقرأ فيه الواحد ما يجري في آخر الدنيا دون الاعتماد حتى على فارق الوقت. لذا فهو عالَمٌ محكوم بمعادلات حسّاسة، وبمصادر قوّة مُتبدِّلة وقادرة على قلب الطاولة على الجميع في أيِّ وقت شاءت.

لا يُقلِّلَنَّ أحدٌ من أيِّ حادث ذي مدلول طائفي أو عرقي لأن يُقيم الدّنيا ولا يقعدها. فلم يكن يتصوّر أحد أن اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند وزوجته من قِبَل المتعصِّب الصربي جافريلو برينسيب سيُفجِّر الحرب العالمية الأولى ويُخلّف 37 مليون ونصف المليون بين قتيل وجريح. ولم يتخيَّل أحد أن بعض متفجرات تضرب مزاراً دينياً في سامراء بقادرة على إشعال حرب مذهبية مُرعِبة في العراق دامت لمدة ثلاثة أعوام وخلّفت عشرات الآلاف من القتلى.

هذه كلمة يجب أن تقال وعلى الجميع أن يفهم أن لا مِزَاح فيما قِيل.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3093 - الأربعاء 23 فبراير 2011م الموافق 20 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 6:03 ص

      4032

      انشا الله ان يحفظ البحري قو لو امين

    • زائر 21 | 4:35 ص

      ام بدر

      اي والله البحرين في خطر صدقت .....

    • زائر 15 | 1:24 ص

      في المعجم السياسي

      الطائفية كلمة يروج لها الحكومة و يغذيها و يجعلها كالبعبع لتغطي على مطالب وحقوق الشعب.

    • زائر 10 | 12:44 ص

      نعم الحديث يا أبا عبدالله

      فليسمع لمن كان له قلب و غيرة على وطنه و بلده،،
      فكلنا نعيش في البحرين و البحرين تعيش فينا ،،،،

    • زائر 8 | 12:30 ص

      هذا المهم

      وعلى الجميع أن يفهم أن لا مِزَاح فيما قِيل

    • زائر 5 | 11:52 م

      بقليل من الانصاف

      الحل في يد الحكومة

    • زائر 4 | 11:32 م

      صح

      كلامك عين الصواب. الله يحفظ البحرين واهلها.

    • زائر 1 | 9:45 م

      ماذا أقول ؟

      الطائفية ميتة لو لا أن الكتاب أيقظوا أعينها في المجتمع بما يكتبون عنها .
      اتركوا الحديث عن الطائفيةو اهتموا بالتنمية البشرية أفضل بكثير و أجدى

اقرأ ايضاً