بعد ستة أشهر على الحملة الأمنية (13 أغسطس/ آب 2010، إلى 14 فبراير/ شباط 2011)، تأكد الجميع أن خيار البلد لا يكون بالقمع والتنكيل والتضييق على الحريات، بل بالحوار الذي يشمل الجميع بلا استثناء.
وبعد مجزرة الخميس 17 فبراير 2011، تيقن من كان يؤمن أن الناس تخيفهم لغة الدم فأن التاريخ يقول له ان الوضع تغير، وأن لغة الماضي لم يعد لها وجود، وليت الجهات المعنية فهمت ذلك قبل أن يسقط الشهداء الواحد تلو الآخر، وقبل أن يمتلئ «السلمانية» بمئات المصابين بالرصاص الحي والشوزن والمطاط.
قدرنا في هذا البلد أن نعيش إخوة، ونؤمن حقاً بشعار«إخوان سنة وشيعة... هذا الوطن ما انبيعه»، فذاك لسان حال المواطنين الاصلاء منذ أن ولدنا وولد آباؤنا وأجدادنا في المحرق والحد والرفاع وسترة والبلاد القديم والدير وغيرها من المناطق التي عاش أهلنا فيها جنباً لجنب، وجاراً قرب جار.
حاول الكثيرون أن يوغلوا الصدور ويصوروا أن مطالب هذا الشعب، مطالب طائفة ضد أخرى، وليست مطالب شعب ما يجمعه أكثر مما يفرقه، لذلك فشلوا وخاب مسعاهم، وها هم مواطنونا في الفاتح ودوار اللؤلؤة يرفعون مطالب الإصلاح والعدالة والحرية.
وليس لعاقلٍ في هذا البلد إلا أن يضحك، عندما يرى البعض يريد أن يصور أن فئة من الشعب الأصيل لا تريد أن يتوقف التجنيس الذي نخر في مستقبل السني قبل الشيعي، ومن منا لا يريد ذلك؟
ومن منا يرفض الإصلاح؟، ومن منا يرفض توسيع المشاركة الشعبية في القرار، ومن منا يرفض أن نحصل على برلمانٍ حقيقي يوقف سرقات الأراضي التي نهبت أراضي المحرق والرفاع قبل كرانة والدراز؟
ومن منا يرفض أن تسود المساواة بين أبناء الشعب الواحد، ومن منا لا يرفض أن يقسم المواطنون إلى درجات في مواطنتهم، ومن لا يريد أن توزع الثروة على المواطنين لا على الأجانب؟
ومن لا يقبل بالحرية ويرفضها، ومن لا يريد الكرامة والعدالة، ومن منا لا يريد أن يكون إعلامنا حراً، من منا لا يرغب في العيش الكريم، ومن من هذا الشعب لا يريد إصلاحاً حقيقياً؟
مخطئ جداً من يظن انه قادر على استعداء طائفة ضد أخرى، ونحمد الله أن أبناء هذا الوطن جميعاً أوعى من ذلك، وما شاهدناه في جامع الفاتح، وفي دوار اللؤلؤة على مدى الأيام الماضية، يؤكد أن قدر هذا الشعب إذا ما أراد الكرامة والحرية والخير أن يضع يده في يد الآخر، وقلبه على قلب الآخر.
لا أحد في البحرين يختلف على أنه حان الوقت ليحصل المواطنون الاصلاء على ديمقراطية حقيقية وأساسها المواطنة وسقفها العدالة والمساواة.
لا أحد يريد أن يهمش أحداً، لأن أبناء هذا الشعب قاسوا المر والألم عقوداً من الزمن جراء التهميش والتمييز وبذر الشقاق والنزاع، ولا احد يقبل أن يذيق غيره في الوطن من هذه الكأس، جميعنا سنة وشيعة من الاصلاء شركاء في هذا الوطن وتقرير مصيره، ومن حقنا جميعاً أن نطير بالوطن بجناحيه بعيداً عن الطائفية والتمييز والفساد إلى فضاء الحرية والمشاركة الشعبية الحقيقية في القرار.
يدنا يجب ان تكون ممدودة لجميع أبناء هذا الوطن بجميع طوائفهم وتلاوينهم، لنكون شركاء حقيقيين في الوطن، والشكر كل الشكر لكل مواطن شريف يقول هذه الأيام أريد حقي كمواطنٍ، وليس كشيعي أو سني.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 3093 - الأربعاء 23 فبراير 2011م الموافق 20 ربيع الاول 1432هـ